بين عراقة التاريخ وأناقة القصر وأصالة الصوت، أطلقت الفنانة جاهدة وهبه ألبومها الجديد “أرض الغجر” في متحف سرسق بحضور جمع كبير من الوجوه الدبلوماسية والسياسية والثقافية والفنية والإعلامية والأصدقاء ومحبي وهبه ومتابعيها.
يأتي العمل الجديد لصاحبة “كتبتني” بعد رحلة فنية طويلة قدمت فيها وهبه فناً مختلفاً حمل بصمتها المميزة مكرّساً هوية خاصة ل “قصيدة الغناء” في مسيرة أصيلة على أعرق مسارح العالم. وبعد “شهد” النخبوي يطل “أرض الغجر” بنبض مختلف ومزاج فني جديد من حيث القصائد التي أتت بمعظمها بالمحكية اللبنانية لشعراء كبار، فضلاً عن أخرى بالفصحى وأغنية مستعادة للفنانة الخالدة إديت بياف تمهيداً لعمل كامل تحضّره.
بعد النشيد الوطني اللبناني، افتتحت الاحتفال الشاعرة والإعلامية ماجدة داغر ومما جاء في كلمتها: “غجريةً تعود، كَحنين الظلِّ خلفَ الضفائر، تُهدي صوتَها إلى “من اتّسعوا في حدَقة حزنِها وعبروا حُفاةً إلى سِدرة الغياب”، كأنها في الترحال تَنشُد الحرية، تُغوي الأرضَ أن ارتحلي معي في أغنية، فلا مكانَ آخرَ للعبور، إلّا على جسر صوتٍ من قوس قزح.
الصوتُ القُزَحيُّ المتواري خلف فِطرة الفجر وشَجَن الشفَق، يطاردُ الآهَ في أرض الغجر، كفريسةٍ للروح التائقة للنشوة.
الصوتُ المخمورُ بنبيذِ الآلهة، ينسكبُ في حنجرةِ الأرضِ المرتحلة إلى أقاصي الفتنة، الفتنةِ المُتسمّرة كرُمحٍ متأهّبٍ في مرمى الشجن.
الصوت البلّوري المصقول الآتي من بريقِ “كتبتَني” و”نسيان” و”شهد” يتمددُّ كالسرابِ إلى الترابِ، ارتحالاً صوب وجدٍ من ذهبٍ آخر.(…)
“سما عينيك، أرض الغجر، قل لي، خلخال الزمان، آتٍ حبيبي، مشتاق، إرادة الحياة، وإديت بياف مستعادة بالعربية تمهيداً لعمل كامل تحضّره للخالدة إديث بياف، إنه أرض الغجر بأبهى شعرائه، عملٌ يحاكي نبضَ الناس وإيقاعَهم.”
كما تحدثت داغر عن العمل الآخر المرفق بالألبوم
CD BONUS، “ترجمان الأشواق” تجربة قدمَتْها مع “تلفزيون أبو ظبي” إنشاداً صوفياً بألحانها وصوتِها العاري أكابيلا لرابعة العدوية وابن الفارض والإمام الشافعي وابن عربي وسمنون المحب والسهروردي والحلاج وكبار المتصوّفة، في ترحالٍ على دربٍ صوفيٍّ روحيٍّ طاعنٍ في الوجد وعبق القصيدة.
وبعدها اعتلت وهبه المسرح وسط التصفيق متوجهة إلى الحضور بكلمة وجدانية فيها الكثير من الامتنان إلى كل محبيها والشكر لكل من ساهم في أن يبصر “أرض الغجر” النور، وقالت:
“حينها.. قلتُ سافري جاهدة بصوتك إلى غمد الوتر ، واشحذيه نقاءً كآية، كنبوءة، كأيل تتقدم موكب عرس، هاجري.. نغماً، إلى حيث قرّب الله رغيف الدهشة من تنّور صوتك
وانثريه مداد تلك الحنجرة ترياقاً دواةً عِرباً… وآه تعدّدي في فضة المرايا، طاردي تلك الظلال.. تلك الذاكرات في أروقة النغم، ألهبيكِ بالمقامات بالايقاعات وارقصي بقدمين عاريتين إلا من القصيد ووشم المجاز.
في تلك المسافة ما بين الثمل وكأسه
أرض الغجر.. حين ينسدل ارتحال.. ويعبق بال القوافي بعطر السفر حين في المساء برد والموسيقى شال يدثر أعناق الروح… نطارد وتطاردنا نغمة تعزف تضحك تذرف
تعرف.. من أين تؤكل كتف الريح.. حين الهواء باب عبور إلى أصدق النغمات
قلت اعبري جاهدة إلى مناطق نائية فيك، مجنونة، مسحورة، لم تكتشف بعد… الى حيث المسافة بين العشاق حافية من كل شيء إلا من الحميمي الدافى ونبض سكِر … إلى سما العيون والغيم والمساءات المتوهجة… إلى “خلخال الزمان”، “ويتقنطر الخيّال بين الهدب والعين” كما تقول قصيدة “طلال حيدر”… إلى قوافي المكان وانتظارات الحب والثورة… الى وجدانيات عميقة هناك في البعيد البعيد من جزر الفقد وعوالم الحنين وكواكب الشوق…
قلت… جاهدة…غداً.. على مّد الدهر آثار حوافر أحلامك
وفي سلال الهواء تمر الصهيل وفي شجر الأيام، لعل، في شجر الأيام، اخضرار الصوت”.
وختمت: “شكرا أحبتي… شكراً لكم.. لكلّ من غمرني بعشق شمال القلب، غرباً نحو قوافٍ زرق، شرقاً صوب فجر يحترف الصدق …”
وإلى المسرح نفسه صعد الفنان شربل روحانا برفقة وهبه ليقدّما في أداء حيّ أغنية “أرض الغجر” التي أعطت اسمها للألبوم وهي من ألحان روحانا وكلمات الشاعرة ماجدة داغر، وسط تفاعل الجمهور مع الأغنية التي أدتها وهبه بإحساس عال مع عود شربل روحانا في مناخ ذكّر بالأغنية بأولى مراحلها قبل أن تتوزع على الأوركسترا الكبيرة.
وبعدها تمّ عرض فيلم “تانغو الثورة” الذي أعدّت موسيقاه جاهدة وهبه وشكلت التراك الأخير في الألبوم وهو من إخراج إيلي كمال وإنتاج جانا وهبه.
وفي الختام وقّعت الفنانة على الألبوم في الباحة الخارجية لمتحف سرسق مع نخب المناسبة.
يُذكر أن وهبه تشارك في مهرجانات بعلبك الدولية في ٢ آب في حفلة بعنوان “من الموشحات الى الفلامنكو”، كما تلبّي اليوم، ١٥ يوليو، دعوة لجنة المهرجانات وبلدية بعلبك لإحياء ليلة طربية في القلعة لأهل بعلبك والجوار، كما تشارك أيضاً في مهرجانات “جرش الدولية” في ٢٠ يوليو الجاري بعرض “وصال” أمسية غنائية شعرية مع الشاعرة ماجدة داغر.