دريد لحام
أقول للرقابة: لا تخافوا مما يقال بل ممّا لا يُقال!
  • أتمنى أن لا تسمع إسرائيل بهذا الجسر، لأنها تضرب كل الجسور التي تسمع بها.
  • إيقاف برنامج «على مسؤوليتي» كان أكبر من قرار الـ mbc لا يهمّ لو شتمتني الصحافة السورية أو انتقدتني.. لأنّ الهجوم لا يؤثّر فيّ!
  • حنان الترك موهبة متميّزة تختصر في داخلها شريهان وسعاد حسني..
  • اعتبرتُ نفسي مزعجاً لإسرائيل.. فرفَعَتْ شكوى ضدّي!
  • أتمنّى ألا تسمع اسرائيل بهذا الجسر.. لأنها تضرب كلّ الجسور التي تسمع بها!

في جلسة دمشقية أكثر من ممتعة مع الفنان الإستثنائي جداً والكبير جداً دُرَيْد لحّام، فتح قلبه وتحدث، كما لم يتحدث من قبل.. فقال:

«قلتُ على بوابة فاطمة في الجنوب إني أفتخر بصداقتي للمقاومة. أثار هذا الأمر حفيظة أميركا وإسرائيل، اللتين تعتبران المقاومة إرهاباً، فتقدّمت إسرائيل بشكوى لليونيسف وبدورها اليونيسف أرسلت شخصاً وسألني عن صحة هذا الكلام، فقلت له: نعم.. قلت هذا الكلام بدقة وإذا أردتم أن تخيّروني بين موقفي الوطني وجواز السفر الدبلوماسي، فأنا أختار موقفي الوطني وهذا جوازكم لا أريده».. وتابع:

«هذا الموضوع أسعدني لأني اعتبرت نفسي مزعجاً لإسرائيل، وهذا ما دفعها للشكوى ضدي.. وقد نُشِر موضوع في إحدى الصحف الإسرائيلية، أنني قمت برمي الحجارة على الجنود الإسرائيليين أثناء زيارتي للجنوب وهذا كذب، لأنّ الجنود الإسرائيليين يختبئون خلف الإسمنت والأسلاك الشائكة وينظرون إلينا من فتحات صغيرة داخل جدار الإسمنت، ولا يستطيع أحد إدخال الحجارة إلى هذه الفتحات إلا الصيّاد الماهر.

* نرى الآن تحولاً في أعمال دريد لحام، فهل من الممكن أن نراك في فيلم أو مسرح يعيدنا إلى الماضي؟

– كل فنان يحب التنوع. السيدة أم كلثوم غنت الأغنية الطويلة والأغنية الطقطوقة، وأبدعت في الإثنتين. ولا أستطيع أن أجيب بنعم أو لا، لأنني ما أزال أعمل حتى الآن بروحية الهاوي وليس المحترف. لذا، عندما أجد فكرة تخطر ببالي وتتلاءم مع تطلّعاتي الفنية والوجدانية أقوم بها. لكن بالتأكيد، فإن أي عمل سأقدمه يجب أن يكون له هدف قريب أو بعيد، ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بمسألة المواطنية والوطن، ليس من الزاوية السلبية فقط، بل من الممكن أن يكون العمل للتأكيد على الإيجابيات.

* لماذا ابتعدت عن المسرح ؟

– تركت المسرح ولم أبتعد عنه لعدة أسباب. أولها أن المسرح يحتاج إلى طاقة نفسية وبدنية كبيرة، ولم أعد أملك هذا الطاقة. وثانيها أن المسرح، الذي أقدمه، هو مسرح ملتزم بالقضايا الكبرى للعالم. والمشكلة أنّ القضايا الكبرى لم تعد من اهتمام المواطن العربي، بل أصبح اهتمامه ينصب على مواجهة متطلبات الحياة المادية تحديداً. فأصبح توجهه إلى هذا الهمّ أكبر من اهتمامه بالقضايا كبيرة.

دريد لحام
أتمنى أن لا نصاب بالغرور لأنه قاتل..

* شاهدناك عبر قناة mbc وحالياً عبر قناة المنار، هل أسعدتك التجربة؟

– إنها تجربة جديدة، وأنا سعيد بها خصوصاً أنني استطعت الحديث بشكل مباشر مع الجمهور وتسمية الأشياء بأسمائها. ولهذا كنت أقول في برنامج «على مسؤوليتي»: نراكم في الحلقة المقبلة «إذا ما صار شيء». أما في المنار فلم أقل ذلك، لأنه لم يحدث أكثر مما حدث. وأهمية هذه التجربة بالنسبة لي كانت بأني أستطيع طرح أي قضية وهي ساخنة دون انتظار.. أما العمل الدرامي فيحتاج إلى وقت لإيصال الرسالة.

