الولايات المتحدة الأميركية 26 تموز 2021
أوجه هذه الرسالة إلى فضيلتك إسميّا، بعد أن قرأت رسالتك على تويتر، وكان لي رد عليها لا يعكس عمق التقدير والمودة والإحترام الذي كنت أكنه لك، بل ردة فعلي على اللغة الممجوجة المقزّزة للنفس التي جئتنا بها وأنت تمدح ركناً طائفياً ساهم بتحويل لبنان إلى جهنم، وأغلق مستشفى قبر شمون في منطقة الشحار التي وهبته دماء أهلها، مجده، وراح يتبرع لمستشفيات في المناطق الأخرى المفيدة له ولدوره الإقطاعي.
كلنا نعلم أنك تطمح لأن تقيم على كرسي مشيخة العقل. لعن الله أيّ مركز يحوّل صاحبه إلى بوق من دون كرامة ولا مكانة، ويجعله مجرّد دميّة في يد لاعب آخر مهما حاولت أن تختبئ خلف حروفك الشعرية المنمقة.
إلى متى هذا الكذب على الدروز، وعائلات الشهداء، الذين قدّموا الدماء رخيصة، للحفاظ على منازلنا وأملاكنا وبقائنا وتراثنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا؟ إلى متى تريدون تجميدنا وحجرنا في عقارب الزمن المتخلف وتريدون ان نعود إلى القرن التاسع عشر وما سبقه حيث كان الدروز مرابعين في أراضي الإقطاعيين؟
عائلاتنا خسرت مدخراتها. وخسرت أملاكها. وليد جنبلاط وحوشته من السياسيين، إزدادت ثروتهم. وليد جنبلاط، هو الذي بشّرنا في حوار تلفزيوني، أنّ الإشتراكية صارت من الماضي، وأنّ العصر اليوم، هو عصر المال والرأسمال. وليد جنبلاط هو الذي قال في هذا الحديث التلفزيوني، أن الحزب الإشتراكي ليس سوى مجرد فلول في القرى. ورغم ذلك يناديهم ساعة يشاء ناسيا أن الحزب ولد ليساعد الذين ليس على صدورهم قمصانا.
أين صار إرث كمال جنبلاط ورسالته؟ أين دماء كمال جنبلاط الذي قال ” وهل من شيء أشرف من العبور فوق جسر الموت إلى الحياة التي تهدف إلى إحياء الآخرين؟ دماء كمال وشبيبته من الدروز الأوفياء لرسالته، كانت لخدمة وليد جنبلاط وزيادة ثرواته ونهب أموالنا. من أين لك يا وليد، من أين لكم يا “زلم” وليد، كل تلك الأراضي والأموال التي لا تأكلها النيران؟
أولادنا يتطلعون إلى الحداثة والعالم الحديث. عالم الحريّات والديمقراطيّة وحقوق الإنسان وكرامته. لقد عاد تيمور من بلاد الحضارة ليعمل بعقله الحضاري، فحجره والده في دارة المختارة، وعلّمه أن لايضحك بوجه الدروز. علمه أن يومئ بإصبعه لوائل وأكرم وغازي وغيرهم من “المخلصين” للبيت ألإقطاعي الجنبلاطي. لا يتردّد بأن يصف هذا وذاك، بأبشع الأوصاف، فتلك الأوصاف تنزل بردا وسلاما على قلوبهم، وتعلّمهم أن يكونوا خدما مطواعين. ولاشك انّه علمه أنّهم من يجنون له المال، يشاركهم ببعضه لكنهم أدواته إلى ميزانيّة الدولة والهبات والصفقات المشبوهة. هو قال له أن لا يناديهم بصوت محبة كما كان ينادي كلبه أوسكار. كلبه كان أفضل منهم كلّهم، فاستحق تمثالا في دارة القصر. هو علّمه أنّ عليه أن ينظر إليهم نظرة المشفق، ونظرة المخلّص والمنقذ، وليس نظرة الرفيق لهم في نضالهم من أجل اللحاق بالحضارة.
