من الطبيعي أن يكون للإنسان وسائل دفاعية نفسية يستخدمها العقل الباطني بشكل بسيط لحماية نفسه من التوتر الناجم عن الأفكار أو المشاعر المرفوضة، أو الشعور بالنقص، وبالتالي تساعده على إيجاد الحلول لمشاكله الحياتية، وهذا أمر إيجابي لأن الشعور بالنقص يحثّ الإنسان على الحاجة إلى التفوق. لكن بعض الأشخاص لا يمكنهم التعامل مع النقص الذي يعانون منه فيؤدي ذلك إلى فقدان الثقة بالنفس، وبالتاي يؤدي إلى عقدة التفوق أو الإستعلاء (أي الشعور بالغرور الزائد عن حدّه) كخطة دفاع.

عقدة اتفوق أو الإستعلاء

ما هي عقدة التفوق أو الإستعلاء؟

عقدة التفوق Superiority Complex هي وسيلة دفاع نفسية مرضية، يعاني منها الإنسان الذي يشعر بالإستعلاء أي يبالغ بوصف نفسه بما يخالف الواقع، وكان عالم النفس النمساوي ومؤسس مدرسة علم النفس الفردي ألفرد أدلر، أوّل من استخدم مصطلح (عقدة التفوق) أو الإستعلاء (التعطرس) لوصف هذه الحالة النفسية في العديد من كُتبه بما فيها Understanding Human Nature وSocial Interest.

يفسّر العالم الشهير ألفرد أدلر، عقدة التفوق على أنها نقص متخفي خلف الإستعلاء والشعور بالعظمة. ويقول أدلر إن الشخص المتفاخر لا يشعر بالقدرة على التنافس مع الآخرين، ونظرًا لهذا الضعف يلجأ لحل مشاكله من خلال التعالي الذي سيعوّض له الشعور بالنقص.

ويقول أدلر: (إن الشخص الذي لم يتدرب جيدًا على حل مشاكله الشخصية قد يتحول عن السعي من أجل تحقيق التفوق عن طريق الطرق المفيدة، إلى السعي لتحقيق الإستعلاء الشخصي على حساب كل شيء. فإذا لم يستطع الشخص أن يؤدي أداءً أفضل من شخص آخر معتمدًا على فضائله الشخصية، فسيحاول تدمير شخص آخر أو مجموعة أخرى للحفاظ على حالة التفوق.)

عقدة التفوق أو الإستعلاء هي المبالغة في الإحساس بأهمية الذات

ما هي الأسباب؟

بما أن عقدة التفوق هي الواجهة التي تغطي الضعف أو الدونية أو الإحساس بالنقص الذي يعاني منه الشخص المتفاخر، لذلك، فعند البحث عن أسباب هذه العقدة لا بدّ من اللجوء إلى الأسباب التي أدّت إلى الشعور بالنقص أو الدونية.

عقدة النقص هي شعور الفرد بعيب فيه ونقص بشخصيته مقارنة بالآخرين وخصوصآ في حالة الإنجاز، مما يدفعه للتعويض عن هذا النقص بطرق عديدة بما فيها الإستعلاء. فما هي أسبابه؟

لا شكّ أن طريقة تربية الأطفال تؤثّر بشكل كبير على تكوين شخصيتهم ونفسيتهم لذلك يجب التعامل معهم بدقة وتأنّي. أما المشاكل التي تؤثر على الطفل فهي كثيرة نذكر:

– حرمان الطفل من الرعاية اللازمة.

– انتقاد الطفل بكثرة وبشكل علني أو شعوره بأنه منبوذ وغير مرغوب به.

– مقارنة قدرات الطفل مع قدرات غيره أو من هم أحسن منه.

– كبت قدراته الإبداعية مثلاً أو حق التعبير عن نفسه.

– الإفراط أكان بتدليل الطفل أو بالتسلط عليهم.

