منذ تسع سنوات تقريبًا، عُرضت الحلقة الأخيرة من المسلسل التركي (العشق الممنوع) الذي حقق أعلى نسبة مشاهدة في الشرق العربي، وساهم برأي البعض بهدم القيّم والعادات الإجتماعية، كونه ناقش قضية خيانة يتعرض لها عمٌ (عدنان) من شابٍ رعاه كإبنه (مهند) وزوجته (سمر)، واللذين لعب دوريهما كيفانش تاتليتوغ وبيرين سات.
العمل خلق جدلًا كبيرًا بين مؤيد ومعارض، وطالب بعض رجال الدين بمنع عرضه، واستطاع نجومُه كيفانش وبيرين، مع هازال كايا التي لعبت دور (نهال) ابنة (عدنان) وتُخان أيضًا، أن يفرضوا حضورًا استثنائيًا، وينالوا شهرةً عربيةً واسعةً.
النسخة العربية دُبلجت باللهجة السورية، وعرضتها قنوات (MBC) التي تفاجأت إدارتها بنسب المشاهدة المرتفعة التي حققها مسلسلا (نور) و(سنوات الضياع) قبل سنتين من ذاك الوقت.
جزء كبير من المشاهدين السوريين الذين تابعوا (العشق الممنوع) تعاطفوا مع شخصية (سمر) الخائنة التي لعبتها بيرين ببراعةٍ لافتةٍ، ما جعلها تفوز بجوائز عديدة في تركيا، وتصبح الممثلة الأعلى أجرًا آنذاك، قبل أن تتراجع نجوميتها.
تفاعلوا معها كثيرًا، لذا نرى صورتها كالأيقونة على بروفايلاتهم، وغالبيتهم هاجموا (نهال) التي مثّلت وجه الخير، وكانت البريئة لدرجة السذاجة فأحبت (مهند)، ووثقت به وضحت بكل شيء من أجله، لأنها برأيهم فرقت بين الخائنة والخائن، الذي كاد يحبها بالحلقات الأخيرة لولا مؤامرات زوجة عمه التي أحاكتها بخبثٍ لكي تبعده عنها.
كرهوا نهال واحتقروا أبيها الذي اهتم بـ(مهند) ولم يشعره إنه لقيطٌ يومًا، وراحوا يتغزلوا بمهند وسمر الخائنين اللذين دخلا بعلاقةٍ مشبوهةٍ بوقاحةٍ لا مثيل لها.
هذه السنة، عُرض مسلسل (خمسة ونص) وحقق نجاحًا باهرًا، نادين نجيم (بيان) تخون زوجها قصي خولي (غمار) مع مرافقها معتصم النهار (جاد) عاطفيًا أي دون أن تمارس معه علاقة جسدية، ودوافعها تبرر لها فعلتها: من معاملته القاسية عكس زوج (سمر) الذي كان يعاملها كملكة، والظلم الذي تعرضت له في حياتها وغيرها.
نفسهم من دافعوا عن بيرين سات، هاجموا نادين نجيم (الخائنة) بنظرهم، وربما نعارض سلوك شخصيتها الذي ما كان عليه أن يُقلب فجأة من نائبة نزيهة تمثل شعبًا كاملًا إلى إمرأة تدفعها ظروفها لخيانة زوجها المتسلط، لكن تبرئة (سمر) وتجريمها أمر يضحكنا.
نادين لبنانية متُهمة بجمالها تُهاجم إن نطقت حرفًا، لم تقبّل معتصم ولم تلعب معه مشهدًا يخدش الحياء، بيرين خانت وقبلت كيفانش وسمحت له يخلع ثيابها وخلعت ثيابه وتحدت التقاليد الاجتماعية في تركيا، لكنهم أحبوها ولو كانت لبنانية للعونها وقالوا إنها فاسقةٌ، ولشبهوا فتيات البلد بها، ولأصبحت مثالًا يذكرونه كلما ذكر أحد ما لبنانيةً أمامهم.
كتبنا عن محاربة بعض السوريين العنصريين لنادين بإستمرارٍ، وحوربنا كثيرًا وعاد الجميع يردد كلّ ما قلناه، وليست المرة الأولى، وكلّ يوم نثبت إننا نمتلك الشجاعة لقول كلّ ما نعرفه، وتلك مسؤولية الصحافي الذي عليه أن يرى ويراقب وينقل الحقيقة مهما كانت الضريبة التي سيدفعها.
إقرأ: مسلسل الصابون والدجل التلفزيوني ونادين نجيم تُحاكم لأنها لبنانية
اليوم احتفلت صفحة سورية سخيفة لا تمثل السوريين المنصفين والمحترمين، بالحدث العظيم وكتبت: (مرت ٩ سنوات على وفاة بيرين سات بمسلسل العشق الممنوع، الشخصية التي أسرت قلوب الملايين)، ولا تستغرب عزيزي القارئ إن كانت نفسها من قالت منذ أسابيع إن لا شيء يبرر خيانة نادين لزوجها، فالخيانة ليست مشكلتهم لأنها موجودة بمجتمعاتهم كما كلّ المجتمعات، أما السبب فبسيط: نادين نجيم لبنانية يحتقرونها، بيرين سات تركية يمجّدونها، وللحديث تتمة!
عبدالله بعلبكي – بيروت