لا يا شيخ سامي، لا لكل من يسمح أن يحوّل مشيخة العقل إلى مزحة، يضحك عليها إبن البيت قبل الجار والغريب. وليد جنبلاط يصر الآن على القانون المذهبي المفصّل على قياسه. وربما أنه ذهب إلى طلال ووئام لكي يمرر هذه الإستحقاق على خاطره. وليد جنبلاط كالحرباء المتلونة يتحوّل لونه بحسب الظرف والزمان والمكان. ومن كان مثله فهو ليس صاحب قرار، وليس صاحب رأي، بل هو أداة تنفيذية يقوم بتنفيذ أوامر الخارج من خلال هذه الشباب الطيبة من ابناء الطائفة الدرزية.
رحم الله كمال جنبلاط الذي ألهم الشباب، ليس الشباب الدروز فحسب، بل شباب لبنان من شماله إلى بقاعه وإلى جنوبه وبيروته وجبله. كانت كلماته تردد مثل كلمات مانديلا وغاندي. أين هو كل ذلك؟ كم يحزنني أنّ شباب اليوم صاروا من دون ملهم. إذا تحدثوا عن وليد فإنما يتحدثون عن قيادته لهم خلال الحرب الأهلية وسفك الدماء بين ابناء الوطن. هو لم يكن القائد، فالقائد كان أولا حافظ الأسد وثم نبيه بري. هو كان يفعل ما يقولانه له، وشباب الدروز كانوا الأدوات. هل الحروب وسفك الدماء والعنف هي الإلهام المنشود لشبابنا؟ هل هذا ما يريده الأب وتريده الأم لفلذات أكبادهم؟ الأباء والأمهات يسعين الآن لإبعاد أولادهم من هذه الديار. كم من العائلات الدرزية صارت الآن خارج الوطن؟ شبابنا لم يدركوا بعد، أنّهم على حافة الإنهيار التام، سواء في هويتهم الوطنية حيث الوطن يضيع، أو في هويتهم المذهبية، حيث الدروز يهاجرون ويرحلون، أو في هويتهم العائلية، حيث التشتت والفرقة صارت هي الغالبة. وتأتي أنت يا شيخ سامي اللاهث لمشيخة العقل، للتغنى بأمير الحرب.
إستمعت إلى تسجيل لرئيس الولايات المتّحدة أوباما يقول فيه لا زعيم فوق القانون. ويقول انه أمضى ولايتين (8 سنوات فقط)، وهذا يكفي وأنه سيذهب إلى خدمة بلاده من موقع آخر. متى يقول وليد جنبلاط أنّني خدمت أهلي حوالي خمسين سنة، فأوصلتهم إلى جهنم. كفى فهيهات هو سيموت على الكرسي مثلهم كلهم. هو واحد من شعار “كلهم يعني كلهم”. أوباما قال لا أحد فوق القانون ولا فوق الوطن. هل وليد جنبلاط يخضع للقانون ويهمه الوطن؟ أيّة عدالة يتحدث عنها بشأن ضحايا المرفأ؟ هو يعلم أن المرفأ أصيب بصاروخ إسرائيلي وأنّه مخزن لسلاح حزب الله. أتحداه أن يطلب التحقيق بذلك من القضاء الدولي الحر. لن يستطيع فهو وغيره من الدمى الذين يختبئون خلف القضاء الوطني الضعيف والعاجز. سنحاسبك عاجلا أم آجلا، بإذن الله.
أنظروا حولكم، الشوف منطقة محمية طبيعية. أي لا يمسها أحد. لا مصانع، لا فنادق لا مؤسسات إنمائية، سكانها يعيشون هناك على ما يأتيهم من مساهمات من أولادهم المهاجرين، أو ما تقدمه لهم المنظمات الدوليّة. لا يوجد هناك مفهوم للتنمية المستدامة التي تعرف كيف تحمي الطبيعة وتدفع بالإنسان إلى التطور والتقدم والإزدهار. حتى السياحة ليست عامل إنماء ولا تخضع لنظام مستدام. البلدان الحضارية التي تقيم المحميّات، تسعى لحماية الإستمرار للقبائل الأصليّة المقيمة فيها، إضافة إلى حماية الحيوانات والطيور والأفاعي والنبات والشجر. فماذا اقمنا في “محمية” الشوف.
حضرات الأفاضل المشايخ الأجلّاء، رجاء لا تسمحوا باستمرار مشيخة العقل أضحوكة في أفواه الناس.