* ما سبب إيقاف برنامج «على مسؤوليتي»؟

– لا أعرف، لكن أظن أنه أكبر من قرار الـ mbc

* كيف بُلّغت بإيقافه؟

– لم أبلّغ.. قالوا يجب تغيير هذا البرنامج لأنه استنفذ أغراضه، فقمنا بتنفيذ برنامج للأطفال عوضاً عنه، لكنني أشعر بأن إيقاف «على مسؤوليتي» جاء نتيجة ضغط من بعض الجهات.

* ما هو أكثر برنامج استمتعت بتقديمه؟

– برنامج «هلّ الهلال» على قناة المنار. لأني وجدت نفسي به، ولأنه يصب ضمن خطي الوطني الذي أحبه و أعشقه.

* هل قابلت السيد حسن نصر الله؟

– في هذه الفترة لا. لكن التقيت سماحة السيد منذ ثلاث أو أربع سنوات.

* ما الإنطباع الذي تركه في شخصيتك ؟

– السيد حسن إنسان مذهل بتواضعه، علمه، فهمه للعصر. ولهذا عندما تجلس في حضرته تشعر أنك محاط بمجموعة خصوصيات (نظرته – حديثه) بالإضافة إلى إخلاصه، عظمته، صموده وفقره فهو مازال يسكن في بيت بسيط ويلبس ثياباً بسيطة.

دريد لحام
أم كلثوم غنت الأغنية الطويلة والأغنية الطقطوقة، وأبدعت في الإثنتين

* «أيام الولدنة» مسلسل منع من العرض في سوريا..لماذا؟

– لا أعرف لماذا مُنع. لقد أقِرّ من لجنة الرقابة، وتمت الموافقة عليه. قد تكون خلافات مع لجنة الرقابة النهائية بسبب المبالغة في تجسيد الشخصيات.. أظن أن هذا هو سبب المنع.

* هل أنت مع هكذا قرارات؟

– أنا لست مع منع أي شيء. وأقول للرقابة: لا تخافوا مما يقال، بل من الذي لا يقال.

* كيف تصف علاقتك بالرقابة؟

– ليست سيئة وليست جيدة. لأنّ في داخلي رقيب يعرف ما يجب أن يُنشر.

* ومع الصحافة؟

– علاقتي بالصحافة جيدة.

* أقصد كيف هي علاقتك بالصحافة السورية تحديداً؟

– لا يهمّ لو شتموني أو انتقدوني.. فالنقد أو الهجوم لا يؤثر فّي. مثلاً كتب أحد النقاد عن مسرحية «كاسك يا وطن» صفحة كاملة، وقال إنه لم يشاهد المسرحية، لكنه انتقد كراسات المسرحية التي تحوي إعلانات. والمعروف أن أي عمل مسرحي يأخذ إعلانات لتغطية نفقات الكراس. فتخيّل هذا النقد في صفحة تحوي أيضاً إعلاناً لمُنتَج معين .

* على هذا المكتب الجميل أشياؤك القديمة، من نظارة «غوّار» إلى طربوشِهِ.. هل تتمنى أن تعود تلك الأيام؟

– كنت سعيداً بتلك الأيام لأنها تاريخي. لكن يجب على الإنسان أن يتمنى شيئاً قابلاً للتحقيق، وأن ينظر إلى تاريخه، هل هو راضٍ عنه أم لا. ورغم هذا التاريخ (٤٦ عاماً) أعتبر أنني ما زلت في الخطوة الأولى، وهذا الإحساس يدفعني للسير إلى الأمام.

* هل ما زالت العلاقات مستمرة مع الفنانين السابقين/رفاق الدرب؟

– مع بعضهم.

* ومعك أنت؟

– ليس لدي أصدقاء بل زملاء. فأصدقائي خارج الوسط الفني وهم قلائل كـَ ناجي جبر الذي يزورني دائماً.

* ياسين بقوش؟

– لا يزورني. عرضنا عليه دوراً في مسلسل «عودة غوّار» لكنه رفض.

* رفيق سبيعي؟

– هناك سوء تفاهم. نقل لي البعض أنه في مذكراته، التي لم أقرأها، تحدث عن أشياء مادية. وهنا أقول: لو أنه شعر أنه مغبون مادياً منذ ثلاثين عاماً لماذا ظل صامتاً حتى الآن؟ (يتابع)مشكلتنا، في الوسط الفنّي السوري بشكل خاصّ، أنّ الود موجود خارجياً أما داخلياً فهناك عداوة. لهذا، نجد أن سكاكين الطعن بالآخرين تحضر في أي جلسة.

