أمس شعرتُ بالأسف الشديد عندما شاهدتُ حلقةً من برنامج (مع تمام) الذي يقدّمه المذيع اللبناني تمام بليق، ويُعرض عبر شاشة (الجديد)، استقبل بها الممثلة اللبنانية الموهوبة بونيتا سعادة.
نسبة جيّدة من المشاهدات ينالها البرنامج دون شك، وبونيتا تستحق دعمًا كبيرًا على ما تمتلكه من إمكانات فنيّة رفيعة، كلّ هذا لا نعارضه، بل نؤيده ونعلنه أمام كلّ قرائنا.
لكنّ الإساءة للعالمة اللبنانية الكبيرة مريم نور، أثارتْ امتعاضنا، ولا نفهم حتّى اللحظة، الغاية من إغضابها والتعدي على خصوصياتها وحياتها الشخصيّة، من أجل استدراج الآلاف من المشاهدين.
ألا تكفي بونيتا بكلّ الشخصيات التي أجادت تقليدها، لتحصد نجاحًا عن الحلقة؟
مريم نور ترحّب كما كل مرة بكلّ أهالي الإعلام، رغم يأسها من المواد الساقطة والمنحطة والفارغة التي تقدّمها معظم وسائل إعلامنا، تحاول جاهدةً استغلال ولو القليل من الوقت، لإرسال أهم الأفكار والقضايا الساميّة لمشاهدين عرب، عليهم أن يستيقظوا سريعًا قبل أن تنهار أمّتهم بالكامل.
إقرأ: مريم نور تتحدّث عن ابنتها لأول مرة ولا تريدها؟
هذه المرة رأيناها مع تمام من منزلها، قبل أن تدخل بونيتا ترتدي هندامها وتقلّدها، ما جعل مريم تستشيط غضبًا، فتقرّر ترك المنزل.
السيّدة العالمة الكبيرة التي تتجاوز سنّ الثمانين، تعرّضت لمضايقة غير مبرّرة أمام الكاميرا، حاولوا السخريّة منها بهدف استقطاب المشاهدات، فتحوّلت دون مبالغة توصيفية، إلى لحظات تلفزيونيّة كارثيّة أشبه بالمهزلة.
كيف يتركونها ترحل من منزلها المُسجّل باسمها، مالكته، وتدخل المصعد الكهربائي؟
كيف لا يحترمون سنّها ورتبتها العلميّة وموقعها كسيدةٍ لبنانيّة جالت الكون ونالت أمجادًا؟
كأنّ تمام مصرٌ على ترويج هذه المعادلة المُستهلكة: (استقبل مريم نور، اطرح أسئلة سخيفة عليها، قاطعها، أغضبها، دعها تترك الحلقة).
هذه المرة من منزلها، قرّر تطبيق المعادلة، فسقط مع فريق العمل سقطةً مهنيةً أخلاقيّةً مُريعة.
هجومٌ سافر على مريم نور، نشجبه، ليكنْ عبرةً لكلّ من يفكر بعد باعتماده.
تمام مُجتهد، لكنّه يخطئ، وخطأه هذه المرة فادح، بل أكثر سوءً.
له ولغيره نقول: (كفى سخريةً منها، كفى استغلالًا لما تحظى به من معلومات قيّمة، كفى اعتداءً على علمائنا ومفكرينا وفلاسفتنا).
ولمريم نور نهتف: (الظلام هم، وأنتِ النور).
عبدالله بعلبكي – بيروت