(ليس هذا نيشان الذي أحببناه) قال أحدهم أمامي بعدما شاهد الإعلامي اللبناني يقدّم برنامجًا عبر شاشة الجديد، يطرح عبره عدة قضايا سياسية واجتماعية.
ذلك الرجل الخمسيني ليس ناقدًا أو إعلاميًا كبيرًا، لكنه عشق نيشان وظلّ يتابع كلّ حواراته الفنية، وكنت أتلصص عليه كلّ مرة فأشاهده يعيد حواره مع الشحرورة صباح مرارًا وتكرارًا، عندما كان ببداياته يقدّم برنامجًا عبر (الجديد) نفسها.
نيشان فرض أسلوبًا جديدًا بالتقديم التلفزيوني بالبرامج الفنية تحديدًا، وجعل المشاهدين ينتظرون برامجه التي استضافت مئات المشاهير العرب، واستطاع ابتكار شخصية إعلامية فريدة لا تشبه أحدًا ممن سبقوها.
رمضان كان محطته المثالية لإثبات فرادة أسلوبه وتعاطيه المثالي مع ضيوفه وكيفية طرحه الأسئلة بذكاءٍ عليهم وتفاعله الرائع مع أجوبتهم.
من ينسى (أنا والعسل) أو (العراب) أو (المايسترو)، تلك البرامج التي حققت نجاحات كاسحة وكانت تنتظرها الجماهير؟
بين مصر ودول الخليج ولبنان، تنقّل نيشان فارضًا بصمته ونجاحه وشخصيته، حاملًا الكثير من المعايير التي تجذب أي منتج لإنتاج أي برنامج له مهما بلغت تكلفته.
فجأة لم نعد نره، غيابه استمر لسنوات على الشاشة، كثر حاولوا تقديم برامج فنية مماثلة وفشلوا فشلًا ذريعًا ولم يستقطبوا ربع مشاهديه.
دون سابق إنذار، تحوّل نيشان إلى مقدمٍ جديد للبرامج الاجتماعية، ليعود للمشاهدين بحلّةٍ مختلفة عبر برنامج (أنا هيك) الذي بدأ بثه لأول مرة قبل أسابيع من انطلاق الثورة اللبنانية.
مواضيع جريئة وهامة تحدّث عنها الإعلامي اللبناني لكن بأسلوب حواراته المعتادة مع النجوم والنجمات، هذا لم يمنع نجاحه ولا تحقيقه أرقام مرتفعة بمؤشر نسب المشاهدات، لكنه لم يمنحه نفس بريق النجاحات الماضية، فلم يصبح كمالك مكتبي مثلًا الذي يتصدر قائمة مذيعي البرامج الاجتماعية اللبنانية منذ سنوات عدّة، ولا كجورج قرداحي الذي أبدع عندما قدّم برنامج (المسامح كريم).
ما اختلف الآن فقدانه لعامل التميز، نيشان في غير البرامج الفنية لا يلمع ويبدو باهتًا ومقيدًا غير قادر على الإبداع وإدارة الحوار، نعم يحبّه الناس لكنهم لا يتابعون كلّ ما يقوله، بل يفضّلون مشاهدة حلقات برامجه الفنية عدة مرات عبر (السوشيال ميديا)!
هل قلّت فرص الإعلامي اللبناني في الأسواق العربية؟ ربما ونستغرب لأن بعده لم يظهر أي إعلامي أو مذيع فني بمستواه وجماهيريته وحنكته، ولم يستطع أحدهم أن ينسي المشاهدين أجهزة تحكمهم التلفزيونية كما كان يفعل، ولا أن يبعد عيونهم للحظات عن الشاشات الصغيرة.
لم يصبْ نيشان في السياسة أيضًا، أثناء الثورة أصبح يطلّ مقدمًا يناقش القضايا السياسية كما يفعل مذيعو ومراسلو الجديد كلّ يوم، نسأله كيف يضع نفسه مع رامز القاضي أو راشيل كرم أو سمر أبو خليل أو جورج صليبا؟ هل يتساوى معهم رغم مواهبهم وكفاحهم الذي لا يمكننا الشك به؟
- هل يصح أن يحاور سياسيًا كما أي فنان؟
- أن يطلق أسئلته عليه كما كان يتحدث مع ضيفه المغني؟
- أو يسأل الضحية بنفس التعابير والجمل التي كان يستخدمها للتواصل مع ممثلة؟
لربما اعتمد نيشان على خبرته السابقة، لكنه وقع في فخ الاختيارات الخاطئة، وننصحه أن ينتبه لأننا نراه قامةً إعلامية كبيرة، وخسارته في الميدان الفني إن حدثت، فلن تُعوض!