* ضمن هذه المذكّرات، تم تحميل دريد لحام مسؤولية إفشال الثلاثي (دريد – نهاد – أبو صياح) وبناء نفسه على حساب هؤلاء الأشخاص؟

– كل شخص يكتب ويقول ما يريده. وأنا غير معني بالرد على هذا الموضوع. لكن نحن لم نكن فرقة واحدة لها بداية وليس لها نهاية.

تعاونّا (نهاد وأنا) مع الآخرين حسب ضرورات العمل. وهنا أقول: يبدو أنه انزعج عندما أحضرنا شخصية أبو عنتر في «صحّ النوم» واعتبر أنه بديل عنه، ونحن نتحدث طبعاً عن أيام ١٩٧٣.

* ماذا تقول عن فيلم «الآباء الصغار»؟

– «الآباء الصغار» هي مسألة الحلم الذي يبدو مستحيلاً.. فبالإرادة يصبح الحلم ممكناً. وكيف تتحقق أحلام العائلة عن طريق الإرادة؟ ففي حياتنا العامة ،الأب يعمل ليتابع أطفاله تعليمهم. أما في «الآباء الصغار» فعلى العكس، الأبناء يعملون ليتابع الأب تعليمه.

* كيف تم التعامل مع الأشقاء المصريين في «الآباء الصغار»؟

– القصة والسيناريو من كتابتي، وصاحب الشركة المنتجة صديقي طلب مني التعامل معه، فقدمت له سيناريو العمل، علماً بأن القصة مكتوبة منذ عام ١٩٧٠.

دريد لحام
في داخلي رقيب يعرف ما يجب أن يُنشر

* من رشح حنان الترك؟

– كان هناك عدة ترشيحات. وباعتبارهم شركة منتجة وافقوا على كل الترشيحات. وفضلوا الفنانة حنان الترك للعمل في هذا الفيلم، لأنها موهبة متميّزة تختصر في داخلها شريهان وسعاد حسني. لكنها ليست بديلة عنهما.

* ألم تفكر أن تختص بموضوع الإخراج بعد عدة تجارب إخراجية لك؟

– لا أبداً، لست مخرجاً لأعمال الآخرين. طُلب مني مرة أن أخرج عملاً مصرياً للراحل أحمد زكي. لكني لم أوافق، لأني لا أخرج إلا الأعمال التي أكتبها أو أشارك في كتابتها.

* ما رأي دريد لحام بهذا التبادل الحاصل بين سوريا ومصر بالفن؟

– هذا التزاوج ضروري. لأن وحدة الشعوب تبدأ من وحدة الثقافات والتفكير قبل القرارات السياسية.

* أثناء الحرب على لبنان، استقال عدد من الشخصيات من مناصبهم كسفراء للنوايا الحسنة فلو أنّ دريد لحام ما يزال في منصبه، ماذا كان سيفعل؟

– الشرعية الدولية خدعة كبرى. هناك شرعية إسرائيلية أميركية فقط. فمثلاً إذا طُرح قرارٌ في مجلس الأمن ووافق عليه الأعضاء كافة باستثناء عضو واحد فقط، يُلغى هذا القرار… فأي شرعية هذه؟!

وبعد أن انتهى اللقاء المسجل حدثني عن الدراما السورية فقال:

الدراما السورية في زهو وانتشار يُفتخر به. ويبقى لها أن تصنف. فمنها الجيد، ومنها الوسط والرديء. وهذا عائد للكمّ طبعاً لكن أتمنى أن لا نصاب بالغرور، لأن الغرور قاتل.

وفي حديثه عن الوجوه الشابة تحدث عن الفنان قصي خولي، وذكر بأنه الوحيد الذي حضر في هذه الأثناء في ذاكرته. أما الفنانات الشابات فذكر اسم الفنانة أمل عرفة. وقال إنها الأحب لقلبه. وهذا لا يعني أنه نسي بسام كوسا،منى واصف، سلمى المصري … وآخرين .

وختم قائلاً:

– أشكركم جزيلاً. فبدون شك هذه الصحافة تبني بيننا وبين الناس جسراً من المحبة والتفاهم. (يتابع ضاحكاً) أتمنى أن لا تسمع إسرائيل بهذا الجسر، لأنها تضرب كل الجسور التي تسمع بها.

ثائر العجلاني وعلام درغام مكتب الجرس – دمشق 2006

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار