تساهم التمارين الرياضية في تقوية عضلات الحوض وينصح خبراء اللياقة بممارسة تمارين التمدد وتمارين كيجل لمعالجة تلك الاضطرابات.
أكثر من ثلث النساء يعانين من مشكلة ما في عضلات قاع الحوض، في مرحلة من مراحل حياتهنّ. البعض يشعرن بتدلّي أعضاء الحوض Pelvic Organ Prolapse-WR خصوصًا بعد الحمل والإنجاب، والبعض الآخر يعانين من السيطرة اللاإرادية على إفراز البول أثناء السعال أو العطس، في حين أن هناك فئة كبيرة منهن تشعرن بانخفاض ملحوظ في الرغبة الجنسية، وكل ذلك يحدث من دون أن تتجرأ المرأة على البوح بمشكلتها، ظنّاً منها أن مثل هذا الوضع طبيعي ولا مفرّ منه، إلا أن صمتها الطويل قد يفاقم المشكلة، في حين أن الحلّ أبسط مما تعتقد.
أهمية عضلات قاع الحوض
عضلات قاع الحوض جزء من مجموعة عضلات تنقسم إلى 4 أقسام: عضلات الحوض، عضلات الظهر، عضلات البطن والـ diaphragm (عضلة الحجاب الحاجز): “هذه العضلات تعمل بتناغم تام لحماية الجسم، ولخلق حالة من التوازن ومساعدة المرأة في مهامنا اليومية”.
بالنسبة لعضلات قاع الحوض تحديداً، فأنها عبارة عن شبكة العضلات التي تحمل أعضاء الحوض (الأمعاء، المثانة والرحم) وتساعدهم على تأدية أدوارهم ووظائفهم في الجسم. فمثلاً عندما تنقبض عضلات الـpelvic floor (قاع الحوض)، يتم رفع الأعضاء وتشديد فتحات المهبل والشرج ومجرى البول، وعند استرخاء هذه العضلات يمكن إطلاق البول والبراز من الجسم.
أن عضلات قاع الحوض تلعب دوراً مهماً في الوظيفة الجنسية، بحيث يمكن للعضلات القوية أن تقلل الآلام التي يختبرها البعض أثناء ممارسة الجنس، زيادة القدرة على الوصول إلى النشوة الجنسية واختبار اللذة الجنسية بشكل أقوى; وعندما يتقلص المهبل في وقت الوصول للنشوة الجنسية، يزيد ذلك الإحساس بالنشوة.
ان بعض العوامل التي يمكن أن تؤثر سلباً على حالة عضلات قاع الحوض وتساهم في إضعافها، مثل التقدم في العمر، استخدام العضلات بشكل كثيف وخاطئ، الحمل، الولادة والبدانة.
وفي خلال فترة الحمل تلعب عضلات قاع الحوض دوراً مهماً لناحية دعم الطفل وتسهيل عملية الولادة، وبعد هذه الفترة تحديداً، تحتاج هذه العضلات إلى ما يُعرف بـ”إعادة تأهيل”، عندها لا تشتغل العضلات مع بعضها البعض بتناغم، وتعاني المرأة من تبول لا إرادي وسلس البراز بالإضافة إلى احساس بكتلة بالمهبل وألم في اسفل الظهر.
تقوية عضلات قاع الحوض.
أشدد هنا على بعض التمارين التي تعمل على تقوية عضلات قاع الحوض، من بينها تمارين Breathing (التنفس)، وتمارين كيغل، التي تعتبر من العلاجات غير المكلفة والطبيعية لحلّ بعض المشاكل التي تعاني منها النساء، مثل تسرب البول، سلس البراز والإجهاد، وذلك عن طريق تقليص عضلات المهبل.
ما هي تمارين كيغل وأبرز الفوائد التي يمكن أن تجنيها المرأة من هذه التمارين؟
من المعروف أنه حتى نساء الهند القديمة والصين ومصر، ودول أخرى قمن بتدريب عضلات يوم الحوض. لهذا الغرض، كان لديهن أجهزة محاكاة خاصة على شكل بيضة حجرية معلقة على خيط سميك قوي. تحتاج النساء إلى الترويج لهذه البويضة بعضلات المهبل، ومنعها من السقوط. بالطبع، لم تشارك جميع النساء بهذه الأنشطة – كانت عضلات قاع الحوض قوية في الغالب ضرورية للنساء ذوات المهن الحميمة – كاهنات وقيشا. لسوء الحظ، نظرًا لأن معرفة هذه المنطقة كانت سرية، فقد ضاع معظمها وحتى هذا اليوم.
