ان الفيروسات تؤثر على الجهاز التنفسي عندما يدخل العفن المخاطي أو الرذاذ التنفسي إلى جسمك عبر عينيك أو أنفك أو حلقك. وغالباً ما يحدث ذلك من خلال يديك. وتتيح اليدان إحدى الوسائل الأكثر شيوعاً لانتشار الفيروس من شخص إلى آخر. وأثناء انتشار الأوبئة، فإن أحد أرخص الطرق وأسهلها وأهمها لمنع انتشار الفيروس هي غسل يديك بصفة منتظمة بالماء والصابون.
لقاء غسيل الأيدي بين بوش وأوباما.. للوقاية من الانفلونزا
التقى الرئيس السابق جورج دبليو بوش بالرئيس السابق باراك أوباما في البيت الأبيض منذ أكثر من عشرة سنوات، ولم يكن هذا هو الحدث الملفت للنظر وقتها إلا ان ما تحدثت عنه وكالات الأنباء حول غسل الرجلين أيديهما بعدما تصافحا هو ما أثار الاهتمام وقتها.
فبعد أن تصافح في البيت الأبيض طلب أوباما “الجل” المعقم للأيدي حسب ما أشار أوباما نفسه في كتابه الشهير “جرأة الأمل”. ولم يكن هذا تقليلًا من قدر جورج بوش لدى أوباما إذ طلب بوش أيضا من أحد مساعديه، أن يسكب جرعة كبيرة من معقّم الأيدي على يده، قائلا: هذا شيء جيد قد يحميك من أن تصاب بالأنفلونزا.
كان مشهد غسل الأيادي بعد المصافحة قبل أمرًا غير لائق، بل وربّما يسبّب خلافات تصل حتى الاشتباك بالأيادي النظيفة منها، وغير النظيفة.
لا يتصور الكثير من الناس أهمية غسيل الأيدي للوقاية من العديد من الأمراض المعدية. وبالرغم من أن غسيل الأيدي عملية بسيطة للغاية ولا تُكَلِف شيئًا إلا أنها مسألة في غاية الأهمية.
ونظرًا لأهمية غسيل الأيدي حرصت الجهات المهتمة بالصحة العامة، وعلى رأسها «منظمة الصحة العالمية»، على التذكير بأهمية غسل الأيدي بانتظام، ولا سيما قبل تناول الطعام وبعد مغادرة دورات المياه ولدى تغيير حفاضات الأطفال وعند مداواة الجروح أو لمس أماكن الالتهاب الجلدية وغيرها من الأعمال التي تشكل فيها النظافة أهم عناصر الوقاية من الأمراض.
غسيل الأيدي بين بريطانيا وألمانيا واستراليا
من المعروف على نطاق واسع أن أخطر مكان لتجمع الجراثيم في جسم الإنسان هو اليد. وبناءً عليه، تقوم الفكرة الأساسية من «يوم غسل الأيدي العالمي» بالماء والصابون على التأسيس لعادة ترسخ في المجتمع، وتصبح بمرور الأيام عادة أو تصرفاً تلقائياً، لأيٍّ كان داخل البيوت، وفي المدارس والمطاعم ومواقع العمل. وبخلاف التصور القائل إن قلة الاغتسال ـ وبالذات غسل الأيدي ـ بالماء والصابون حكرٌ على المجتمعات الفقيرة في دول العالم الثالث، يشير مسح ميداني أجراه معهد الصحة العامة وطب المناطق المدارية التابع لجامعة لندن إلى أن البريطانيين بنسبة لا بأس ليسوا من الشعوب التي تحرص على عادة غسل الأيدي بانتظام. إذ تبين أن 28 بالمئة من البريطانيين تحمل أيديهم جراثيمَ لها صلة بفضلات الجهاز الهضمي كالإنتروكوكاس والإي كولاي والكليبسييلا وغيرها.
وفي استراليا تبين أن حوالي ثلث الرجال الأستراليين لا يغسلون أيديهم بعد استخدامهم للمراحيض العامة، وأن رجالاً كثيرين يمسحون أيديهم بثيابهم بعد تلبيتهم لنداء الطبيعة، وأن نسبة لا بأس بها من النساء تصل إلى 10 بالمئة لا يفعلن ذلك أيضاً.
وفي ألمانيا يقولون أنه يمكن تجنب انتقال نحو 100 ألف عدوى مرضية سنويًا في المستشفيات الألمانية عن طريق غسيل اليد. وإذا كان هذا هو الحال في ألمانيا وبريطانيا واستراليا فما بالك بدول أخرى لا يصل إليها الماء ولا الكهرباء.
أما الآن فقد تغيّر الوضع، ويجب أن يتفهم الناس أهمية غسل الأيدي حتى بعد المصافحة، وبطبيعة الحال فإن هذا الإجراء لا يقلل أبدًا من شأن الشخص حتى ولو كان رئيس جمهورية.
