هل تعلم أن مؤسس علم الاخلاق فينيقي؟
إنه الفيلسوف المفكر زينون الفينيقي، مؤسس الفكر الأخلاقي، أحد أعلام الفكر الفينيقي القديم.
تأسس علم الأخلاق على يد الفينيقين تمامًا مثلما أهدوا للعالم الأبجدية الأولى، واللحن الأول، والملحمة الأولى، والمحراث الأول، والمركب الأول، ودورق الفخار الأول، والمرآة الأولى، والسباق الأولمبي الأول، وأطواق الغار الأولى، والزجاج، والدولاب، وغيرهم. يعود الفضل في علم الأخلاق إلى زينون الرواقي الفينيقي، مؤسس فلسفة الأخلاق. المؤسس للمنطق الحديث الذي يعرف بالمنطق الرمزي أو منطق الرياضيات.
الأخلاق الرواقية
زينون الرواقي الفينيقي فيلسوف عاش في القرن الرابع والقرن الثالث قبل الميلاد (335 – 264 ق.م.) بعد فلاسفة اليونان المعروفين: سقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس. ولد في المستوطنة الفينيقية كتيوم – لارنكا اليوم. في قبرص، وأصل عائلته من صور من فينيقيا. بعد أن استقرت عائلته في قبرص، ذهب إلى أثينا ليعلم شبانها حكمته الجديدة.. وعرفت تلك الحكمة، في تاريخ الفلسفة، بالفلسفة الرواقية، لأنه كان يعلمها لتلاميذه في رواق. والرواق، كان عبارة عن ممر مسقوف ومحاط بصفين متوازيين من الأعمدة.
رفض زينو لقب المواطن الإغريقي وأصر على لقبه الفينيقي فاحترم اليونانيون إرادته بعد موته وكرموه بقبر وتاج من ذهب وكلمة على قبره هنا يرقد زينون الفينيقي مؤسس علم الأخلاق.
في عقيدة زينون أن نزاعات البشر تنطلق من الانفعالات، فإذا كان الإنسان مدفوعًا بانفعال عنصري فهو لا محالة مفرق بين عنصره والعناصر أو السلالات الأخرى. وإذا كان محكومًا بانفعال قبلي، فهو معاد للقبائل الأخرى، وإذا كان مشحونًا بانفعال خصوصي فهو عدو الآخرين، مطلقا عليهم نيران فرديته وأنانيته، وقس على ذلك. من هنا قول زينون: الحكيم هو القادر على كبح انفعالاته ومنعها قبل سلوكه، إنه ضابط لانفعالاته وليس انفعاليًا.
غير أن بلوغ ذلك المستوى العالي من القدرة على التحكم بعواطفنا وانفعالاتنا الهوجاء، غير ممكن بدون الارتقاء بوجودنا إلى مستوى آخر من النظر إلى الأمور ألا وهو المستوى العقلي. فالعقل في الإنسان الحاكم الوحيد القادر على لجم الانفعالات. العقل هو السائق الوحيد القادر على قيادة مسار جسدنا الذي يعج ويضج بوحوش الانفعالات، وهدايتها وتوجيهها سواء السبيل.
من شرفة العقل نرى البشر أخوة تمامًا كما قال زينون الرواقي: كل البشر أخوة، وهذا معناه: عليك أيها الإنسان، إذا كنت عاقلاً، أن تحب جارك وتحترم الآخر . أربعة مائة سنة قبل ميلاد المسيح، وجد فيلسوف اسمه زينون ينطق بحكمة أكدتها المسيحية، بعده، ألا وهي أحبوا بعضكم بعضًا.
والأخ في قاموس زينون، ليس الاخ الجغرافي – المحلي حصرًا ولا الأخ السياسي ولا الأخ اللغوي ولا الأخ العنصري أو الطبقي أو الطائفي إنه الاخ الأخلاقي – العقلي.
إنه أي إنسان وكل إنسان لذلك، نقول: إن فكرة الحب العالمي هي في صميم فلسفة زينون الأخلاقية الجديدة التي شكلت ثورة في تاريخ الفلسفة عمومًا وفلسفة الأخلاق على وجه الخصوص، والتي وضعت الأخلاق على الأساس الذي بدونه لا تكون الأخلاق أخلاقا ألا وهو مبدأ الكونية أو العالمية.
إن الشهرة التي يتمتع بها التاريخ الروماني في ميدان الحضارة الإنسانية مردها القانون الروماني المساوي بين البشر والذي جوهره كان في فلسفة زينون كما ذكرنا.
والدستور الأميركي العصري (بالإضافة إلى دساتير بلدان أوروبا الغربية) منفعل بالقانون الروماني كما أراده الامبراطور الرواقي أوريليوس هذا لجهة القانون في بعض البلدان.
أما لجهة القانون بعامة والمؤسسات القانونية عموما فنحن في هذه الأيام نتكلم عن القانون الدولي ومؤسسة الأمم المتحدة وقبلها مؤسسة عصبة الأمم. مثل هذه المؤسسات العالمية، إن هي، في نظرنا، إلا تطبيقًا قانونيا للفلسفة الرواقية العالمية. ولشرح فكرتنا، نذكر، أن الأخلاق اثنان: أخلاق تصدر من داخل الإنسان فمصدرها جواني حر، وأخلاق تحصل عن طريق الإكراه الخارجي. أخلاق الحرية هي أخلاق الفلسفة الرواقية وأخلاق الانصياع للقوة الخارجية (قوة القانون ومؤسساته) هي ما نراه ونختبره في حياتنا عندما نطيع قوانين الدولة ومؤسساتها الشرعية المتعدّدة المختلفة .
ما احوجنا نحن اليوم بعد ٢٣٠٠ سنة الى مبادئ واخلاق زينون الفينيقي.
الحركة الفينيقية