في السنوات الأخيرة الماضية، باتت تمارين كيغل، التي طورها في أواخر الأربعينيات، الأخصائي في أمراض النساء أرنولد كيغل، أصبحت شائعة للغاية، نظراً لأهميتها في تقوية عضلات قاع الحوض، والتي غالباً يتجاهلونها كونها مخفية عن الأنظار، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بتسرب البول، سلس البراز وانخفاض الرغبة الجنسية.
لا تشبه تمارين كيغل غيرها من التمارين الرياضية، فهي لن تساعد المرأة على حرق السعرات الحرارية أو الحصول على جسم رياضي وحسب، بل تعمل على تقوية مجموعة رئيسية من العضلات العميقة الموجودة في قاع الحوض.
أبرز الفوائد التي تكمن وراء تمارين كيغل، من بينها:
تحسين الدورة الدموية في المهبل: تعد الدورة الدموية الجيدة أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للعضلات القوية والصحية والرغبة الجنسية. تشتهر تمارين كيغل بكونها من أفضل تمارين شد المهبل التي تضمن تدفقاً جيّداً للدم، بالإضافة إلى تقوية عضلات قاع الحوض.
زيادة القدرة على الوصول إلى النشوة الجنسية: تعاني الكثير من النساء من صعوبة في الوصول إلى النشوة الجنسية، وبالتالي يمكن للمرأة التي تعاني من هذه المشكلة أن تبدأ بممارسة تمارين كيغل بانتظام، لأنه من خلال تقوية عضلات قاع الحوض، فإنها تقوي عضلة العانة العصعصية، وهي أهم عضلة تنقبض أثناء النشوة الجنسية. وعليه، ومن خلال تقوية هذه العضلة، يمكن للمرأة أن تزيد فرصها في اختبار هزات جماع أقوى.
زيادة الرغبة الجنسية بعد الولادة: ليس من غير المألوف أن تعاني معظم النساء من انخفاض الرغبة الجنسية بعد الولادة، ومع ذلك يمكن لتمارين كيغل أن تعمل على تحسين الثقة بالنفس وزيادة الرغبة الجنسية والرضا الجنسي، إذ لا يجب على المرأة أن تعاني من انخفاض الرغبة الجنسية في الوقت الذي يكون باستطاعتها الاستمتاع بالعملية الجنسية، من خلال تمارين طبيعية وتقنية غير جراحية وغير مكلفة.
التغلب على سلس البول: ليست تمارين كيغل مصممة فقط لتحسين الرغبة الجنسية، إذ ان هذه التمارين تهدف بشكل رئيسي إلى تقوية عضلات قاع الحوض، ما يقلل خطر الإصابة بسلس البول، وهي مشكلة شائعة يمكن أن تصيب الناس من جميع الأعمار.
الحدّ من خطر سلس البراز: إن ضعف عضلات قاع الحوض يمكن أن يسبب سلس البراز، أي عدم القدرة على التحكم في التغوّط، الأمر الذي يسبب تسرب البراز بشكل غير متوقع من المستقيم. وقد أثبتت تمارين كيغل علمياً أنها تقلل من خطر سلس البراز، وتعالج هذه المشكلة المزعجة التي يمكن أن تساهم أيضاً في القلق وانخفاض الثقة بالنفس لدى الشخص المصاب.
الحدّ من خطر سلسل البول الإجهادي: تخيّلوا مدى التوتر والإجهاد الذي يمكن أن تعاني منه المرأة في حال كانت تتعامل مع التسرب البولي كلما عطست أو سعلت. هذه الحالة، التي تُعرف بسلس البول الإجهادي، شائعة بشكل كبير بين الناس لأسباب مختلفة، كما أنها قد تؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس والقلق وزيادة مستوى التوتر، هذا وتبيّن أن تمارين كيغل هي واحدة من أفضل الخيارات لعلاج سلس البول الإجهادي.
كيف يمكن القيام بتمارين كيغل؟
لا تحتاج تمارين كيغل إلى أي معدات متخصصة، ويمكن للمرأة القيام بها في أي مكان، سواء كانت تجلس وراء مكتبها أو مسترخية على الأريكة في منزلها.
في البداية يجب تحديد عضلات قاع الحوض. وللقيام بذلك، يتعيّن على المرأة أن تحبس البول عن طريق تقليص عضلات قاع الحوض، وبعدها يجب أن تتخيل نفسها جالسة على رخام وتشد عضلات الحوض كما لو كنت ترفع الرخام لمدة 10 ثوان على الأقل، ثم الاسترخاء وتكرار العملية عدة مرات.
يجب أن يكون التركيز منصباً على تقوية عضلات قاع الحوض دون إشراك أي عضلات أخرى، وبهدف الحصول على نتائج جيدة، من الأفضل القيام بتمارين كيغل ثلاث مرات يومياً على الأقل.