ومن المعروف أن الجراثيم والميكروبات والتي يُقدر عددها بمئات البلايين تعيش مستكينة في أيادي الغني والفقير.. العربي والأمريكي.. الأبيض والأسود على حد سواء.
وفي الدول المتقدمة وخاصة بين كبار الشخصيات نجد الكثيرون يزيدون من احترامهم لمن يصافحونهم ثمّ يلهثوا مسرعين لغسل أيديهم بسائل “الجل” المطهر من الجراثيم والميكروبات، وانتشر الجل المطهر الآن في كل مكان – في الجمعيات والسوبر ماركت و الصيدليات وحتى في الكثير من المحلات التجارية، ويستعمله الناس كبديلًا عن الماء والصابون وخاصة في الأماكن والظروف التي لا يتوافر فيها الماء .
وفي الشتاء حيث تزيد حالات البرد والنزلات الوافدة (الأنفلونزا) يحرص الناس وخاصة الذين لديهم درجات عالية من الوعي الصحي أشد الحرص على غسل الأيدي، ليس بعد الأكل فقط، وإنما حتى عند المصافحة أو مسك أشياء مثل العملات المعدنية وأوراق النقود والتليفونات العمومية ومقابض الأبواب ولعب الأطفال وغيرها.
وقديما كان الناس يتهمون البعض بالوسوسة عند كثرة غسل الأيدي وبعد كل صغيرة وكبيرة ولكن هذا الشيء البسيط والمهم في نفس الوقت صار ضرورة وحتمية وبات هذا “الشيء الجيد” الآن في متناول الجميع في المطاعم ووسائل النقل الجوي والبري.
وما زاد من الإقبال على الجل والمطهرات هو تنامي المخاوف من انتشار بكتيريا خطيرة مقاومة للمضادات الحيوية القوية مثل المثيليسين، تسمى “المكورات العنقودية ستافيلوكوكوس أوريوس” أو MRSA–WR والتي أصبحت تهدد صحة الملايين من الناس نظرًا لكثرة استخدام المضادات الحيوية على الفاضي والمليان مما سبب مقاومة هذا النوع من البكتيريا لكافة أجيال المضادات الحيوية المستخدمة على نطاق واسع.
وبالنظر لكون اليدين تعدّ من أكثر أعضاء الجسم نشاطًا لدى الإنسان، نستخدمها يوميا آلاف المرات، وهي معين لنا في كل شيء، فلا تتصور أبدًا أن يحيا الانسان بدون يديه، فاليدين هي صديقة الانسان الأولى، فترى الناس دائمًا يقولون هذا الانسان هو ذراعه اليمين، أي لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن هذا الذراع أو تلك الأيدي إن لم تهتم بها وتنظفها باستمرار فقد تنقلب على صاحبها وتكون هي سبب تعاسته.
واليدان إن لم نهتم بنظافتها قد تتسبب بأمراض كثيرة، ولاسيما في المستشفيات التي تعدّ مرتعا للفيروسات والبكتيريا.
ففي مستشفيات أمريكا مثلًا تسجّل سنويا 1.7 مليون حالة تلوث بسبب عدم تعقيم الأيادي. ووفق منظمة الصحة العالمية، فإنّ 10 بالمائة من الزيارات للمستشفيات في الدول الصناعية، يكون السبب فيها إصابات بفيروسات وبكتيريا تمّ التقاطها من مستشفى ودور الرعاية الصحية. أما النسبة فترتفع في الدول النامية إلى 25 بالمائة.
ونظرًا لأهمية غسيل الأيدي خصصت منظمة الصحة العالمية يوم عالمي لغسل الايدي على الإطلاق، ويُحتفل باليوم العالمي لغسل اليدين في 15 أكتوبر من كل عام أكثر في 60 بلداً عبر القارات الخمس في محاولة لحشد الملايين في أرجاء العالم وتحفيزهم على غسل أيديهم بالصابون.
كيف تغسل يديك:
يظن البعض أن عملية غسل اليدين حتى تصبح خالية من البكتيريا هي عملية سهلة ولكن للتقليل من أخطار التلوث بالميكروبات يجب على متداولي الأغذية في البيت وخاصة الخدم الذين يقومون بتجهيز الأكل لأفراد الأسرة ما يلي:
- أن تتم عملية غسيل الأيدى بصورة جيدة باستخدام الماء والصابون.
- تنظيف راحة اليدين.
- الرسخ.
- تنظيف ما بين الأصابع بشدة ..الخ – بالإضافة إلى غمر اليدين بمحلول مطهر.
- ضرورة تجفيف الأيدي بعد الغسيل ويفضل باستخدام فوط ورقية.
- ضرورة غسيل وتطهير كل من الأيدى وأغطية الأيدى (في حالة استخدام القفازات) فى الحالات الآتية:
- قبل بدء العمل.
- بعد الكحة والعطس وتنظيف الأنف …الخ.
- بعد استخدام دورة المياه.
- بعد لمس أى أشياء غير نظيفة مثل القواعد الخشبية والأرضيات والصناديق.
د. وليد ابودهن