خرج السوري المحترم ماهر منصور، يعلّمنا أصول مهنة التمثيل، فتغطرس وهاجم نادين نجيم، التي استعانت بالتقنيات لتظهر صلعاء في آخر حلقة من مسلسلها (خمسة ونص)، وأثنى المتابعون على جرأتها ورسالتها الإنسانية السامية، التي قدمتها في المشهد مع أطفال يعانون من مرض السرطان ويقينوت في مركز (سان جود).
فقط لأنها لبنانية، استُفِز أخونا السوري، وأغاضه نجاحها بعدما احتلت مواقع التواصل وصارت حديث الناس، ودخلت مصر دون أن تمثل هناك، لتصبح العربية الأولى التي تنجح في هوليوود الشرق دون حاجة لبوابة عبور، وفضّل أخونا، أن يتجاهل تطور أدائها وتميزها وجرأتها بلعب دور (بيان) النائبة التي حاربت الطبقة السياسية بفمٍ حرٍ وبسقفٍ عالٍ من الحرية، وهذا لا يحدث في دراما بلادهِ.
إقرأ: خمسة ونص اللبناني الوحيد يتقدم في مصر
لأنها لبنانية، نظّر أخونا علينا، وقارنها مع اسمين لممثلتين سوريتين مغمورتين (سوزان سكاف وجيانا عيد) لا لبناني ولا عربي يعرفهما، كانتا حلقتا شعرهما حقًا للعب دور مريضة سرطان، وتجاهل اسم الممثلة العراقية روان مهدي، التي فعلت ما فعلاه، فقط ليسقط اللبنانية نادين أمام أي سورية، حتى ولو كانت من صفوف الكومبارس، وهو نفسه لم يعترض على التونسية هند صبري التي استخدمت التقنيات نفسها في مسلسلها قبل عامين (حلاوة الدنيا)
بالنسبة للحاقد وغيره من سوريا فقط طبعًا، كان برأيه على نادين أن تحلق شعرها كي تستحق كل الثناء الذي حُرِمت منه أي ممثلة سورية خلال رمضان 2019 وخلال رمضانات كثيرة.
ولا نفهم ما الداعي الدرامي بحال أقنعتنا إنها حلقته فعلًا بمشهدها، وأوصلت الرسالة المتوجبة بأفضل شكل ممكن، متى كان لزامًا على ممثل يلعب دور مدمن مخدرات أن يدمنها مثلًا؟ دور قاتل أن يقتل فعلًا؟ دور سارق أن يسرق فعلًا؟ ما أدنى وأقرف تلك المعايير الوضيعة التي يدخلونها بأي شكل تحت قناع النقد، ليعبروا عن حقدهم على اللبناني نتيجة الشعور الدائم والأصيل بالدونية تجاه شعب جبار وخلاق!
لطالما دعم الاعلام اللبناني ممثلات سوريا، وغطى أخبارهن وشجعهن، وأثنى عليهن وزودهنّ بشهرة عربية كبيرة، من خلال تناول أعمالهن وأسمائهن عبر محطاته ومجلاته ومواقعه الأقوى عربيًا، ولم يخرج ناقد لبناني يومًا ليهاجم سورية دخيلة، ويقارنها بلبنانية أكاديمية أفضل، كما يفعل ماهر اليوم وغيره من الذين يفضلون الموت على التصفيق لفنان لبناني ناجح.
لطالما أطلق لبنان نجومًا سوريين ما حلموا بما هم عليه لولا مهارات لبنان وعلى رأسهم جورج وسوف وآخرهم الآن ناصيف زيتون.
وإن اعتمدنا مؤشر القاعدة الجماهيرية الهائلة التي تتمتع بها نادين عبر السوشل ميديا واهتمام الإعلام المصري والخليجي بها، فإنها تُحارب فقط من بعض السوريين الحاقدين، ولا يمثلون الشعب السوري المثقف والطيب والقارئ الذي يبرئ نفسه ويحيّدها عن أمراضهم وعقدهم النفسية.
قبل قصة الشعر، اتهموا نادين بجمالها، ورأوا إنه سبب نجاحها، وكأن الجمال تهمة، وكأن القبيحة وحدها تستحق أن تمثل، واجهتهم وتخلت عن شعرها الذي يشكل مصدرًا للجمال والأنوثة عند أي إمرأة، واهتمت بمضمون ورسالة دورها، لتحرجهم، وبدل أن يصفقوا لها راحوا يخلقون عيبًا غير منطقي، لا يمت للنقد المهني بصلة.
إقرأ: مسلسل الصابون والدجل التلفزيوني ونادين نجيم تُحاكم لأنها لبنانية
اللبنانيتان كارين رزق الله وجوليا قصار وعايدة صبرا وغيرهن، أطلين بلا مساحيق في مشاهدهن في مسلسل (انتي مين)، ورولا حمادة لم تضع سوى القليل من الماكياج، وأبدعت بـ(خمسة ونص)، ورد الخال استعانت بمكياج غامق ومخيف يساعدها على اقناع العالم بشرورها في (أسود) وتخلت عن أنوثتها وبراءة ملامحها، ماغي بوغصن مثلت بعفوية مطلقة بـ (بروفا) بدون ماكياج في غالبية المشاهد، ولم تعتمد على شكلها، فيما تطل كل ممثلاتهنّ بمساحيق كاملة والسيليكون يكاد ينفجر من وجوههنّ، ويصفقون لهن، ليستخدموا أسلحتهم السامة ضد أي نجمة لبنانية بحقدٍ دفينٍ نفهم أسبابه، متى يخلصونا من عقدهم ومهاتراتهم وسخافاتهم التي ما عاد السوريون نفسهم يتحملونها؟!
السوري يكره اللبناني واللبناني لا ينسى
عبدالله بعلبكي – بيروت