عندما نتحدث عن الفن اللبناني المعاصر, غالبا ما نذكر أسماء برزت عربيًا منذ بدء انتشار الأعمال العربية المشتركة، سواء بين مصر ولبنان أو بين لبنان وسوريا، ومن المؤكد أن نذكر سيرين_عبد_النور ونادين نجيم وأسماء آخرى, مثل نيكول سابا ونور اللبنانية مصريًا.
لكن مع تراكم الأعمال اللبنانية، وغزارة الإنتا اللبناني، ونجاحها بالتسويق عربيًا, بعد كسب ثقة المحطات والمنصات, لحسن الإنتاج اللبناني، الذي يمتلك ثقلاً فنيًا وقوة في الإنتاج في مصر كما في لبنان القديم قبل الحرب الأهلية، بمستوى الدراما اللبنانية المعاصرة، التي أصبحت تغرد خارج السرب، وتضع كل إمكانياتها بخدمة الممثل اللبناني المتعطش للإبداع، لذا لا بد من ذكر المنتج الكبير صادق_الصباح, وأيضا المنتج المثقف جمال سنان، صاحبي الفضل الأكبر، بتسويق ودعم الأعمال التي اكتسحت الميادين خارج النطاق المحلي، بخبرتهم الكبيرة وتاريخهم المهم بصناعة الدراما.
عندما نراقب التطور الكبير لممثلة أكاديمية، مثل ماغي بو غصن نتوقف قليلاً، ليس فقط عند موهبتها وشغفها، بل على إصرارها واجتهادها، الذي وصل بها إلى حلمها الكبير, بتحقيق ذاتها على المستوى الجماهيري, بعد كسب ثقة جمهورها فنيًا بأعمال مهمة، سواء في الدراما السورية التي بدأت فيها هاوية, تبحث عن فرصة لتصرخ وتتلذذ بعشقها للفن، وإلى الأن عندما تسأل سوري عن ماغي بوغصن يتذكر تلك الفتاة العاشقة والحالمة في مسلسل الخوالي.
ماغي لم تكتف بذلك، رغم ظروف صعبة مرت بها على المستوى الشخصي – الصحي- والفني، صدقت حين آمنت بموهبتها, وصبرت حتى استطاعت أن تحقق ما تحلم به، بدعم زوجها المنتج الكبير جمال_سنان.
لكن ذلك الدعم لن يثمر دون اجتهاد وإبداع، بدليل أن هناك الكثيرين ممن حصلوا على فرص كبيرة وسقطوا بعدها، لذلك نصفق لكل تجربة فنية، دون أن نحكم عليها, أو ننسب نجاحها ونجوميتها إلى ظرف أو شخص, وهذه مشكلتنا في العالم العربي, لا نصدق أنفسنا، ونشعر بالدونية، لذلك لا يمكننا التصفيق لغيرنا.
ماغي كسرت قفص التشكيك والإتهام بالإبتسامة الواثقة, وعملت بشغف لا ينضب, وقدمت أعمالاً كوميدية كرستها الأولى لبنانيًا في السينم، وبعدها المؤثرة عربيا بالدراما الكوميدية غير المصطنعة وهذا يتطلب ذكاءً كبيرًا من الفنان الكوميدي، لأن أي مبالغة تسقطه دون أن يدرك، بينما ماغي كانت طبيعية منسابة لأبعد حد، مزجت بين الحب والحلم، ورقصت على تلك العقبات والأحكام من الحاسدين، وأضحكت بعدها من تساءل وانتقد، حتى كسبت مع الوقت ثقة الجمهور والنقاد، وانطلقت من المحلية إلى كل البيوت العربية وصارت نجمة كبيرة، لا أحد يختلف على موهبتها, وهي التي تملك شكلًا محببًا يتحدى الزمن بخصوصيته وبرائته.
عندما شاهدت مسلسل كراميل أصبت بدهشة، وصرت مدمنًا على مشاهد ماغي, وكأني لم أعد أحبذ رؤية الشخصيات الأخرى, شعرت برغبة كبيرة باحتضان هذه الفتاة الواثقة والمصممة على النجاح والقريبة من القلب بتعابيرها ولغة جسدها.
وأكثر الأدوار التي باعتقادي كانت فيها لامعة، دورها في مسلسل برافو، هذا النص الواقعي الخاص جدًا بتوقيع كاتبة سورية أعمالها خالدة في الدراما السورية, الكاتبة يم مشهدي، ماغي استطاعت أن تقدم دورًا مختلفًا وحقيقيًا من لحم ودم، واستطاعت أن تثبت أنها ليست فقط كوميدية، بل تؤدي كافة الأدوار بتقنية وأدوات مبتكرة.
وأكبر دليل هو شخصيتها في مسلسل للموت. التي رسخت فيه قدرات جديدة، كالإستغراق في التفاصيل الفنية, حتى صار الجميع يرددون ما تقول من إيفهات، رأينا في تلك الشخصية المركبة (سحر) المثيرة والشريرة والحالمة والضعيفة، وبهذا الإنتصار أصبح أسم ماغي في الأذهان عندما نقول دراما لبنانية، وكأنها كانت مؤمنة بأن التراكم الفني يصنع النجم وليس التسويق وإعطاء الفرص للنجوم فقط.
وإنها على ثقة كبيرة بأنها ستكون ممثلة نجمة وليس نجمة ممثلة، مثلما يقول الأستاذ الكبير غسان مسعود.
ماغي حالة فنية متفردة لا تشبه أحدًا من النجمات على الساحة اللبنانية, شقاوتها وثقتها صنعا اسمها حتى انتشت بنجاحها ونحن قلنا الله.
ماغي بوغصن لم تكن يوما تبحث عن الشهرة، عشقها للفن هو من كرسها لذلك ستبقى، والأن نحن بانتظار القادم لنرى جديدها كما عودتنا.
كنان شقير – سوريا