مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل بشكل متزايد، يثار تساؤل هام حول دور القوى العالمية مثل الصين في هذا النزاع. وبينما تعتمد إسرائيل على دعم قوي من الغرب، خصوصاً من الولايات المتحدة، تبدو تحالفات إيران أقل وضوحاً. الصين، التي تربطها علاقات اقتصادية واستراتيجية متنامية مع إيران، تجد نفسها في موقف معقد. السؤال الرئيسي هنا: كيف سيكون دعم الصين لإيران:
العلاقة الاستراتيجية بين إيران والصين
العلاقة بين إيران والصين قديمة، تعود إلى التجارة عبر طريق الحرير القديم. لكن في العصر الحديث، وخصوصاً بعد الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، تعمقت العلاقات الاستراتيجية والعسكرية بين البلدين. على مدار العقود الأخيرة، تطورت هذه الشراكة لتصبح شاملة، وهو ما تم توثيقه باتفاقية مدتها 25 عاماً تم توقيعها في 2021.
اقرأ: إلغاء رخصة MBC في العراق رسميًا!
تتضمن هذه الاتفاقية أبعاداً اقتصادية وسياسية وعسكرية، حيث تعتبر إيران لاعباً محورياً في مبادرة الحزام والطريق الصينية، بينما توفر الصين لإيران موارد الطاقة الضرورية. بالنسبة لإيران، تُعد الصين شريان حياة اقتصادي في مواجهة العقوبات الغربية المشددة.
العلاقة الاقتصادية والاعتماد على الطاقة
الجانب الأبرز في العلاقة بين إيران والصين هو التبادلات الاقتصادية، خصوصاً في قطاع الطاقة. تُعتبر الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، حيث استوردت حوالي 1.1 مليون برميل يومياً في 2023، رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران. تقدم إيران نفطها بأسعار مخفضة، ما يجعلها مورداً حيوياً للاقتصاد الصيني. وتستخدم الصين تكتيكات مثل نقل النفط بين السفن وإعادة تصديره من دول أخرى لتفادي العقوبات الدولية.
لكن هذه المصالح الاقتصادية تأتي مع مخاطر. أي نزاع كبير في الشرق الأوسط قد يعطل أسواق النفط، مما سيجبر الصين على الاعتماد على موردين أكثر تكلفة مثل السعودية. ومع استثمارات الصين الكبيرة في المنطقة، فإن أي اضطراب إقليمي قد يؤثر سلباً على استراتيجيتها الاقتصادية والجيوسياسية.
دور الصين في صراع محتمل بين إيران وإسرائيل
رغم العلاقات المتينة بين إيران والصين، تتبع بكين نهجًا حذرًا فيما يتعلق بتعميق مشاركتها العسكرية في الشرق الأوسط. بينما تقدم الصين لإيران دعمًا تقنيًا في مجالات مثل الأقمار الصناعية وتشارك في تدريبات عسكرية مشتركة، فإن هذا التعاون يظل محدودًا، مما يعكس رغبة الصين في الحفاظ على مستوى منخفض من الانخراط العسكري.
في حالة تصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل، من المتوقع أن تفضل الصين الاستمرار في نهجها الحذر، مركزة على التعاون الاقتصادي والسياسي بدلاً من التدخل العسكري المباشر. القلق الصيني الأكبر يتعلق باستقرار إمدادات النفط من إيران، ولكن بدلاً من التورط في النزاع، من المرجح أن تستغل بكين الانشغال الأميركي في صراعات أخرى، مثل الحرب في أوكرانيا، لتعزيز نفوذها الإقليمي وتقليل تأثير الغرب.
ومع ذلك، تحقيق هذا التوازن يمثل تحديًا استراتيجيًا للصين. فإلى جانب دعمها لإيران، تسعى بكين للحفاظ على علاقات جيدة مع خصوم إيران في المنطقة مثل السعودية وإسرائيل. استثمارات الصين الكبيرة في هذه الدول تفرض عليها اتباع نهج دبلوماسي دقيق يهدف إلى ضمان الاستقرار الإقليمي دون الإخلال بمصالحها الاستراتيجية.
في الختام، تقوم علاقة الصين بإيران على نهج براغماتي، حيث تُوجه بكين أفعالها بما يخدم أهدافها الاستراتيجية طويلة المدى. من المتوقع أن تواصل الصين دعم إيران اقتصاديًا، مع الحرص على تجنب الانخراط المباشر في النزاعات العسكرية في الشرق الأوسط، للحفاظ على استقرار مصالحها في المنطقة.