أما في حال كانت المرأة تواجه مشكلة في القيام بتمارين كيغل، فعليها ألا تخجل من طلب المساعدة من طبيبها أو من القابلة القانونية، حتى تتعلم كيفية التركيز على عضلات قاع الحوض وتقويتها بطرق بديلة، بخاصة وأن تمارين كيغل لا تعتبر ملائمة لجميع النساء.
لذلك ، في أي حالات يجب تقوية عضلات قاع الحوض؟
نساء يخططن للحمل. ستوفر العضلات القوية للرحم دعمًا جيدًا، مما يقلل من احتمالية هبوط أعضاء الحوض بعد الولادة.
النساء الحوامل (في غياب موانع، والتي ندرجها أدناه). مثل هذا التدريب سيجعل العضلات أكثر مرونة، مما سيسهل عملية الولادة، ويقلل من خطر تمزق المهبل والعجان.
الفترة بعد ولادة الطفل. تؤدي الولادة إلى شد هذه العضلات، مما يستتبع جميع النتائج السيئة المذكورة أعلاه. ستؤدي التمارين اليومية التي تتم خلال شهر أو شهرين إلى استعادة النغمة الطبيعية للعضلات وستتوقف كل المشكلات المرتبطة بهذه المشكلة.
النساء فوق سن 30. خلال هذه الفترة، يزداد خطر هبوط أعضاء الحوض تدريجياً. هذا يؤثر بشكل كبير على كل من نوعية حياة المرأة وعلاقاتها الجنسية مع شريك. تمارين منتظمة لتقوية العضلات تمنع تطور هذا المرض.
إذا حدث هذا الإغفال بالفعل، فلا تنزعج. سوف تساعد التمارين الرياضية على تقوية العضلات الضعيفة وتحسين الوضع التشريحي للأعضاء المنخفضة.
إذا كنت تعانين من زيادة خطر الإصابة بسلس البول أو البراز، أو إذا كان هذا الانتهاك قد حدث بالفعل، فستتوقف التمارين لإنقاذ هذه المشكلة أو تقليل مظاهرها أو حتى القضاء عليها تمامًا.
يمكن أن تتسبب عضلات قاع الحوض الضعيفة بركود في الحوض الصغير للدم، مما يستلزم العديد من الأمراض، بما في ذلك الأمراض الالتهابية. تمارين منتظمة لتقوية عضلات هذه المجموعة سوف تقلل من خطر تطوير هذه الأمراض.
انخفاض الرغبة الجنسية لامرأة دمر حياة العديد من الأزواج. تساعد تمارين Kegel على زيادة الرغبة الجنسية وحساسية المرأة، فضلاً عن جعل الأحاسيس أثناء العلاقات الحميمة أكثر وضوحا، والاتصال الجنسي – لفترة أطول، والنشوة الجنسية – أقوى. هذه اللحظة مهمة للغاية للحياة الكاملة لكل من الشابات وأولئك الذين يقتربون من سن اليأس أو قد دخلوا بالفعل هذه الفترة. تساعد تمارين Kegel التي يتم تنفيذها بانتظام هذا الأخير على أن يعيش حياة حميمة كاملة لسنوات عديدة أخرى.
بإيجاز ما ذكر أعلاه، نستنتج أن العضلات القوية والعضلية في قاع الحوض ضرورية للمرأة في أي عمر. إذا تم إضعافها لسبب ما، فأنت بحاجة إلى بذل جهد قليل وإحضار العضلات إلى اللون الصحيح.
كسر التابو.
رغم أهميتها في تحسين الحياة الجنسية والتغلب على بعض المشاكل الصحية، إلا أنه في أغلب الأحيان تكون عضلات قاع الحوض مهملة، لا بل أن الحديث عن أي ضعف في هذه العضلات يعدّ “تابو” بالنسبة لبعض النساء.
وفي هذا الإطار، نشدد على أهمية الاعتناء بمنطقة الحوض وعضلات قاع الحوض: “كلما اهتمت المرأة بهذه المنطقة عبر التمارين، كلما حمت نفسها لفترة الـ menopause (انقطاع الطمث)، لأن في هذه المرحلة ينخفض مستوى الأستروجين وبطبيعة الحال تضعف عضلات قاع الحوض.
تمارين عضلات قاع الحوض تمارين للحياة، ليس لفترة أسبوع أو شهر، بل يجب أن تواظب المرأة على ممارسة تمارين قاع الحوض كل الوقت للحفاظ على هذه المنطقة بصحة سليمة وعلى قوة العضلات فيها.
د. وليد ابودهن