– فقدان الثقة بالنفس نتيجة عيب خلقي أو نقص معرفي أو ضعف مهارات في التواصل مع الآخرين.

– فقدان شخص عزيز أو التعرض لخيانة أو خسارة كبيرة أو خداع أو الوقوع ضحية مؤامرة مثلاً.

– الحالة الإجتماعية قد تؤثّر أيضًا على نفسية الإنسان، مثلاً الفقر الذي قد يؤدّي إلى الشعور بالنقص المادي.

الإفراط بالشعور بالأهمية

ما هي عوارض عقدة التفوق؟

  • يشعر المريض بالغطرسة أي الفخر والكبرياء الزائد عن حدّه ويرى الآخرين أدنى منه مستوى.
  • بنظره هو دائمًا على حق مهما كان النقاش وإن عجز عن إثبات ذلك فسيحاول إثبات الرأي الآخر على أنه على خطأ.
  • إن لم توافقه الرأي فإذًا أنت أحمق بالنسبة له.
  • لا يتعاطف مع الآخرين.
  • غالبًا ما يتباهى بنفسه وبما يملكه.
  • يقاطع الحديث بكثرة، فلا يهمه ما تقوله بل رأيه هو الصحيح.
  • يعاني من القلق ونزاع بين حقيقته والصورة التي يعطيها أمام الناس.
  • يتقلّب مزاجه كثيرًا نتيجة التفكير المبالغ به.
  • ضبط النفس بشكل مفرط، وذلك ليتمكّن من التحكم بعواطفه وتصرفاته لئلّا يظهر حقيقته إلى الآخرين.
  • يحاول تبرير أفعاله، عند مواجهة الفشل يقنع نفسه بأن الهدف الذي يسعى خلفه لم يكن بالأهمية الكبيرة أو أن ما حصل هو أمر إيجابي بالنسبة له.
يتقلّب مزاج المريض بعقدة الإستعلاء نتيجة التفكير المبالغ به.

كيف يمكن التعامل وعلاج المريض بعقدة التفوق؟

  • على المريض أن يلجأ إلى طبيب نفسي يخبره بما يعاني، حيث يفصح له عما يشعر به بالحقيقة من دون التصرف العدائي.
  • استخدام طريقة Paradoxical intention وهي التجاوب أو التصرّف بالطريقة التي يتصرّف بها المريض ليدرك حقيقة الصورة التي يعكسها عن نفسه.
  • الإجابة تلقائيًا ونفي تصاريحه، قد يكون هذا صعب لكن قد يحتاج لبعض المواجهة للحد من إستعلائه.
  • تجاهل تصاريحه أو التظاهر بعدم الإكتراث، كذلك، تجبره على إعادة تقييم أفعاله.
  • التواصل البصري المباشر والإقرار بأفعاله لكن بشكل بسيط ومدروس يجعله يشعر بأنه يمكنك رؤيته على حقيقته.
  • استخدم اسمه الصغير عندما تتوجّه إليه وبشكل قاطع وهذا يجعله يدرك بأنه مسؤول عن كل كلمة يقولها أو كل تصرّف يقدم عليه.
  • مواجهة مفاهيمه عند نفي تصاريحه بدلاً من شخصيته.
  • التعامل معه بوضوح وجزم لكن بصبر وتفهّم بأن كل ما يصدر عنه ليست سوى تصرّفات تم تكوينها منذ سنوات عديدة ولا يمكنه التخلص منها بين ليلة وضحاها.

في النهاية، كما يقول ألفرد أدلر إن الشعور بالدونية هو محفز للسعي والتطور والتقدم، لكن يصبح الأمر مرضيًا عندما يشعر الإنسان بعدم الكفاءة والعجز وبدلاً من تحفيزه للقيام بالنشاطات المفيدة، يجعله مكتئبًا وغير قادر على التطور فيلجأ للتعويض عن نقصه بطرق عديدة لا سيّما الإستعلاء والتفاخر بالنفس.

فانيسا الهبر – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار