نشر الاعلامي الدكتور الإعلامي سامي كليب على صفحته على الـ Facebook التالي: 

تيمور جنبلاط بين الجشود الدرزية المؤيدة
تيمور جنبلاط بين الجشود الدرزية المؤيدة

اكتملت الاستعدادات للحشد الشعبي الغفير الذي أعدّه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ليوم غد الأحد في المختارة أحياء لذكرى الزعيم الوطني كمال جنبلاط.

لن نفاجأ اذا ما امتلأت الشوارع والساحات والأزقة وازدحم السير وأقفلت الطرقات أمام الجماهير الغفيرة التي ستتقاطر على المختارة. لا يزال جنبلاط الزعيم الأبرز للجبل وقادراً على تحريك الجزء الأكبر من الموحدين الدروز حين يشاء وكيفما شاء.

لكن الأهم غداً هي الصورة التي سيقدمها وريثه السياسية والعائلي تيمور لطائفة لا تزال حتى اليوم مؤمنة بأن المختارة هي أبرز وسيلة لها للبقاء وعدم الانقراض وأنها الجسر الألزامي لأي وظيفة في الدولة وأي مشروع تجاري.
الرسالة الأولى التي يريد بعثها وليد جنبلاط في ذكرى القائد العربي الفذ والإنساني الشهيد كمال جنبلاط، هي أن لا أحد، أي لا الرئيس ميشال عون ولا غيره، قادر على الغاء الزعامة الجنبلاطية، وان أي تلاعب بالقانون الانتخابي الذي يكرّس الزعامات والاقطاعيات التقليدية في الجبل ممنوع. فالقانون النسبي مرفوض، ويمكن تحريك الشارع الدرزي وقلب الطاولة الجبلية على الجميع إذا ما أصر الآخرون على فرضه. لا شك أن التحالف العوني القواتي سيتابع بدقة مهرجان المختارة غداً.
أما الرسالة الثانية فهي أن القسم الأكبر من جماهير الموحدين الدروز في لبنان لا تزال موالية للزعامة الجنبلاطية وتأتي غداً لمبايعة الزعيم الجديد تيمور جنبلاط..

المعروف حتى الآن عن الوريث الشاب الطويل القامة والوسيم المحيا والمتواضع والقريب لجيله تيمور جنبلاط ، أنه لا يحب لا الزعامة التقليدية ولا الإقطاع ولا الطريقة القديمة في التعاطي مع السياسة. وربما لو تسنت له الظروف لأحداث تغييراً مفصلياً في كل التجربة التقليدية، لا بل لو تسنى له الخيار لربما ابتعد عن السياسة وأهلها وتفرّغ لشيء آخر يحبه.
والمعروف عن وليد جنبلاط بالمقابل، أنه حداثي في تفكيره، ونمط حياته، ولكنه تقليدي جداً في التعامل مع الطائفة.

لربما في هذا التناقض الغريب ما كرّس الزعامة وجعل الناس يقبلون بكل التقلبات السياسية التي شهدتها مسيرة جنبلاط وفرضتها تناقضات الظروف. ففي التقليد يكمن جزء كبير من الحفاظ على الزعامة.

لذلك قد يبدو من الصعب على تيمور أن يُحدث انقلاباً جذريا في المشهد ما لم يقرر أن يفعل ما في رأسه وليس ما يقرره والده. فالكثير من الشباب الإشتراكي ومن الجيل الجديد لدى الدروز يريد أن يسمع خطاباً جديدا يحاكي التطورات السياسية الهائلة والتي تعكسها شبكات التواصل الاجتماعي، كما أن كثيرين من هذا الجيل الإشتراكي والدرزي الجديد يحب المختارة وساكنيها ولكنه يحب أيضاً أن يسمع شيئاً جديداً ينهي الكثير من الركود ويقدم شباباً جددا على الساحة السياسية يشبهون مثلا وائل أبو فاعور الذي نجح نجاحاً كبيراً في تجربته السياسية.

