من آخر المستجدات في الأزمة الحكومية بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري عن التشكيل، انطلقت حلقة الأمس من برنامج “ضروري نحكي”، حيث إستضافت الاعلامية داليا داغير عضو تكتل “لبنان القوي” النائب زياد أسود وناقشت معه الخيارات المطروحة بعد إعتذار الحريري. وكان في الحلقة مداخلة مع نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة، والخبير الاقتصادي د. نيكولا شيخاني.
مقدّمة الحلقة:
على مشارف تلّة جبلية رائعة المناظر تطل على بيروت سأخبركم ما رواه لنا من ولدوا في هذا الوطن الحبيب لبنان في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات…
أول من أمس كنا في جلسة؛
حدثتنا الصبية الأولى عن والدها؛ الخياط الذي نزح من بكفيا إلى “البلد” ليلوّن أسواقها بخيطان الفساتين حتى أتت الحرب وما تلاها من مصادرة للأملاك مقابل “تشيك” هزيل من الأموال الوهمية، فقضى عمره الباقي في حرب خاصة لاستعادة حقه قبل أن يخونه قلبه ويرحل ولا تجد أسرته من بعده من يكمل المعركة.
وروت ثانية عن والد لم ترَ دمعته في حياتها إلا يوم واحد، حين رأى عشرين شخصاً يصلون في سيارتين إلى واحدة من محطات التهجير التاريخيّ، محملين بكلِّ أنواع الخيبة وأشكالها. وصفت ذاك القفز المتتالي في المجهول؛ من دون بيت أو مال أو ذكريات أو آفاق مستقبل.
وأخبرنا ثالث عن التدمير الاسرائيليّ للبشر والحجر وكل شيء آخر فوق رأسه، ليفاجأ وهو يفتح عينيه برؤية الناس يكملون حياتهم بشكل طبيعيّ جداً على مرمى حجر من مصيبته.
وروى رابع عما درجت المليشيات على فعله في الحيّ الذي نشأ فيه، فرد آخر أن المليشيات المناوئة لها في الحيّ الآخر الذي كان يقطنه هو إنما كانت تفعل الأمر نفسه.
وتحدث سادس عن أنه لم يعش لا من قريب ولا من بعيد في قريته البعيدة كلّ ما هو مكتوب في بعض الروايات.
ومن الذكريات البعيدة إلى تفجير المرفأ القريب، إلى كل ما يطبع يومياتنا من مآسي؛ وواحدة منها لا بل أعظمها أنهم ينجحون في التعامل معنا بـ”المُفَرَّق”. فلا شيء اسمه حق عام، مع تحول مخيف للمشاكل الكبيرة إلى ما يشبه المشاكل الشخصية. فلا أحد يعنى بمكافحة الفساد إلا حين يحتاج إلى توقيع معاملة ما وتُعرقل أموره، ليفقد اهتمامه بالفساد ومكافحته فور توقيع المعاملة. ولا أحد يرفع الصوت أو يحتج إلا حين تُمس مصلحته المباشرة، لينسى “القضية” أو يتناساها بمجرد أن تحل مشكلته. والكثيرون لا يشعرون بأزمة الأسعار وشح الدواء والكهرباء والمحروقات لمجرد أنهم يتدبرون أنفسهم. وهو ما يسمح للظالم بأن يظلم، ويواصل حياته من دون أن يخشى أحدًا أو شيئًا، لمعرفته أننا آلاف الشعوب في شعب واحد، وما من يهتم من بيننا لما يمكن أن يصيب جاره طالما هو بخير.
لكن! هل هذا صحيح فعلاً؟؛ طرحنا على أنفسنا هذا السؤال وتأملنا بحجم استفادة الخصوم أو الأعداء من انشغال كل منا بتخليص نفسه، فيما نغرق جميعنا، وتذكرنا كل تلك الروايات المحفورة في الوجدان اللبنانيّ عن الثورين الأبيض والأسود. وهو ما يفترض أن يكون واضحاً من دون التباس اليوم: مخطئ جداً من يعتقد أن نصف البلد سيغرق ونصفه الآخر لا؛ أو أن نصف البلد سينقطع من البنزين ونصفه الآخر لا؛ أو أن نصف المواطنين سيحرمون من الدواء والنصف الآخر لا.
السياسيون وناس السياسيين الذين يعتقدون أنهم يقودون خصومهم أو جيرانهم إلى التعثر والفشل فيما هم سيسلمون لا يفهمون شيء من كل التجارب التي عرفها هذا البلد؛ ولا من القصص الغنية بالعبر.
