عادت محطة (MTV) بذاكرة المشاهدين أربعين عامًا إلى الوراء تقريبًا، لتعرض حلقة تكريميّة ضمن برنامج (بيت الكل)، إستضافت عبرها أهم نجوم الثمانينات من القرن الفائت.
بدا عادل كرم متألقًا في حلقة أمس، يقدّم أفضل الحلقات التلفزيونية في مسيرته، قادرًا على الظهور بشخصيّة المقدم الذي يحاور بجدارة عالية، ويعرف كيف وأين ومتى يمازح ضيوفه، دون أن يستسخف بمضمون الحوار.
كان يعي أمس أنه أمام تحدٍ من نوع آخر، لأن نجوم ال80 والحالة الفنية آنذاك تختلف كثيرًا، لذا عليه أن يحاور بشكل مختلفٍ، وأن يظهر مثقفًا، يعي كل تفصيل من مسيرة ضيوفه، يتابع مع الإعداد أرشيفهم بدقة، وتلك مهمة ليست سهلة على مقدّم إعتاد تقديم البرامج الفكاهية.
في الغرب، يفضّل النجوم الكبار مذيعين ومذيعات من أعمارهم لمحاورتهم، كونهم واكبوا بداياتهم ويعرفون بذلك كلّ تفاصيل أعمالهم الفنية لحظة بلحظةٍ، وهذا ما يسهّل التواصل بينهم، ويخرج منهم بالتالي أشياءًا لم يتعرف المشاهدون بعد عليها، بمسيرتهم وبطباعهم وبأسرار وكواليس أعمالهم.
في العالم العربي، الحوار لا قوانين له، أحيانًا الضيف يظهر مثقفًا أكثر من المذيع الجاهل، لا المقدّم يستحق مكانه، ولا الضيف يستحق أن يُستضاف أحيانًا، ولا الحوار يليق أن يقدّم للمشاهدين.
عادل خرج عن هذه القاعدة، فقرّر أن يجسّد الحالة الفنية أيام الثمانينات بالكامل، إرتدى أزياءًا مشابهةً لما كانوا شباب تلك الفترة الزمنية يرتدونه، كذلك فعل الكوميديان عباس جعفر وأديل، وحتّى أعضاء الفرقة الموسيقيّة الحاضرة على مسرح البرنامج.
إستقبل نجومًا إحتلوا المراتب الأولى آنذاك من خلال أغنياتهم: مايز البياع، فريق لنا، منعم فريحة، سمعان ابو سمرا، فهد عقيقي، محمد حجازي، مروان أدهم، سامي كلارك، مارون نمنم و الملقب ب(الامير الصغير) الفنان عازار حبيب.
ما يجمع هؤلاء الفنانين غيابهم عن الساحة الفنية لظلم شركات الإنتاج ولإختلاف متطلبات الأسواق الغنائية حسب آرائهم أمس، لكنهم دون شك يبقوا بذاكرة كلّ من سمعهم يومًا وتابعهم ورافقهم بتلك المرحلة.
غنى مايز البياع ميدلي من أجمل أغنياته، وغنى سمعان أبو سمرة أغنيته (خلقي بعيوني)، ومنعم فريحة الأكبر سنًا بين الضيوف (عخدك حبة لولو)، ومروان أدهم أغنية (زينة) الشهيرة، ومحمد حجازي (حبك يا ولاه)، وسامي كلارك (قومي تنرقص يا صبية)، وعازار حبيب (عطبق إلماس) و(كذابة) ومارون نمنم (ليندا ليندا).
جاءت أسئلة عادل بأغلبها فكاهيّة، ليمازح ضيوفه قائلًا إنهم كانوا سويًا في المدرسة مثلًا، وإنه كان معهم بفرقتهم الموسيقية، وأثناء إحياء الحفلات بالمناطق اللبنانية أيام الحرب الأهلية اللبنانية، ليمدهم بالراحة النفسية التي يحتاجها الضيف للتصرف بعفوية أمام الكاميرات، ولإزاحة التكلف وكلّ ما يعيق نجاح الحوار.
ما من أحدٍ منا يحب أن يتذكر الحرب الأهلية اللبنانية، لكن أغلبنا شعر بالحنين إلى تلك الحقبة الفنية الرائعة أمام ما نعيشه اليوم من إنحطاط بالساحة الفنية.
عادل قال إن رئيس مجلس إدارة (mtv) ميشال المرّ- الذي كاد أن يخسر منصبه أمس لصالح جهاد المر- شجعه وأبدى إعجابه الكبير بفكرته، واعدًا بإعطاء هؤلاء النجوم منبر إعلامي دائم عبر المحطة، لأنهم برأيه صنعوا جزءاً من التاريخ الفني للبنان.
لا يمكننا إنكار مخاطرة عادل وال(MTV) بخطوة كهذه لا تؤمن نسبة مشاهدة مرتفعة، نظرًا لعدم معرفة الأجيال الشابة بأسماء هؤلاء الفنانين ولإندماجهم الكامل مع فناني وأغاني اليوم، لتأتي الفرصة بذلك على طبق من ذهب للمنافس هشام حداد الذي إستقبل فارس كرم ببرنامجه (لهون وبس).
إلا أن الرياح أتت كما لا تشتهي السفن، ليفاجئه عادل ويحتل المرتبة الأولى بنسبة المتابعة والثانية بقائمة ال(Trending) على (تويتر)، فيما إحتل هشام المرتبة العاشرة، ليستمر بتراجعه الذي تحدثنا عنه سابقًا رغم أهمية المواضيع التي تحدث عنه ضيفه أمس، من رحيل والده وتأثره به، وتلك المواضيع العاطفية غالبًا ما تجذب إنتباه المشاهد، إلا أن المشكلة التي تبعد هشام تدريجيًا عن قلوب المتابعين تتضخم!
إقرأ: هشام حداد ينجح بالسينما وعادل كرم يسبقه
عبدالله بعلبكي – بيروت