أصبحت ظاهرة التخنث منتشرة بكثرة في الأونة الأخيرة، لكنها كانت منتشرة أيضا في الماضي، ففي عهد النبي محمد، كان هناك ثلاث مخنثين مشهورين، أحدهم يدعى مانع والآخر شيت، فعن محمد بن ابراهيم التيمي، قال: كان مع النبي (ص) في غزوة الطائف مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن عائد مخنث يقال له: ماتع يدخل على نساء النبي(ص)، ويكون في بيته لا يرى رسول الله (ص) أنه يفطن لشيء من أمر النساء مما يفطن له الرجال، ولا أن له إربة في ذلك فسمعه يقول لخالد بن الوليد: يا خالد إن افتتحتم الطائف فلا تنفلتن منك بادية بنت غيلان بن سلمة فانها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال رسول الله (ص) حين سمع ذلك منه: لا أرى هذا الخبيث يفطن لما أسمع، ثم قال لنسائه : لا تدخلن هذا عليكن فحجب عن بيت رسول الله (ص).
وأخرج بن ابي شيبة، وأحمد بن ابراهيم الدورقي في مسنديهما من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن عامر بن سعد بن مالك ، عن أبيه أنه خطب امرأة بمكة، فقال: من يخبرني عنها، فقال رجل مخنث يقال له هيت: أنا أنعتها لك هي إذا أقبلت أقبلت تمشي على اثنتين وإذا أدبرت ولت تمشي على أربع، فقال النبي (ص) ما أرى الا نكرا وما أراه الا يعرف النساء، وكان يدخل على سودة فنهاها أن يدخل عليها فلما قدم المدينة نفاه ، فكان كذلك إلى امرة عمر فجهد فكان يرخص له أن يدخل المدينة فيتصدق عليه يوم الجمعة، وذكر بن وهب في جامعه عمن سمع أبا معشر، قال: أمر به رسول الله (ص) فغرب إلى عير جبل بالمدينة عند ذي الحليفة، فشفع له ناس من الصحابة، فقالوا: إنه يموت جوعا فأذن له يدخل كل جمعة فيستطعم، ثم يلحق بمكانه، فلم يزل هناك حتى مات وقد تقدم في ترجمة مانع شيء من خبره، وقال أبو عبيد البكري في شرح أمالي القالي: كان بالمدينة ثلاثة من المخنثين، يدخلون في النساء فلا يحجبون: هيت، وهدم، ومانع. من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، نرى أن المخنثين كانوا غير مكروهين، يدخلون بيوت الناس يأكلون ويشربون، ولا تتحجب منهم النساء، لأنهم لا شهوة لهم، لأنهم من غير أولى الإربة، لكن عندما سمع النبي مانع يصف إمرأة وينعتها، علم أنه شخص غير أمين فأمر بطردهم من المدينة، فطرد النبي مانع وطرد عمر ابن الخطاب شيت.
سليمان البرناوي-الجزائر