لأول مرة في لبنان، نرى نائبةً كـ بولا يعقوبيان قريبة بهذا الشغف من الشعب الذي انتخبها بقناعاته لا بإنتماءاته.
انتُخبت من الشعب المقهور والمضطهد والمسلوب من طبقته السياسيّة الإقطاعية لعقود من الزمن.
أصبحت يعقوبيان ممثلة شرعية للبلاد، بأصوات الناس لا بإرثٍ سياسي من أحد رجالات الطبقة المشبوهة.
خلعت ثوبها الإعلامي وترقت في مهامها من صاحبة منبر إلى منبر بحد ذاته، ومن باحثةٍ عن المتاعب إلى باحثة عن صانع المتاعب، من السلطة الرابعة إلى السلطة الثانية.
إيمانًا بقدرتها على التغيير، تتناسى يعقوبيان كعب حذائها الرفيع وتركض من أجل اللحاق بمظاهرة شعبية بسيطة لتحريك إحدى الملفات العالقة على طاولة مجلس النواب، ولإطلاق صرخة بوجه أطماع السياسيين ومحاولتهم المستمرة في الإستيلاء على كلّ ما تبقى من ثروات في لبنان، إن تبقى!
تكابر يعقوبيان على المهاجمات المستمرة لها على الصفحات المكتظّمة بجيوش إلكترونيّة تموّل وتحرّك من إدارات الأحزاب والتيارات السياسيّة الفاسدة، وتكمل مهمتها لأنها تعي أن التواصل يكون مع الناس لا مع المواقع.
إمرأة مثلها في وطن لم يعد فيه رجال، والتحية على كل جهودها، بالأمس كانت تنادي لمنع زواج القاصرات في مظاهرة تحت المطر بلا رجال مرافقة، ومنذ أسبوعين كانت تشارك جمعية “نفسانيون” ندوة ثقافية، واعترضت سابقًا على دفع مليون دولار من أجل شجرة ميلادية وسط بيروت، وصرخت بوجه محرقة ستولد كافة الأمراض السرطانية في أجساد اللبنانيين.
واليوم تُتهم يعقوبيان بمنزل سعره مليون و٦٠٠ ألف دولار أميركي في إطار الحروب المستمرة عليها، وكأننا في بلد إشتراكي من حيث تقاليد حكمه، وكأنها كانت موظفة في دائرة رسمية يومًا أو عملت في إحدى مكاتب السياسيين!
ألا يعلم البعض أنها صاحبة لشركة “Integrated Communications” منذ سنوات، ومتخصصة بتعليم فن الخطاب ولغة الجسد لكلّ من ينخرط في مجال الاعلام والسياسة في لبنان والعالم العربي والأجنبي؟ وانها من طبقة ميسورة إجتماعيًا، وانها في عقد عمل لساعة أو أكثر قد تحصل على مئتي ألف دولار، حالها كحال أي مؤسس لشركة عادية في البلاد؟
إذاً بكل بساطة نعرف من اين لبولا الملايين؟
هل يجرؤ سيد شنب على الشفافية التي تتمتع بها بولا؟
تعودنا من بعض السخفاء أنهم في حال العجز عن إيجاد خطأ ما في مهنة الإنسان الناجح أو في عمله، يتطرقون فورًا لحياته الشخصيّة، وهذا ليس جديدًا على عقول مغيّبة برسم ما زرعه السياسيون بها لعقود.
بولا يعقوبيان أمامها بعد ثلاث سنوات في المجلس، وملفات بالمئات، طريقها صعب لأنها تواجه قادة حروب، وزعماء من الإقطاع المتجذّر، وإيمانها يبقى بدعم الشعب الضعيف لها، علّها تغير شيئًا، أو تحرّك ذرة رمال وسط حطام صفقاتهم المشبوهة.
عبدالله بعلبكي – بيروت