وسط حالة من عدم اليقين في الاقتصاد الكلي، شهدت بورصات البيتكوين (BTC) انخفاضًا كبيرًا في حجم التداول. حيث امتد هذا الانخفاض خلال الأشهر القليلة الماضية، فوصلت أحجام تداول البيتكوين اليومية إلى مستويات منخفضة لم نشهدها منذ عام 2018. كما نُلاحظ أن معاملات الصرف خارج البورصة لسعر البيتكوين تراوحت بين 8000 و15000 دولار في الأسبوع الماضي، وهو تناقض كبير جداً مع متوسط السعر اليومي للبيتكوين. ويتزامن هذا الانخفاض في الحجم مع بقاء حركة سعر البيتكوين ضمن نطاق 25000 و26000 دولار لعدة أشهر.
وأعتقد أن الانخفاض في أحجام التداول كان بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي عالمياً. غير أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأمريكي أدت إلى زيادة المخاوف والشعور الدائم بعدم اليقين في الأسواق، مما دفع المستثمرين إلى توقع ركود اقتصادي محتمل. حيث ساهم الموقف غير الواضح للاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة وتوقفها مؤقتًا طوال عام 2023 في تعزيز هذا الشعور.
لكن على الرغم من انخفاض أحجام التداول، يبدو أن مالكي البيتكوين متمسكون باستثماراتهم الحالية. ذلك لأنهم لا يسعون أبداً لتحقيق أرباح سريعة من خلال التداول قصير الأجل، بل ينظرون إلى البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى كاستثمارات طويلة الأجل. فهؤلاء المستثمرين مهتمون أكثر بالاحتفاظ بعملاتهم الرقمية، إيمانًا بقيمتها المستقبلية بدلاً من البيع عند أول اشارة ربح محتملة.
حيث أفادت منصة تحليلات العملات المشفرة “IntoTheBlock” مؤخراً أن حاملي البيتكوين على المدى الطويل يواصلون الاحتفاظ بأصولهم على الرغم من اضطرابات السوق. حيث أن حاملو العملات على المدى الطويل هم المستثمرين والشركات الذين اشتروا عملاتهم المشفرة قبل عام على الأقل. فهم يمتلكون حالياً 13.44 مليون من عملات بيتكوين، وهو ما يمثل 69٪ من المعروض المتداول في السوق الرقمية من البيتكوين.
ومن وجهة نظري يأتي الانخفاض في أحجام التداول والتحول نحو الاحتفاظ طويل الأجل في وقت يتجه فيه سعر البيتكوين نحو الاستقرار حول مستوى 26000 دولار. حيث يستمر مالكو البيتكوين على المدى القصير حاليًا بالاحتفاظ بأموالهم تقريبًا بخسارة غير محققة تزامناً مع ارتفاع أساس التكلفة عن السعر الفوري الحالي للبيتكوين.
ونتيجة لهذه العوامل انخفض الاهتمام بالبيتكوين كاستثمار يُدر عائد على المدى القصير والمتوسط، ويتضح ذلك من انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية الأخيرة خاصة ناسداك وستاندرد أند بورز 500 مؤخراً. حيث أن الاهتمام بامتلاك واستثمار البيتكوين من المستثمرين الجدد لا يزال منخفضًا وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي الحالية وظروف السوق والاقتصاد الغير مستقرة عالمياً.