تيمور جنبلاط 1
تيمور جنبلاط

أمام تيمور جنبلاط فرصة غداً حين يلقي خطابه الأول أمام الجماهير (التي جزء كبير منها يوالي البيك دون نقاش) لأن يقدم نمطاً جديداً من التوجه السياسي الحداثي، وأن يحاول إعادة توسيع الإطار الوطني للزعامة، ويُشعِر الشباب في الشمال أو الجنوب أو الجبل أو بيروت أو البقاع بأنه يخاطبهم على مساحة الوطن، لا أن ينغلق في خطاب تعبوي مرحلي يخاطب الدروز فقط ضد هذا القانون أو ذاك..
تحفل طائفة الموحدين الدروز بطاقات مهمة سياسية وإنسانية وفكرية وعلمية، وتحفل كذلك بانتماءات سياسية متناقضة، فجزء لا بأس به منها يناهض إسرائيل ويحب فلسطين ويؤمن بالعروبة الحقيقية وبالإسلام المعتدل، وجزء آخر ظن بأن خلاف البيك مع حزب الله وسوريا وهو خلاف على كل شيء بما في ذلك المقاومة فسار في ركب العداء للحزب والنظام السوري.. من المهم أن يعيد تيمور التأكيد على أن المقاومة خيار وطني وليست تكتيكا مصلحياً..

انحسر تأثير الطائفة الدرزية كثيراً، وضاقت أمامها وظائف ومراكز كثيرة في الدولة، وباتت حائرة في خياراتها السياسية، ومتناقضة في جغرافيتها، خصوصاً في الخيارات القائمة حاليا بين دروز سوريا ولبنان وفلسطين، لكن الأكيد أن ما تفتقر إليه كثيراً الآن وأكثر من أي وقت مضى هو مشروع نهضوي تقدمي عروبي مقاوم بالفكر والكلمة والحداثة والعلم والسلاح إذا كان لهذا السلاح دور في مقاومة المحتل .

قالها كمال جنبلاط يوماً: (إن خطيئتنا أننا نتطلع دوما إلى الماضي الذي جعلنا منه صنما في هيكل الأصنام الذي نتعبد)، وقال أيضا (إن القيادة الجديدة القادرة على بناء استقلال لبنان الحقيقي ليست قيادة إسلامية ولا هي قيادة مسيحية.. إنها قيادة وطنية لبنانية، علاقتها بشعب لبنان الواحد، وبلبنان الشعب الواحد)…

لن ينجح تيمور جنبلاط إلا إذا قرر هدم هيكل الأصنام، وتطلع إلى قيادة جديدة قادرة على مخاطبة الجيل الجديد بأفكار جديدة و بناء استقلال حقيقي للبنان، ولا بأس أن يتسع المكان في الجبل وغيره لأطراف وأحزاب أخرى تنعش الحركة السياسية وتزيد التنافس وتعزز النقاش وتحرك ركوداً لا مبرر له.. فليس كل سياسي آخر عدواً، وليس كل صاحب تفكير مغاير عدواً.. لا تستقيم الديمقراطية في الجبل وغير الجبل بطرف واحد.

الجماهير مهمة لتأكيد الشعبية، ولكن الأهم هو أن تعود هذه الجماهير إلى منازلها مقتنعة بأن الوريث سيؤمن لها حياة كريمة ومشاركة وطنية حقيقية وسيعاملها بكرامة حداثية وليس بتقاليد إقطاعية عفى عليها الزمن.. هذا هو المفهوم الحقيقي للإشتراكية الإنسانية التي نادى بها الزعيم الإنساني الذي يُحيي الجبل غداة ذكراه.

نتمنى لتيمور جنبلاط كل التوفيق.. ولا ننسى في هذا اليوم التأكيد على أن خسارة كمال جنبلاط كانت خسارة للوطن والعروبة وفلسطين والإنسانية بغض النظر إذا ما كان أصاب أم اخطأ في الحسابات السياسية.. فهو أراد قبل كل شيء لبنان وطنياً عربياً مقاوماً ومناصراً لفلسطين.. ولعله أراد أن يأتي يوم تصبح فيه الزعامة بالإنتخاب الحقيقي لا بالتوريث.

الإعلامي سامي كليب
الإعلامي سامي كليب

 

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار