يشهد زوج العملات اليورو/الدولار فترة من التذبذب ويتداول حالياً عند 1.0625 بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية، حيث يعاني اليورو من ضغوط هبوطية بسبب العديد من التحديات السياسية والاقتصادية، مما يثير تساؤلات حول مستقبله. ومن وجهة نظري ستؤثر حالة عدم اليقين حول العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وتحديدًا نية الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الأوروبية، بشكل كبير على اليورو.
فقد تعهد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات بنسبة 10% في سياق دعمه للمنتجات المحلية وتعزيز الاقتصاد الأمريكي، وهو ما قد يشعل فتيل حرب تجارية مع منطقة اليورو، ما يُضعف جاذبية العملة الأوروبية ويزيد من الطلب على الدولار الأمريكي كملاذ آمن.
اقرأ: مصير الدولار بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي – خاص
كما أوضح أولي رين، محافظ البنك المركزي الأوروبي، أن البنك يخطط للوصول بسعر الفائدة إلى المستوى المحايد بحلول النصف الأول من عام 2025، وهو مستوى يُتوقع أن يكون في حدود 2% إلى 2.25% وفقًا لتقديرات البنك. وبرأيي هذه النظرة الطويلة الأجل إلى معدلات الفائدة، مع تبني البنك المركزي الأوروبي سياسة التيسير النقدي لفترة ممتدة، قد تُضعف من جاذبية اليورو مقارنة بالدولار، خاصة إذا أظهرت بيانات التضخم الأمريكية المتوقعة هذا الأسبوع ارتفاعًا يتماشى مع التوقعات بأن التضخم السنوي قد يصل إلى 2.6%. في المقابل، فإن التضخم المرتفع في الولايات المتحدة قد يُبقي الاحتياطي الفيدرالي في موقف مشدد إلى حد ما تجاه السياسة النقدية، مما يعزز الدولار ويضغط على زوجEUR/USD نحو مزيد من الانخفاضات.
وتتزايد حالة الترقب في الأسواق لما تحمله البيانات الأمريكية من مؤشرات، إذ يلعب تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أكتوبر دورًا محوريًا في تشكيل توقعات السياسة النقدية للولايات المتحدة. وأمام توقعات الأسواق بأن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في ديسمبر بواقع 25 نقطة أساس، تبقى احتمالية اتخاذ هذا القرار غير مؤكدة خاصة مع تحسن التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة والضغوط التضخمية المرتبطة بسياسات ترامب الاقتصادية. وقد يرفع التضخم المتسارع من تكلفة الاقتراض ويُبقي الاحتياطي الفيدرالي على موقف متحفظ تجاه تخفيف السياسة النقدية، ما يرفع من الطلب على الدولار ويضعف اليورو.
اقرأ: تراجع زخم الدولار وسط المخاوف – تحليل خاص
ومن وجهة نظري يعاني اليورو من ضغوط داخلية ناجمة عن الوضع السياسي الهش في ألمانيا، إذ أدى انهيار الائتلاف الحاكم بعد إقالة المستشار أولاف شولتز لوزير المالية كريستيان ليندر إلى خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي في أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. ومن المتوقع أن يتأثر السوق بمزيد من عدم اليقين قبيل التصويت على الثقة المقرر في ديسمبر، والذي قد يقود إلى انتخابات مبكرة. برأيي كل هذه الأحداث السياسية قد تجعل اليورو أكثر هشاشة أمام الدولار، خاصة إذا استمرت الولايات المتحدة في تقديم بيانات اقتصادية قوية وزادت مخاطر الحرب التجارية عبر الأطلسي.
كما ستبقى أنظار المستثمرين موجهة أيضًا نحو التوجيهات الجديدة التي ستقدمها رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد فيما يتعلق بأسعار الفائدة، والتي قد توضح المسار المستقبلي للسياسة النقدية في المنطقة. لكن يبدو أن التوقعات على المدى القريب لن تكون في صالح اليورو إذا لم يتمكن البنك المركزي الأوروبي من اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لمعالجة التضخم المتزايد، خاصة مع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي، بما يضمن دعم استقرار الاقتصاد الأمريكي.
اقرأ: توقعات حصرية لأسعار الذهب!
وفي النهاية يبدو لي أن التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه منطقة اليورو تضع اليورو في موقف ضعيف أمام الدولار. ومن المتوقع أن يستمر زوج اليورو/الدولار الأمريكي في مواجهة ضغوط هبوطية في ظل حالة عدم اليقين السياسي في أوروبا واحتمالات الحرب التجارية المتزايدة مع الولايات المتحدة
تحليل: رانيا جول