تسبب متحور أوميكرون في موجة هائلة أشبه بالتسونامي من إصابات كوفيد-19 في الولايات المتحدة. ومنذ رصده لأول مرة قبل نحو شهرين هناك الكثير مما تعلّمه خبراء الصحة عن أحدث متحور لفيروس كورونا.
يسبب متحور أوميكرون مرضًا أقل خطورة بكثير من المرض الذي يسببه متحور “دلتا”، خاصًة بين الأشخاص الذين تلقو التطعيم والجرعة المعززة بشكل كامل. ويبدو أن الارتفاع الحالي في إصابات كوفيد-19 الناجمة عن أوميكرون قد يهدأ بالسرعة ذاتها التي ارتفع بها.
لكن الأخبار ليست جيدة كما قد تبدو، إذ يؤدي الارتفاع السريع في الإصابات إلى زيادة حالات الاستشفاء والوفيات، خاصًة بين غير الملقحين، وقد تستمر في الزيادة لعدة أسابيع، حتى بعد أن تبدأ أعداد الإصابات في الانخفاض، مما يضغط على قدرة النظام الصحي الذي يعاني من نقص في العاملين الصحيين الذين يصابون أيضًا بمرض كوفيد-19 وغير قادرين على العمل.
نظرًا لأن متحور “أوميكرون” يسبب مرضًا أقل خطورة من متحور “دلتا”، فقد يزعم البعض بأنه ليس أسوأ من الأنفلونزا الموسمية.
ورغم أن المتحورات السابقة لفيروس كورونا كانت أكثر فتكًا بكثير من أي سلالة من سلالات الإنفلونزا خلال المائة عام الماضية، فإن متحور أوميكرون يمكن مقارنته في شدته بالإنفلونزا، مع ذلك هناك محاذير مهمة.
على أساس فردي، بالنسبة للأشخاص الملقحين ومتلقي الجرعة المعززة، فإن المرض الناجم عن الإصابة بمتحور أوميكرون والمرض الناجم عن الإنفلونزا متشابهان في الشدة في كثير من النواحي.
وبالنسبة للغالبية العظمى من الأشخاص الملقحين، من المحتمل أن يتسبب كوفيد-19 في ظهور أعراض ليست أسوأ من نزلات البرد أو الأنفلونزا، أو حتى بدون ظهور أية أعراض.
وسيتعافى معظم الأشخاص في غضون أيام قليلة، رغم أن البعض سيحتاج إلى دخول المستشفى والبعض الآخر، أي غير الملقحين أو كبار السن أو أولئك الذين يعانون من نقص المناعة الشديد أو أولئك الذين يعانون من أمراض مصاحبة أساسية متعددة، قد تتسبب إصابتهم بالوفاة.
كما هو الحال بالنسبة لمتحور دلتا، فإن الأشخاص غير الملقحين هي الفئة الأكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة ناجمة عن أوميكرون مقارنة بالملقحين. وكان خطر الوفاة الناجمة عن الإصابة بمتحور دلتا بين غير الملقحين أكبر 10 مرات على الأقل من خطر الوفاة بين الملقحين.
بالنسبة لأوميكرون، يُقدر خطر الوفاة بنسبة 90% أقل من خطر الوفاة من دلتا؛ ربما يتوفى حوالي نسبة 0.1% (1 في 1000) من المصابين بمتحور أوميكرون.
ولكن إذا كان خطر وفاة الأشخاص غير الملقحين أعلى بعشر مرات من خطر وفاة الأشخاص الملقحين، فإن غير الملقحين يواجهون خطرًا أكبر للوفاة من أوميكرون مقارنةً بالأنفلونزا، في حين أن الأشخاص الملقحين لديهم مخاطر منخفضة للغاية للوفاة من أوميكرون.
مع ذلك، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، من المرجح أن يكون أوميكرون أسوأ بكثير من “مجرد إنفلونزا”، ويعد أوميكرون شديد العدوى، ومع استثماء الحصبة وجدري الماء، يعد أكثر الأمراض المعدية على الإطلاق.
واليوم في أمريكا، واحد من كل 10 أشخاص قد يكون مصابًا بمتحور أوميكرون.
على الجهة الأخرى، تصيب الإنفلونزا حوالي 60 مليون شخص في الولايات المتحدة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، من المحتمل أن يصيب متحور أوميكرون ضعف هذا العدد على الأقل خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع فقط.
هذا يعني أن عدد إصابات أوميكرون قد تكون أكبر بعشرة أضعاف من إصابات الإنفلونزا في أسوأ أسبوع من ذروة أوميكرون، وغالبًا ما يجهد مرض الإنفلونزا المستشفيات خلال ذروة موسمها.
ولم يكمل حوالي ثلث الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 5 سنوات أو أكثر سلسلة التطعيم الأولية، وهي جرعتان من لقاح فايزر أو لقاح مودرنا أو جرعة واحدة من لقاح جونسون آند جونسون.
وتلقت نسبة 40% فقط الجرعة المعززة. وفي بعض المجتمعات، تكون معدلات التطعيم أقل بكثير.
وتشكل الأعداد الكبيرة من الإصابات، لا سيما بين الأشخاص غير الملقحين وغيرهم ممن يعانون من أمراض خطيرة، ضغطًا على نظام الرعاية الصحية لدينا وتعرّض للجميع للخطر – بما في ذلك أولئك غير القادرين على الوصول إلى الرعاية في حالات الطوارئ غير المتعلقة بكوفيد-19 مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
ومن الصعب توقع ما سيأتي بعد متحور أوميكرون، إذ قد يكون آخر موجة كبيرة من كوفيد-19 قبل أن يتحول إلى مرض متوطن يمكن التحكم فيه أو قد يعاود متحور دلتا الظهور مع تضاؤل أوميكرون، أو قد يظهر متحور آخر شديد القابلية للانتقال وشديد الضراوة الشهر المقبل أو في غضون خمس أعوام.
لا يمكننا ببساطة التنبؤ بمستقبل كوفيد-19 أو التهديد التالي للأمراض المعدية، ولهذا السبب يجب العمل على زيادة القدرة على التعامل مع الأزمات الصحية والتكيف معها.
وحتى إذا كنت لا تعتبر نفسك معرضًا لخطر كبير، فقد تسبب الإصابة بكوفيد-19 أكثر من مجرد إزعاج بسيط، كما أنه من غير الواضح إلى أي مدى تحميك عدوى أوميكرون من الإصابة بكوفيد-19 مرة أخرى، إذ لا تسبب العديد من إصابات العدوى غير الشديدة مناعًة قوية.
ورغم ذلك، هذا لا يعني أن نجعل كوفيد-19 يهيمن على حياتنا، ويمكننا إحداث فرق كبير من خلال اتخاذ إجراءات بسيطة للحد من انتقال العدوى وحماية الفئات الأكثر ضعفاً من العدوى وحماية الرعاية الصحية.
ويعني ذلك تطعيم أكبر عدد من الأشخاص الذين يرغبون في ذلك؛ ارتداء الكمامات في الأماكن العامة وخاصة في الأماكن المغلقة المزدحمة؛ توفير المزيد من كمامات N95 الوقائية والمزيد من الفحوصات السريعة؛ وضمان التوافر الشامل لعلاجات كوفيد-19 الفعالة.
المصدر: العربية