(بس تترك كل شي بإيد الله، بتحس بإيد الله بكل شي).
جملة قالها القديس مار شربل، وكتبتها ماغي بوغصن، ونشرت الصورة، فهاجمها المتطرفون والجاهلون من بني عرب، الذين لا يرون الله سوى كائنٍ متوحشٍ يستبد بالبشرية ويعشق تعذيب خلقه، ولا يسمعون عنه سوى أدعية تدعو لرفض الآخر وتهميشه، تُردد على ألسنة بعض الشيوخ والقساوسة.
(السوشل ميديا) لم تقبّح الأشخاص وحسب، انّما فضحت ما تخفيه نفوسهم، وبات من يقتل سرًا يفاخر بجريمته علنًا، ومن يرفض المختلف عنه داخل المجالس الضيقة يكرّه به أمام الملايين، وما تعرضت له ماغي واجهه الآلاف قبلها، والملايين سيواجهونه بعدها.
كلنا على اختلاف انتماءاتنا الدينية، كبرنا وأمامنا إله يرعبنا ويسرق من طفولتنا شقاوتها وعفويتها، يصوّرونه كائنًا وحشيًا يجلس على كرسي لا يرحم، يعشق أن يعذّب وينتقم ويحاسب، ينتظرنا لنخطئ ويدفعنا للخطأ بالوقت عينه، لا يقبل أن نكذّب ولا يغفر سوى لشيوخه ورهبانه وجماعتهم، الذين يسمعوننا عنه كل الأكاذيب بالجوامع والكنائس التي ما عاد الانسان يمتلكها، نستيقظ وننام نحلم به وعصاه تضربنا، يتوعد لنا بآخرة بائسة، أما جنته فلا يصل لها سوى تلك المجموعة ومن يطيعها دون أن ينطق حرفًا.
يحب رجال الدين ما نعتقده عن الخالق، ويستثمرون ضعفنا ليسيطروا علينا ويمنعونا من التعرف إلى الحقيقة، يصنعون الصفقات مع سياسيين ينهبون حقوقنا، ويتقاسمون معهم الحصص، وتلك قاعدة ليست عربية فقط، بل عالمية، وكل من يعارضها إما يُقتل، أو تُدبر له المكائد، تُشوّه سمعته، أو تُطلق عليه تهمة الجنون.
لا أحد من حكام العالم يتمّنى اظهار الصورة الحقيقة عنه، الفيلسوف الهندي أوشو حكى فقتله الرئيس الأميركي ريغان، خوفًا من تأثير ما ينشره من أفكار، ولفضحه سلطة رجال الكنيسة على عقول ومصائر الناس، ولا ننسى كيف استخدم جورج بوش بعض القساوسة للترويج لحربه ضد العراق عام 2003، وأعلنها حينها حربًا طويلة الأمد ضد الارهاب الذي يتعرض لأبناء يسوع، وكذلك الإسلام السياسي الذي لطالما قتل واضطهد الصوفيين والمعتدلين، وتجربة الاخوان المسلمين في مصر والدواعش في العراق وسوريا، وغيرها تؤكد ما نقول.
لو أننا نسلّم أطفالنا أوراقًا بيضاء وندعوهم ليرسموا الله، لرأينا غالبيتهم يستخدمون الألوان الغامقة، ويتجهون لرسم كلّ ما يكرهونه، ربما رجل عجوز بملامح مخيفة وعصا بيده، أو كائن ضخم وأمامه العديد من الأقزام الضعفاء، وقسم آخر لن يرسم خوفًا من عقاب يدخله النار، قلّة من سترمي الأقلام، وتقول دون اكتراث: (الله موجود بنا، وبكل انسان وشيء يحيطنا، فما الداعي لتلك الرسمة؟).
يد الله بالمعنى المجازي تعني محبته ورحمته، فهو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء بالقرآن الكريم، والذي ضحّى بابنه الروحي لأجل مسح خطايا البشر بالإنجيل المقدس، لم يصوّره كتابٌ سماويٌ كما يعلّمونا على عكس كل مزاعمهم.
ماغي لم تواجه سوى ضحايا متخلفين أنتجتهم تلك المؤامرة الحقيرة التي استمرت لعصور على البشرية بإسم الأديان، هؤلاء كالببغاء يرددون ما لقنوه من مجتمعاتهم ويحملون هواتف متطورة ويكتبون ما درسوه من غير اقتناع، ويرجمون ويستهدفون كلّ من يخالفهم ويرى في الله حريةً لم يتمتعوا بها يومًا. هؤلاء ليسوا سعداء بما يؤمنون لأنهم يسيرون عكس فطرتهم، قلوبهم تعمها الكراهية، لا يعرفون أن يحبوا، لذا لا يعرفون خالقهم الحقيقي، ولمَ أتوا إلى العالم…
النجمة اللبنانية شُتمت لأنها قالت لله يدًا، ولم تقصد الإساءة بل كتبت بصدقٍ ولم تؤذي انسانًا، أما هم فيقتلون ويشتمون ويتنمرون ويسرقون ويغدرون وينافقون بإسم الله، ثمّ يظنون إن صلاة في الكنيسة أو الجامع تمحي لهم كلّ ما فعلوا!
ماغي عادت وردت: (لكل حدا ما فهم هالجملة بحب خبرو هي من أقوال القديس مار شربل. فيكن تتفلسفوا وتتهضمنوا شرط تعرفوا وتفهموا على شو بالأول).
عبدالله بعلبكي – بيروت