تخلت أمس نادين نجيم عن صورتها النمطية، الممثل ليس ملكًا يصفق له المنتجون وتهلل به الشركات كإسم يجلب الأرباح، بل صاحب موهبة ومهنة تفرض عليه أن يلعب جميع الأدوار، وأن يتحدى نفسه في كل عمل، ليطور أداءه حسب الشخصية الجديدة في كل عمل، والممثل الحقيقي من يتحطم وينكسر ويضعف أمام الكاميرا، ويخلع ثوب نجوميته وينسى نفسه ويغوص بتفاصيل شخصيته الدرامية، وهذا ما فعلته نادين بعد مرور ٨ حلقات من المسلسل.
الدكتورة (بيان) تتعرض لمكيدة يدبرها شركاؤها في المستشفى التي ورثتها عن والدها، وأدارتها بمهنية لسنوات، بهدف سرقة حصتها منها، بعدما رفضت كل العروض المادية المغرية منهم.
تُتهم بيان بإدخال جرعات سامة إلى المستشفى، يتضرر منها مرضى السرطان، وتتسبب بوفاة أحدهم، ما يعرض سمعتها الطبية النزيهة للخطر، تقف أمام خيار أخير ينقذها وينقذ إسمها المرموق في عالم الطب: بيع المستشفى والتنحي عن مبادئها، فتخسر معركتها ضد أطباء يألهون المال، ولا يأبهون لصحة الناس.
(غمار) يلعب دوره المبدع قصي الخولي، يقع بحبها ويحاول مساعدتها عبر إستخدام سلطة ونفوذ والده، لتجنيبها الفضيحة، يقنعها بضرورة التخلي عن إرث والدها الأهم بالنسبة إليها، ترفض لكنه لا يفقد الأمل.
يذهب للإطمئنان عليها بمشهد أدته نادين بانفعال كبير، بكت من قلبها، وعاشت مشاعر الإنكسار والخيبة والضعف، تلك الملكة التي كان يتغنى الجميع بعرض أكتافها وبمشيتها المستقيمة وثقتها الزائدة، تدنت وتحطمت وذُلت، وارتدت شخصية (بيان) من الداخل وكأنها لم تكن نادين نجيم يومًا.
نبرة صوتها المتألمة والتي تخفت بين كلمة وأخرى، وجعها الذي ظهر على ملامحها، نظراتها التي أوحت بضعفها وقلة حيلتها، واتجاهها لرفع راية الإستسلام أمام مافيات الطب التي تتلاعب بمصائر الناس، من أجل الأموال، كل تعابيرها أوصلت لنا الموقف النفسي الصعب الذي تمر به الشخصية.
نادين تمثل من الداخل كممثلة هوليوودية، لا تصرخ مثل الممثلين السوريين والمصريين ولا تبالغ بإنفعالاتها، تعيش الحالة من داخلها، ولا تتصنع لتخلق إحساسًا كاذبًا، لذا تبدو حقيقية وغير متكلفة.
رفعت نادين سقف التحدي عاليًا، فيما تأخذ أحداث (خمسة ونص) منحى تصاعديًا بعد الركود الذي كاد يسيطر على القصة.
نادين وقفت أمام قصي الذي يلفت الأنظار بسبب موهبته وأدائه المتقن، وتحدته ولعبت معه مشهدًا صعبًا، وكأنها أرادت أن تقول له ولنا: (لحظة، أنا أيضًا لدي ما أقدمه!).
عبدالله بعلبكي – بيروت