غداً، لن يكون هناك منتصر؛ من يعتقد أن بوسعه الركض إلى التلة لينقذ نفسه من الطوفان مخطئ جداً وكثيراً؛ لقد دفع البلد كله، لا مجموعة لبنانية أو منطقة أو فئة، ثمن الحروب الاسرائيلية، ودفع البلد كله ثمن التهجير، ودفع البلد كله ثمن 13 تشرين 1990، ودفع البلد كله ثمن السياسات الحريرية الاقتصادية والمالية، ودفع البلد كله ثمن تعطيل خطط الكهرباء، ودفع البلد كله ثمن العنتريات المختلفة، ودفع البلد كله ثمن الأشهر التسعة الماضية وسيدفع البلد كله بجميع ناسه وفئاته ومناطقه ثمن مواصلة الانتقام السياسي.
في حلقتنا الليلة نبحث مستقبل رفع الحصانات والتدقيق الجنائي واستعادة الموال المهربة إلى الخارج ومساعدات البنك الدولي والاستشارات والحكومة، مع كل ما يواجهه المواطن اللبناني من ضغط معيشي خاص بالأجور وغلاء المعيشة والكهرباء والمحروقات والدواء والاستشفاء؛ مع عضو تكل لبنان القوي النائب زياد أسود؛ في حلقة يتخللها عدة مداخلات مع معنيين في القطاع الاقتصادي.
رأى عضو تكتل “لبنان القوي” النائب زياد أسود الى انّ “من يعتقد أنّه سينجو من الاستمرار بضرب الرئيس ميشال عون وعهده فهو “غبي”، معتبرا انّ “نصف البلد يغرق لكن النصف الآخر لا يزال يقاوم”.
ولفت أسود الى انّ “الواضح ان الحريري اخطأ بالقراءة في أكثر من مرحلة وهو عجز عن تقديم اسباب مقنعة للرأي العام عن عدم قدرته تشكيل الحكومة، والإنتخابات ستقرّر اذا يمكن طيّ صفحة الحريري كرئيس للحكومة محتمل في المستقبل”، مشيرا الى انّ “قرارات الحريري هي من أضرّت به وعندما ربط اعتذاره عن التشكيل بإستقالة الرئس عون هو من باب الشعبوية وباب انه يريد أن “يكبّر حجمه”.
واكّد انّ “الضغط الأميركي مستمرّ على لبنان حتى الانتخابات النيابية المقبلة واميركا تحاول ان ترمي موبوقات سياستها في لبنان طيلة السنوات منذ تبنيها اتفاق الطائف على العهد والرئيس عون”.
وقال: “العلاقة بين الحريري والسعودية أسوأ من علاقة الرئيس بري وسوريا”.
وتابع: “مجلس النواب ليس ملك نبيه برّي حتى “أترك وفلّ” البرلمان “مش بيت بيّو”. انا احترم النظام الداخلي لمجلس النواب لأنني احترم نفسي ولن أنتخب بري رئيسا للمجلس اذا كنت نائبا في الدورة المقبلة”.
وأضاف: “اذا كان ينتظر من طرح فكرة تسمية الوزيرين المسيحيين عبر القرعة ان يوافق الرئيس عون على هذا التعاطي مع المسيحيين فهو مجنون؛ ولن اختار لا الحريري ولا ميقاتي لرئاسة الحكومة لأنّ المعيار واحد بالنسبة لي”.
وعن بديل الحريري، ختم أسود قائلا: “فيصل كرامي ونجيب ميقاتي وفؤاد مخزومي من الاسماء التي يتم تداولها من اجل الاستشارات النيابية الملزمة الاسبوع المقبل”.
جبارة: كيف ستحلّ أزمة الدواء؟
أشار نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة الى انّ “استيراد الادوية متوقف منذ شهرين تقريبا بسبب عدم اعطاء مصرف لبنان موافقة مسبقة بعد ان فقد قدرته على دعم لاوئح الأدوية المطلوبة”.
وسأل: “بالرغم من أنّ لائحة الادوية المدعومة تتضمّن ادوية الامراض المزمنة والمستعصية الا انّ كيف ستحلّ الازمة اذا مصرف لبنان لا يعطي موافقات مسبقة”؟
من جهته أكّد الخبير الاقتصادي د. نيكولا شيخاني انّ “هناك مشكلة ثقة كبيرة في القطاع المصرفي بعد ان حجزت المصارف على ودائع اللبنانيين”.