(لم ينتهِ دور الصحافي بعد ولن ينتهي)، أعلنها بعد عدّة شكوك غزتْ ذهني، منذ شهور طويلة بل سنوات.
هل استمدتْ السوشيال ميديا حياتها من موتٍ مزعوم للصحافة؟
كان عليّ ألا أشك بمهنةٍ درستها وآمنت بها وحصلت على كفاياتها من الله، لتصبح إحدى نتاجات ما أنشأت شخصيتي.
لكنّ اضمحلال الساحة المهنيّة ثم انقلاب المعايير ودخول المتطفلين وبروز أسمائهم على حساب المتخصصين، كلّها أوقعتني في حيرةٍ هشّة.
سألتُ نفسي: ما دور الصحافي؟ أو ما أصبح عليه الآن!
إقرأ: هل أنهى زمن (السوشيال ميديا) الصحافة.. ولماذا نصمد ونتفوق؟
الصحافي يقيّم، يدلي برأيه الصارخ والحرّ أمام الكلّ، يُسمع ويُستمع إليه بعمقٍ ومسؤوليّةٍ من أهل الفنّ والجماهير العامة.
كيف يتحوّل الآن فيصبح مجرد أداة تكتب بضعة حروف عبر (تويتر)، يلجأ كما (الفانز) لزر الإعجاب وإعادة التغريد ليكسب تفاعلًا من نجمٍ كان ينتظرُ بريبةٍ، مواده النقديّة منذ سنوات، أو إحدى آرائه المتخصّصة.
اليوم من يشيد بأكبر النجوم وأصغرهم، يحصل منهم على مباركة بعدها عدد من متابعات معجبيهم، أما من يعترض فيُشتم وتُمارس بحقه أبشع الاعتداءات من محاولات اختراق صفحاته وتشويه سمعته وغيرها من أقذر التصرفات.
إذًا مكانة الصحافي اليوم تحدّدها عوامل مختلفة أهمها مدى رضا النجم عليه.
أي النجم ملك الغابة بل الساحة، الصحافي مجرد آلة تصفّق..
هذا ما كنت أعتقده..
لكنّني اليوم اكتشفتْ حقيقة مغايرة..
الصحافي الذي يرفض الإنزلاق خلف كلّ تلك الوسائل، فيتمسّك بمبادئه وبقواعد مهنته، يعاني كثيرًا صحيح، لكنه ينتصر أخيرًا فلا يتحوّل لمجرد خادم يتلقّى التعليمات من النجم.
أكتب كلّ هذا عن ثقةٍ، بعدما لمحتُ هذه الحقيقة عن تجربةٍ.
النجم يحترم الصحافي المتمرّد، حتى ولو لم يحصل على (لايك) واحد!
حتّى لو رفض النجم الإقرار، يخاف صحافيًا لا يمارس أفعال زملائه، ويحسب له حسابًا كبيرًا.
أي صحافي لا يُشترى، ولا يُباع، ولا يخضع لمعايير الزمن الرديء هذا، وأي معايير!
دورنا إذًا أن نتمرّد، فنعيد علاقة الصحافي والفنان إلى سابق عهدها، علاقة متكاملة لا خاضع بها ولا مخضوع..
دعونا نقول لا..
المعركة بدأناها والراية البيضاء لن نرفعها..
عبدالله بعلبكي – بيروت