تستأنف أسعار النفط تراجعها الملحوظ اليوم مع أكثر من 1.2% من الانخفاض لكل من خامي برنت وغرب تكساس الوسيط.
اتجاه أسعار النفط إلى التراجع يأتي وسط استمرار المخاوف حول الطلب على الخام بعد التراكم الأكبر من المتوقع للمخزونات في الولايات المتحدة وخفض وكالة الطاقة الدولية لتوقعات الطلب للعام 2025. في حين أن الآفاق الضعيفة لنمو الطلب على الخام تأتي على نحو خاص من المخاوف حول مستقبل الاقتصاد الصيني خصوصاً مع ترقب تفاقم الحرب التجارية مع عودة دونالد ترامب، وهذا ما قد يبقي الأسعار تحت ضغط هبوطي مستمر.
اقرأ: النفط يتراجع وسط المخاوف من عودة ترامب – خاص
كما أن الانحسار المستمر للأمل حول إمكانية خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل قد يبقي أسعار الخام عرضة للمزيد من التراجع مع قوة الدولار، وكان هذا بعد جملة أرقام التضخم هذا الأسبوع تصريحات جيروم باول الحذرة.
في التفاصيل، فقد ارتفعت مخزونات الشركات من النفط الخام الأسبوع الفائت بمقدار 2.1 مليون برميل وفق لإطارة معلومات الطاقة، وهذا ما كان يتجاوز التوقعات. في المقابل، وعلى الجانب الإيجابي بما يتعلق بالطلب، فقد انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير على نحو أكبر من المتوقع بمقدار 4.4 و1.4 مليون برميلاً على التوالي.
جاءت هذه الأرقام بعد تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر نوفمبر حيث خفضت الوكالة توقعات نمو الطلب على الخام من 998 ألف إلى 990 ألف برميل يومياً العام المقبل على ضوء تباطؤ الطلب في الصين إضافة إلى تسارع التحول نحو المصادر النظيفة للطاقة. كما تتوقع الوكالة أن يتجاوز العرض الطلب بأكثر من مليون برميل يومياً العام القادم.
اقرأ: تحولات في سوق النفط وسط تقلبات الأوضاع الجيوسياسية – تحليل خاص
كما قد أفاد المكتب الوطني للإحصاء في الصين بانخفاض نواتج مصافي النفط بنسبة 4.6% في أكتوبر على أساس سنوي، وذلك إشارة أخرى سلبية حول واقع الطلب.
الآفاق السلبية حول الطلب على الخام من قبل أكبر مستورديه تأتي وسط المخاوف حول الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد الصيني مع تفاقم الحرب التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة ترامب. هذه المخاوف تأتي بالتزامن مع تشاؤم الأسواق حول فعالية حزم الدعم في دفع النمو والطلب المحلي الضعيف.
في حين تحاول الأسواق معرفة ما قد تفعله الصين لاحتواء هذا التصعيد للحرب التجارية والتي قد يترتب عليها أثار أكبر بكثير من تلك التي كانت أثناء ولاية ترامب الأولى، بحسب ما تحدثه به وول ستريت جورنال بالاستشهاد بخبراء اقتصاديين.
اقرأ: النفط يتأثر بالمخاوف الاميركية والعالمية
فيما قد تسعى الصين إلى اغراق الأسواق غير الامريكية لتعديل التراجع في الصادرات، إلا أن هذا قد يتقابل مع إجراءات مكافحة الإغراق من الكثير الدول التي تعاني من منافسة البضائع الصينية، وفق وول ستريت جورنال. هذا ما قد يترك الصين أمام خيار دعم الاقتصاد المحلي ذو الطلب والاستهلاك الضعيف لتعويض الانخفاض في الصادرات.
في المقابل، كما أفادت وول ستريت جورنال في تقرير سابق هذا الأسبوع بأنه وعلى الرغم من تولي مرشحين متشددين تجاه الصين لمناصب في الإدارة الامريكية المقبلة، إلا أن هذا لا يزال يترك المجال أمام الحوار بشأن الشروط التجارية للبلدين. كما أن الصين قد تلجأ إلى التودد لرجال الأعمال الأمريكيين للضغط على الإدارة الجمهورية لتخفيف حدة التصعيد التجاري. عليه، فإن القيود التي قد تفرض على الصين قد لن تكون على القدر الذي تحدثه به ترامب سابقاً أثناء حملته.
إضافة إلى ذلك، يرى توماس فريدمان في مقال للرأي في نيويورك تايمز بأن الصين لن تتقبل ما قد يفعله ترامب في ولايته الثانية كما لم تتقبله أثناء الأولى ويرى أن الواقع أكثر تعقيداً مما قد صوره ترامب أثناء حملته الانتخابية. حيث استشهد فريمان بنهوض شركة هواوي على الرغم من القيود التي فرضت عليها لمنعها من الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة ولتصبح الأن مورد رائد عالمياً لمعدات الاتصالات.
اقرأ: كيف ستتأثر أسعار النفط بالهجمات على المصافي الروسية؟
بالعودة أخيراً إلى الولايات المتحدة، وعلى الجانب الاقتصادي، فنرى المزيد من التشاؤم حول إمكانية خفض أسعار الفائدة العام المقبل وذلك بعد خطاب جيروم باول الأمس وقوله بأن صحة الاقتصاد تعطي الراحة للبنك المركزي في تحديد وتيرة خفض المعدلات. كما قال بأن الاقتصاد لا يعطي إشارات على اننا في حاجة ملحة لخفض أسعار الفائدة.
بناءً على هذا الخطاب الحذر من الفيدرالي، وإضافة إلى عودة التضخم إلى التسارع مجدداً في أكتوبر الفائت، فقد تقلصت احتمالية خفض المعدلات بمقدار 25 نقطة أساس في يناير المقبل إلى قرابة 17% فقط بعد أن تجاوز 60% قبل أكثر من شهر، وفق CME FedWatch Tool.
اقرأ: د. هادي دلول يكشف تخاذل الدولة اللبنانية.. فهل تهرب (توتال) قبل استخراج النفط؟ – فيديو صورة
في حين ان عودة سردية المعدلات الأعلى لفترة أطول من شانه أن تعيد الضغط الهبوطي على أسعار الخام نتيجة لقوة الدولار من جهة والأثر الذي قد تتركه معدلات الاقتراض المرتفعة في نمو الاقتصاد العالمي من جهة أخرى.
تحليل: اسمر حسن