الممثلة السورية القديرة رغدة، من القليلات اللواتي لم تخفنّ من إطلاق آرائهن الجريئة مع بدايات الأزمة السورية، وقتما كانت الترجيحات تصب كلها لصالح سقوط نظام بلادها وفوز المعارضة السورية مثلما حدث في مصر وليبيا والعراق، إلا أن الدب الروسي الذي عاد وفرض حضوره بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، غيّر المعادلة وأفشل المؤامرة الغربية في سوريا.
رغدة لم تأبه لمصير الحرب، وأعلنت تأييدها لنظامها وجيشها وتعرّضت لهجوم دولي كبير من المتطرفين والمتشددين، ووُضع إسمها على لائحة المطلوبين، وهُددت بالقتل وضُربت عندما ألقت قصيدة في مصر، لكنها لم تتراجع، وفضلّت الأمان والإستقرار على المصير المجهول الذي سيحيط بسوريا في حال إستلمت الجماعات الإرهابية الحكم.
رغم تأييدها للنظام الحاكم في بلدها، لم تتطرف وتحدثت عن الفساد الذي يتفشى بالإدارات الرسمية، وطالبت بالإصلاح وبإقرار قوانين جديدة، والسماح بنشوء أحزاب معارضة وطنية، وقنوات سورية غير رسمية، ما لم ينادِ به أي فنان مؤيد مطبّل لأجل دورٍ أو مصلحة، أو معارض محرّض على القتل والدم من أجل حفنة من الأموال الخارجية.
عانت من تهجم بعض الفنانات اللواتي تبيعن كلّ شيء لأجل مصالحهنّ الخاصة، وتستخدمن عواطف الشعوب كي تتسلقن على ظهورهم وتظهرنّ كبطلات وقوميات حقيقيات، منهن أصالة التي شمتت برغدة بعدما ضُربت، إلا أنها ردت برقي، ودعتها إلى العودة إلى أحضان بلدها، قائلةً: (الله يسامحها).
يعاني الشعب السوري اليوم من نتائج الحرب المدمرة التي عاش ويلاتها لمدة ثمان سنوات، وآخرها: إرتفاع أسعار المحروقات من البنزين والمازوت بشكل جنوني، غير إنقطاع الكهرباء بشكل مستمر في غالبية المحافظات السورية… رغدة لم تترفع، وكانت وجهت خطابًا جامعًا للسوريين…
اليوم تثبت إن كلّ تحليلاتها منذ بداية الأزمة صحيحة، وإنها لم تخطئ ولم تبيع مبادئها للفوز بشعبية ما، وكانت عانت من مواقفها بعدما منعت إحدى القنوات في الخليج عرض أعمالها، إلا أنها لم تستسلم، وصمدت وعاندت لتثبت أخيرًا أنها على حق، وأن محبتها لوطنها سوريا حقيقية وكلّ المواقف نابعة منها، وليس لأنها تأله الشخوص والقادة كما إتهموها.
عبدالله بعلبكي – بيروت