(خدني معك) برنامج ترفيهي وواقعي، يتمتع بجودةٍ فائقةٍ تجعلنا نميزه ببساطة عن عشرات البرامج اللبنانية والعربية التي تكرر نفسها، وتقرفنا بمحتواها الرديء، والذي لا يحترم أدبيات الحوار التلفزيوني ولا المشاهد الذي يتابع مشمئزًا!
يقدّم الممثل وسام صباغ البرنامج منذ سنوات على شاشة (OTV)، ويستقبل عدّة شخصيات فنية وسياسية وإقتصادية وإعلامية لبنانية، ينتقل معهم إلى منازلهم وإلى أمكانهم التي يرتادون إليها، ويحبون تقصدها وتمضية أوقاتهم بها، وأماكن أثرية وطبيعية أخرى، ويحاورهم دون أن يتطفل على خصوصياتهم، يجعلهم بمهاراته وهضامته وبساطة أسلوبه يتحدّثون عن صفاتهم وعاداتهم وحياتهم اليومية وآرائهم بعدة مواضيع وقضايا عامة.
شاهدنا بالمكتب عدّة حلقات من البرنامج، ولم نشعر بالملل، وأبهرنا للحظات بمحتواه وفقراته، وإستلخصنا التالي:
١- خدني معك من أكثر البرامج التي تتطلب تكلفةً إنتاجيةً، بسبب التصوير بعدّة مواقع داخلية وخارجية وأحيانًا خلال حلقة واحدة فقط، شيء أدهشنا كونه يُعرض على ال(OTV)، والتي لا تنافس بمعايير الإنتاج المُكلف محطتي (LBC) و(MTV)!
٢- أسلوب وسام المرح والسلس والبسيط، والذي يجعله يدخل إلى أعماق ضيفه دون أن يزعجه، يمازحه ويضحك معه، يسأله بلباقةٍ ولا يستدرجه بوقاحةٍ نحو الإجابات التي يود سماعها كغيره من المتسلقين بصفة (مقدمين) برامج تلفزيونية، ويحاوره بعاطفةٍ جياشةٍ، فيسأله عن ماهية ورمز المكان الذي يحبّ بالنسبة له، يبعد الماديات والأحجار والأبنية والأرصف، ويحولهم إلى أمكنة تضج بها العواطف والحبّ والذكريات الجميلة التي تجذب المشاهد، وتجعله يندمج معها.
٣- الوجه الآخر الذي يخرجه من ضيفه، وبراعته بإظهار جوانب أخرى من شخصية الضيف، نرى السياسي الذي يضحك ويمزج ويتحدّث بحنين، والفنان الذي يطرح آراء جريئة حيال بعض القضايا، وأكثر ما يوثق كلامنا إستضافته للمفكرة مريم نور، والتي تغادر كلّ البرامج التي تستضيفها فور إستقبالها، إلا أنها أدخلت وسام إلى منزلها، وناقشته وحدثته بعاطفةِ أمٍ، جعلته يستلقي على سريرها، لنرى عبره وجهًا لها لم يسمحوا لنا بعض المذيعين المراهقين برؤيته، بسبب جهلهم ونقص خبراتهم وضعف مهاراتهم في الحوار والتواصل مع الشخص المقابل.
كانت نسرين ظواهرة زارت مريم، وصورت حلقةً من برنامجها (عالبكلة) من منزلها، إلا أنها لم تنجح بالحصول على إجابة واضحة منها، ولم تبعدها عن صورتها النمطية، لتصبح مثل الآخرين، فتدفعها لتوقيف التصوير بعد دقائق معدودة، إلا أن هذا لم يحدث مع وسام.
٤- عدم تكرار الضيوف رغم كثرة الحلقات التي بلغت ١٨٠ حلقة، وتعدد المواسم منذ إنطلاقة البرنامج عام ٢٠١٠، لنتعرف كلّ أسبوع على شخصية تابعناها بطريقةٍ مختلفةٍ.
٥- الإخراج الجيّد لرامي خليل، والذي لم يقطّع اللقطات كبعض الأغبياء الذين يدعون صفة (مخرج)، بل جعلها مترابطةً ومتناسقةً مع بعضهما، وإحترف وأظهر المشاهد واضحةً دون عيوب، ورتبّها ولم يقع بأخطاء إعتدنا أن نرآها، ووسام يتابع عملية المونتاج أيضًا عن قرب، لا يصوّر حلقته ويرحل، بل يراقب ويتعب ويسهر ويستعد لحلقاته جيدًا قبل بدءها!
٦- الإضاءة على المعالم السياحية في لبنان، من خلال التصوير بعدّة مواقع أثرية وطبيعية، ما يشجع اللبناني والمغترب والأجنبي حتّى على زيارتهم، ويدخل بالتالي أرباحًا إضافيةً إلى قطاع السياحة اللبنانية، وهنا تمكن أهمية البرامج التي تحمل بعدًا إنسانيًا ووطنيًا وإقتصاديًا.
٧- العرض المباشر بعد التصوير، تواصلنا مع وسام الذي أبلغنا إن حلقاته كلّها منذ ٢٠١٠، تُعرض فورًا بعد التصوير وعملية المونتاج التي تستغرق أيامًا قليلةً، لينقلوا الواقع أمام المشاهد، ولتبدو الأجواء حقيقة ومتطابقة تقريبًا مع أجوائه، كون العوامل المناخية والأمنية في البلاد تتبدل بسرعةٍ، ما يجعل تأجيل عرض الحلقات عامل يؤثر على مصداقيتها، برأيه.
وسام أخبرنا عن حجم سعادته بنجاح البرنامج الذي يستمر للسنة التاسعة على التوالي، وأرجع السبب إلى عفويته ومصداقيته ونقله للواقع المعاش إلى الشاشة، وقربه بذلك من المشاهد الذي ما عادت البرامج المنسوخة عن الغرب تعنيه وتثير إعجابه وحشريته لمتابعتها.
أمام نحن فنقول: (هنيئًا لنا ببرنامج كبرنامج وسام صباغ الرائع، بظلّ الإفلاس والإسفاف الذيْن نعاني منهما تلفزيونيًا من بعض البرامج التي تدعي تفوقها بنسب المشاهدة، بينما تتفوق بمعايير الإنحطاط وقلة الأخلاق وعدم الإلتزام بأخلاقيات المهنة)!
عبدالله بعلبكي – بيروت