أيدت الإعلامية الأردنية إخلاص القاضي الثورة اللبنانية ضد الطبقة الحاكمة والتي تدخلها يومها الثالث والعشرين، وطالبت اللبنانيين أن ينتبهوا من تقاسم السياسيين لحصص البترول الذي سيبدأ تنقيبه قريبًا من البحر، وأطماع إسرائيل التي ستحاول الإستيلاء عليه، وتأسيس صندوق سيادي بعيدًا عن الزبائنية والمحاصصات.
كتبت مقالًا تسرد ما يحدث وتعطي عدة توجيهات حول هذا الموضوع، وجاء كالآتي:
منذ إنطلاق ثورة ١٧ تشرين اللبنانية ضد الزبائنية والمحاصصة والطائفية وسطوة ملوك الحرب، والإقطاع، والسرقات والفساد، أيقن العالم أن ما بعد ١٧ تشرين في هذا البلد المبتلي بعدم الاستقرار ليس كقبله، إذ بلغ اللبنانيون حدهم الاقصى في الصبر على الفقر والجوع والقهر، فصدحت أصوات جحافل الثوار ‘ ثوار احرار حنكمل المشوار’، ما اثلج صدر كل عربي يحلم بدحر الاستبداد واشكاله وأزلامه’ كلن يعني كلن’.
الحقائق التي اشيعت حول ثروة لبنان النفطية المرتقبة، مذهلة، حيث تبلغ مجمل مساحة ‘البلوكات’ النفطية للبنان على المتوسط قرابة ٢٢ الف كم٢، فيما تبلغ المساحة المتنازع عليها مع إسرائيل ٨٥٤كم٢، ولكن الأخيرة التي اعتادت على الاحتلال والنهب، عينها على ما يتجاوز هذا الرقم، طالما الوضع في لبنان،’طعة وقايمة’ بحسب القول الدارج، فيما لا نستبعد بصمات اسرائيل في تأجيج حيثيات الموقف الداخلي، لتتفرغ هي لمآربها، كالمعتاد.
شركات عالمية ستقوم بالتنقيب عن النفط في لبنان، (توتال الفرنسية، ونوفاتيك الروسية، وايني الايطالية)، وهذا ما يظهر جدية وثقة عالمية في إمكانية تحول لبنان لدولة نفطية بامتياز، وتقدر احتياطات النفط والغاز في المياه اللبنانية بحدود ٣٠ تريليون قدم٣، ومن المتوقع أن تنتج٦٦٠ مليون برميل من النفط السائل، فيما تقدر احتياطات الغاز نحو ١٦٤ مليار دولار، وقيمة احتياطات النفط بنحو ٩٠ مليار دولار بين الأعوام ٢٠٢٠ وحتى ٢٠٣٩، كما و تقدر أوساطاً ذات صلة، أن متوسط قيمة انتاج الغاز ٢ر٨ مليار دولار سنوياً، ومتوسط قيمة انتاج النفط ٥ر٤ مليار دولار سنوياً.
بالحقيقة اذا ما صحت تلك التقديرات فانها قيماً مهولة، وثروة هائلة، ستدخل لبنان نادي النفط في الاقليم وربما العالم، الأمر الذي يتوجب على الساسة اللبنانيين الالتفات اكثر لوطنهم ولمقدراته، والكف عن العبث والنهب والفساد، والانتقال لاحقاً -إذا ما نجحت الثورة- ، للدولة المدنية العلمانية، ودولة المؤسسات والقانون، وعلى اللبنانيين من جانب آخر الاستمرار في ثورتهم السلمية لتصبح نهج حياة في الإصلاح والتغيير الحقيقيين، ولتتحقق كل مطالبهم في السيادة والحرية والاستقلال والعيش الكريم، كل ذلك يفوت على الاسرائليين فرص الاستفراد بالنفط اللبناني، كما يجعل من اللبناني قادر على حل جميع مشكلاته الاقتصادية والمطلبية والمعيشية.
ويتطلب الأمر من اللبنانيين كذلك التنسيق الكبير مع الجارة سوريا بسبب تداخل ‘البلوكات’ النفطية على الحدود الاقليمية المائية المشتركة، لما فيه خير البلدين، وربما سيلزم الامر وقتاً لترتيب الأمور اللوجستية والمالية وغير ذلك، ولن تتوانى روسيا في مساعدة سوريا على ذلك، لما تتمتع به من خبرات في هذا المجال من جهة، وللعلاقة الوطيدة التي جمعت وتجمع البلدين من جهة أخرى لاسباب يطول شرحها، ومن المعروف أن التوصل إلى حلول ترضي الطرفين اللبناني والسوري بشأن تداخل ‘ البلوكات’، قد يردع اسرائيل أيضاً من التفكير بمقاسمتهما تلك المساحات النفطية الكبيرة، او الاستيلاء عليها مستغلة انشغال البلدين أمنياً وسياسياً ومعيشياً.
وحتى يستقيم الوضع المالي في لبنان، في حال فعلاً تمكنت من استخراج النفط بالكميات التي تقدرها دراسات وتقارير، وحتى لا تضيع عوائده بين المحاصصة والنهب والفساد، وتوزع على ملوك الطوائف الذين لن يندثروا بثورة وضحاها، لابد للبنان من إنشاء الصندوق السيادي لهذه الغاية، يحفظ اموالها ومقدراتها، ويبعدها عن شبح توزيع الثروات على الفاسدين، ولينعم اللبناني بعيش هني يليق به وبوطنه الغني إرثا وحضارة وثروات بشرية واقتصادية وسياحية من الطراز الرفيع لو قدر لها استرجاع ‘ سويسرا الشرق’، رغم هذا الشرق الملتهب.
وكم نتمنى في الأردن زف خبر البدء بالتنقيب عن النفط، الذي ينتظره الاردنيون بفارغ الأمل منذ عقود، فيما تتراخى الدولة في المضي قدماً بالبحث والتنقيب بشكل جدي ومتواصل، لاسباب نسمع بعضها، ونجهل بعضها الآخر، على حكومة النهضة إيلاء هذا الموضوع الأولوية القصوى، وتذكري أيها الحكومة الناهضة مؤشرات الفقر ونسبة البطالة وقيمة المديونية، لربما لتتشجعي على تحقيق أحلامنا المشروعة في بلدنا الوحيد المفتقد للبترول.