غرّد الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي مستنكرًا سرقة كاتب فلسطيني يدعى أدهم شرقاوي، لمقولة له ووضعها تحت عنوان مقولة اليوم وكأن الشرقاوي كتبها اليوم ما شاء الله ليعلن نفسه سارقاً دون خجلٍ أو وجل.
ونشر الشرقاوي مقولة زاهي وهبي الشهيرة ناسباً غياها لنفسه والتي تقول: “لم يكن الحظ يومًا معي، كان الله”، ونشرها متجاهلًا كافة حقوق الناشر، وضاربًا في الصميم كافة المعايير المهنية والأخلاقية وفوق ذلك يدعي أنه كاتبٌ.
جاء رد وهبي محترمًا وراقيًا مثلهُ، ليشكره على نشر عبارته عكس “سارقها”، فيوصفه بـ “الأخ الكريم”، مُضيفًا: “حبذا لو تفضلت بذكر اسم قائلها!”
لكن الشرقاوي لم يحرك ساكناً قبل تدخل الزميلة الأحمدية التي كتبت تعلق مستهجنةً سائلةً إياه: يا أنت كيف تسرق الله من زاهي وهبي.
اعتذر الشرقاوي بتغريدة، ويا ليته سكت بدل تبريره القبيحوهو أنه لم يذكر اسم زاهي بحجة إنتشارها وبشكل مكثّف عبر مواقع التواصل الإجتماعي، دون إرفاقها بمصدرها..
إذاً الكاتب اعترف أنه يلم من هنا وهناك ويسرق وينسب لنفسه!
الشاعر والاعلامي زاهي وهبي اكتفى بأن نصح الشرقاوي بمراجعة مصدر أي عبارة أو مقولة منتشرة، حفاظًا على حقوق كاتبها الفكرية.
إتصلنا بالإستاذ زاهي وهبي للرد على الإنتهاك الفكري الذي تعرّض له، فقال:
“السرقات الأدبية ليست جرماً جديداً أو طارئاً، هي قديمة قِدَمَ الأدب نفسه. ولطالما حدثت فضائح مدوية في هذا المجال، ودارت حولها وبسببها اتهامات وسجالات ونقاشات حادة. لست أول مَن يتعرض لمثل هذا الأمر، ولن أكون الأخير، خصوصاً وأن حقوق الملكية الفكرية والأدبية في بلادنا العربية غير مصانة ولا محفوظة. ناهيك بالفوضى والعشوائية التي أوجدتها وسائل التواصل الاجتماعي التي خلطت الحابل بالنابل والغثّ بالسمين، بحيث باتت النصوص والمقولات، التي بذل أصحابها عصارة أفكارهم ومشاعرهم لاستيلادها واستنباطها، مشاعاً لِكل مَن هبّ ودبّ في هذا الفضاء الكوني الشاسع المتفلت من كل الضوابط.
أعتقد أن لا حلول جذرية لهذه المعضلة سوى سنّ قوانين تجرّم السرقة الأدبية حتى لو كانت على شكل تغريدة أو بوست، وبرفع مستوى الوعي بحقوق الملكية الأدبية والفكرية وضرورة احترامها.
يسعدني جداً أن يتداول الناس قصائدي ونصوصي ومقولاتي لكني أكون أكثر سعادة حين يذكرون اسمي مرفقاً بها، وهذا ما تفعله غالبية المغردين إلَّا قلة قليلة ممن أسميهم منتحلي صفة.
أما مَن ينسب لنفسه مقولة لي فأحاول لفت نظره للأمر. إذا تفهم ذلك واحترمه وصحح الخطأ فهذا يكفيني ويرضيني، وإذا لم يفعل فإنني أتكل على أن أصدقائي وقرائي سيكتشفون السرقة ويفضحون السارق.
وفي نهاية المطاف فإن الكتابة عموماً والكتابة الشعرية خصوصاً هي وعي وفكر وشعور وإحساس وخلاصة تجارب وقراءات قبل أن تكون مجرد كلمات. يستطيع منتحل الصفة سوقة الكلمات لكن هيهات له أن يعيش لذة لحظة ولادة الفكرة والصورة الشعرية، أنه يضحك على نفسه أولاً، ولا أجد له وصفاً سوى “الأم المستعارة”.
إذ ما معنى الأمومة من غير حمل وآلام مخاض واحتضان وحنان ورعاية.
القصيدة تتشكل في روح الشاعر ووجدانه مثلما يتشكل الجنين في رحم أمه، ولوالدتها آلام تضاهي آلام الطلْق والمخاض.
القصيدة مولودٌ والحبرُ دمُ ولادته!”
لطالما كانت سرقة العبارات والمقولات والكتابات مرفوضة، لكن هذه المرة أتت من حسابات موثّقة ومن أحد مدعّي الأدب والثقافة، وهنا نسأل: كيف لكاتب يدعّي تمسكه بقضايا الناس أن يسرق؟ ولمفكر أن يستغل جهود غيره؟
ليعرف الجميع أنه عندما تُسرق عبارة، يُسرق شعب، وتسرق حضارة وثقافة، ويسرق تاريخ وحاضر ومستقبل..
سارق الأدب والفكر كسارق البلاد والثروات، كأهل السياسة، لا بل وأكثر وقاحةً بجرمه!
ليعرف الكاتب الفلسطيني أن من سُرِقت أرضُه يجب أن يعز عليه سرقة الآخرين.
عبدالله بعلبكي – بيروت