نوال السعداوي لفظَ جسدها آخر أنفاسه أمس..
ذهبتْ ولن تعود، تاركةً كلّ ما أورثتا إياه من أفكارٍ وقيّمٍ..
ماتت ولم تمتْ!
فما خلّفته من عطاءات يُشكّل حياةً، يفهمها فقط من يرى في الموت أبعادًا فلسفيّة، لا نهايات جسديّة فقط!
إقرأ: وفاة الكاتبة نوال السعداوي!
أهلًا بكِ أيتها المفكّرة العظيمة في جهنّمهم!
أهلًا بكِ في نارهم التي يرمون فيها كلّ من يخالف عاداتهم الباليّة ويرفض أفكارهم المتطرّفة!
أهلًا بكِ إلى جهنّمهم ونارهم، لكنّ إلى جنّة الله ونوره!
الله..
ماذا يعرفون عنه وعن جنّته؟
هل يفهمون طبيعة الخالق وكيف يتحدّثون باسمه!
كيف يقتبسون باسم الحبّ كراهيةً؟
كيف يصنعون باسم الرحمة أدواتًا قاسيّة للرجمِ؟
كيف يوكّلون أنفسهم عن الله، أجسادًا بأرواحٍ ميّتة وقلوبٍ جاحدة لمحاسبة بقيّة شركائهم في حياةٍ، لوثوها بفسادهم وتخلّفهم ورجعيّتهم وانحلالهم الأخلاقي وعقدهم النفسية؟!
ماذا يعرفون عن الله؟
وما التعاليم التي قرأوها وممّن وعمّن قرأوها؟
شتائم وإهانات وإصدار صكوك تكفيريّة، كلّها تعليقات مشينة أقرفت أبصارنا عبر (السوشيال ميديا)، بحق امرأةٍ أبتْ أن تتلّقى الموروثات، وانتفضت على جينات التقاليد، رافضةً أن تقف صوتًا يغنّي مع عامة الشعوب بالروح الدم لزعيمٍ سياسي، ولا لرجل دين، ولا قائد اجتماعي، ولا لربّ أسرةٍ!
من ينتقض يُرجم، ومن يصرخ يتعبونه حتّى تُنفذ طاقات حنجرته.
هذه أمة تنهار كلّما تقدّمت الأمم الأخرى..
لكنّ نوال التي واجهتْ ببسالةٍ كلّ أحكامهم حيّةً، واجهتهم بشجاعةٍ راحلةً بشرفٍ عن عالمٍ، رفضت أن تعيشه جسدًا يأكل ويشرب وينام، وعند النهاية تُحلل عظامه تحت التراب.
نوال التي كفّروها كانت صاحبة رسالة.
وما أقل أصحاب الرسائل!
هؤلاء المتخلّفون بمن يؤمنون؟
بالله الذي دعا الإنسان أن يبحث عن الحقيقة مهما كلّفته الحياة من مشقات؟
أو نبيّ، ما كان للهو في طريقه أي وجود؟
نبيّ لا تتسع أخلاقه في جيب حياته؟
ماذا يعرفون عن الأخلاق؟
وبما يسعون لملئ جيوبهم سوى بالمال؟
كلّ أنبياء الأرض تمرّدوا على بيئاتهم، وعانوا أمرّ العقوبات وأقسى ردات الفعل.
ما من نبي عبرَ طريق الخلاص دون عذاب..
ما من نبي قبلَ أسلوب حياةً، ما من نبي قال نعم..
كلّ الأنبياء من المعارضين، من المنتفضين، من الثائرين..
ماذا يعرفون عنهم؟
هؤلاء الذين يعبدون حكامًا فاسدين خاضعين سارقين؟
يا لهزالة العصر!
هؤلاء ماذا يفقهون عن الإسلام أو المسيحية أو اليهودية وسائر ديانات الأرض؟
كيف يرون النبي (محمد) أو (يسوع) أو (موسى)؟
لو قرأوا سطرًا عنهم، لانحنوا احترامًا لنوال كما كلّ عظيمٍ، لم يرضَ التبعيّة بكلّ تفرّعاتها، وسيلةً أو أسلوبًا للعيش!
عبدالله بعلبكي – بيروت