في العام 1998 مات الشاعر الكبير نزار قباني الذي كتب قصيدة تحية إلى الجنوب اللبناني بعد عملية عناقيد الغضب العام 1996، وإلى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
يا من يصلّي الفجر في حقل ٍ من الألغام..
لا تنتظر من عرب اليوم سوى الكلام…
لا تنتظر منهم سوى رسائل الغرام..
لا تلتفت إلى الوراء يا سيدنا الإمام .. فليس في الوراء غير الجهل والظلام ..
وليس في الوراء غير الطين والسخام..
وليس في الوراء إلا مدن الطروح والقزام..
حيث الغنيّ يأكل الفقير ..
حيث الكبير يأكل الصغير..
حيث النظام يأكل النظام..
ياأيها المسافر القديم فوق الشوك والآلام ..
ياأيها المضيء كالنجمة والسّاطع كالحسام..
لولاك مازلنا على عبادة الأصنام.. لولاك كنا نتعاطى علناً حشيشة الأحلام..
اسمح لنا أن نبوس السيف في يديك..
اسمح لنا أن نجمع الغبار عن نعليك.. لو لم تجيء يا سيدنا الإمام كنا أمام القائد العبري ..
مذبوحين كالأغنام ..
سيذكر التاريخ يوماً قرية صغيرةً.. بين قرى الجنوب تدعى معركة. قد دافعت بصدرها ..
عن شرف الأرض وعن كرامة العروبة..
وحولها قبائل جبانة وأمة مفككة..
من بحر صيدا يبدأ السؤال..
من بحرها يخرج آل البيت كل ليلة كأنهم أشجار برتقال..
من بحر صور يطلع الخنجر والوردة والموال.. ويطلع الأبطال..
يا أيها السيف الذي يلمع بين التبغ والقصب..
يا أيها المهر الذي يصهل في برية الغضب..
إياك أن تقرأ حرفاً من كتابات العرب.. فحربهم إشاعة وسيفهم خشب.. وعشقهم خيانة .. ووعدهم كذب.. إياك أن تسمع حرفاً من خطابات العرب..
فكلها نحو وصرف وأدب..
وكلها أضغاث أحلام ووصلات طرب.. يا سيدي يا سيد الأحرار..
لم يبقَ إلا أنت في زمن السقوط والدمار ..
في زمن التراجع الثوري ..
والتراجع الفكري ..
والتراجع القومي ..
واللصوص والتجار ..
في زمن الفرار
الكلمات أصبحت للبيع والإيجار..
لم يبقَ إلا انت تسير فوق الشوك والزجاج..
والإخوة الكرام نائمون فوق البيض كالدجاج ..
وفي زمان الحرب يهربون كالنعاج..
يا سيدي في مدن الملح التي يسكنها الطاعون والغبار..
في مدن الموت التي تخاف أن تزورها الأمطار ..
لم يبقَ إلا أنت تزرع في حياتنا النخيل والأعناب والأقمار..
لم يبقَ إلا أنت . إلا أنت. إلا انت فافتح لنا بوابة النهار..