البعض يقول: (الهيبة يساوي نادين نجيم)، غادرت نادين، لم يبقَ من هيبة أو تيم حسن، لذا إعتقدنا إن المسلسل فقد بريقه، بعدما فشل بجزئه الثاني، رغم آمال شركة إنتاجه آل الصباح التي عولت على بطلتِه نيكول سابا التي خابت.
قالت الممثلة العالمية والأكاديمية التي درّست التمثيل في المعاهد الأميركية لسنوات ستيلا أدلير: (الممثلون يحتاجون إلى نوعٍ من الغضب الداخلي ويحتاجون إلى التحرش به لكي ينفجر أمام الكاميرا، وإلى جدية يظهرناها بصدقٍ بعملهم، وإلى إرهاق داخلي عليهم أن يحبوه ولا يمتعضوا منه، وإلى وجه لا يعرف أن يكون جميلًا فقط بل حزينًا ومدمرًا وكئيبًا، وأن يعيشوا بذلك حالةً نفسيةً متناقضةً ومجنونةً تظهر مشاعر متطرفة أمام عدسات الكاميرا، الإعتدال بإظهار التعابير مرفوض ويدل على فشلهم).
أطلق ناصيف زيتون أغنيته (أزمة ثقة) والتي تحكي عن الثقة التي يعطيها الإنسان لحبيب لا يستحقها، فيخذله ويجعله غير قادرٍ على منحها من جديد لأي آخر، ورافقتها مشاهدٌ ترويجيةٌ لمسلسل (الهيبة) جمعت بطليه تيم حسن وسيرين عبدالنور.
ما كنّا نتوقع أداءً رفيعًا و(متطرفًا) بإنفعالاته ومشاعره من سيرين التي تلعب دور العاشقة لتيم حسن بشخصية (الشيخ جبل) الهارب من القضاء اللبناني، لتُفضح جرائمه لاحقًا عندما تعثر المخابرات على مكان إقامته جانب منزلها الإفتراضي.
- الحزن والخيبة اللذان أظهرتهما سيرين بتعابيرها فاجآننا، تدخل إلى منزل حبيبها الفار وأمامها العديد من عناصر الشرطة، تمشي بخطواتٍ بطيئةٍ توحي بإنكسارها، تتأمل المكان الذي عاشا به قصة حبهما، لا تغلق عينيها ولا تحرك يديها، تتحرك كرجل آلي أو دمية محطمة غير قادرة على التعبير بجسدٍ مكبّلٍ بأحزانه، تطبّق مقولة ستيلا، فتدخل إلى أعماق شخصيتها، وتتخلى عن صورة الممثلة اللبنانية الجميلة التي تجذب بأناقتها وهندامها، وتتحوّل إلى شخصية من ورقٍ ولحمٍ ودمٍ، لتقدّم واحدًا من أفضل أدوراها على الإطلاق.
- تكمل سيرها نحو الحمام، تقف تحت قطرات الماء التي تنهمر على شعرها، تستعين بها لإيقاظها من أوهامها (دراميًا)، تحرّك رقبتها يمينًا يسارًا، تغلق عينيها اللتين ترفضان الإعتراف بالحقيقة، تبكي وتفقد أمل الشفاء من أوجاعها، تتذكر كيف خُدعت، وكيف قضت مع حبيبها أجمل اللحظات، وكيف سلمته نفسها، ونامت على سريره وإرتدت قميصه… مشهد من ثوانٍ أصدرت بهم تعابيرًا صادقةً وحقيقةً كممثلة محترفة تجسد الحالة النفسية للشخصية بوضوحٍ.
- أما لحظات الحبّ التي جمعتها مع تيم فكانت من أجمل المشاهد الرومانسيّة التي شاهدناها مؤخرًا، لم يقبلا بعضهما، ولم يحتاجا لذلك لكي يخدما الفكرة المطروحة في السيناريو… نظراتها نحوه وتنهيداتها وتقربها منه، وإبتسامتها التي رسمتها كلّما تأملته، كافية لتجعلنا نشعر إنها تحبه حقًا.
- الكيمياء الرائعة التي جمعتهما لم نتوقعها كذلك، ليتبادلا الطاقات التمثيلية بينهما، فيما بدا كلّ منهما مستعدًا لأداء دوره على أكمل وجه، تيم لم يفاجئنا كونه حفظ غيبًا صفات ومعالم وتعابير شخصيته المفترضة، أما سيرين فأبدعت وكأنها أكلت أوراق السيناريو وتناولتهم مع وجباتها اليومية بإصرار أن تنجح وتقنع المشاهدين بأدائها، وكأنها تود أن تكسب رهان الشركة عليها، وكأنها في حربٍ توّد أن تفوز بها بكل ما أتيت به من قوةٍ.
البرومو (لعبة الكذب) ولا يعرض الحقيقة كاملها، والمسلسل لم يُبث بعد لنحسم تقييماتنا لأدائها كما أداء جميع ممثلي (الهيبة)، إلا أنه بدا مبشرًا، وإن كانت المشاهد بأجملها على ذات المستوى الذي تابعناه، فإننا نتوقع عودةً قويةً لسيرين التي قد تصبح علامةً فارقةً في الدراما العربية، إن إستمرت طبعًا بذات الجدية والإحتراف، وحافظت على نفس المنسوب من الشغف بالأداء.
عبدالله بعلبكي – بيروت