بزمنٍ يكتظُ بمآسينا مبتور بأحزاننا، أطلقت الممثلة اللبنانية داليدا_خليل أغنيةً، أعادتْ لنا الفرح ولو جزئيًا، تحت عنوان (شيك أوي).
العمل مُبهج يساهم ولو بضآلةٍ بنشر الطاقات الإيجابيّة، وينسينا ولو جاهدًا، ما مررنا به من آلام مُعلنة وخفيّة.
تظهر داليدا كراقصةٍ محترفة مع عدّة راقصات من أنماط اجتماعيّة غير متشابهة، يحملن معالم شكليّة متناقضة، تحت إدارة وإخراج بيار خضرا الذي درّبهنّ، وأشرف على اللوحات الراقصة بالكامل.
إقرأ: داليدا خليل بعد شفائها من كورونا: (مقهورة والله ما بيترك حدا)!
تحرّر المرأة، رضاها عمّا تراه أمام المرآة، مهما رسم الله شكلها، ثقتها بخصوصيّة تمتلكها وتميّزها عن الأخريات، رسائل مهمة شعرنا بها، أضافت لكليب داليدا رمزيّة إنسانيّة واجتماعيّة.
لم نستغرب ليونةَ ورشاقةَ النجمة اللبنانية، التي سبق وقدّمت أجمل وأتقن اللوحات الراقصة خلال مشاركتِها ببرنامج (رقص النجوم) بموسمِه الثالث.
داليدا تمتلكُ خامةً صوتيّة مقبولة، سخّرتها جيدًا بأغنية تحقق تفاعلًا ملحوظًا، امتزجت إيقاعاتها بين الموسيقتيْن الغربيّة والشرقيّة.
(الدنيا زي رقصة، من غيرها الفرحة ناقصة، اللحظة الحلوة خدها، والحزن أقوله انسى)، كلمات كتبَها أسامة محرز، لحّنها محمد يحيى.
الصورةُ جميلة، الألوان متناسقة، الإضاءة جيّدة، الأفكار مترابطة، الطفولة رافقتْ المشاهد بنوستالجيا حالمةٍ، أُرمز إليها عبر الأطفال الذين تنقّلوا من مكانٍ لآخر، يراقبون ماهيّة وأبعاد رقصات داليدا مع رفيقاتها.
داليدا تحرّرت من كلّ الأعباء والضغوطات، رقصتْ وكأنها سيّدة قرارها، بثقةٍ بحماسٍ بحرفيّةٍ بفرحٍ، والأهم بجرأةٍ ربما لم تحصد إعجابْ كثيرين، لكنها حصدت بوصلة الرسالة، فلم تأتِ خارج السياق الفكري للعمل.
ما ارتدته ترتديه أهم الرقاصات وأكثرهنّ إتزانًا، وارتدته سابقًا مرارًا، الإيحاءات غير تجاريّة، خدمت فكرة الحريّة، ولم تجعل من جسد داليدا سلعةً.
لم تعرض الجسد بهدف المتاجرة به، بل جعلتنا ننظر إليه ملكًا خاصًا بها، تراقص أعضاءه كما تريد ونحترمه، ما يعزّز خصوصيّة المرأة وقوة شخصيتها.
يبقى أن نقولُ هنا إنّنا أمام فنانة تحظى بكلّ مقومات الفن الاستعراضي، ويمكن لها أن تلعب عروضًا صعبةً بسلاسةٍ وامتاعٍ.
(شيك أوي) قد يفتح لداليدا أبوابًا لأعمال تستغل بها كلّ مكامن موهبتها، من التمثيل للغناء للرقص.
شموليّة ما، نحتاجها وتثري الفن اللبناني، غابتْ عن الأنظار، بعدما ابتعدت أو أُبعدت، إحدى أهم الأيقونات وهنا نقصد مادونا القديرة، دون منازع.
عبدالله بعلبكي – بيروت