قد يكون الثدي هو أكثر جزء يثير الرجل في جسم المرأة، وتمثل المرأة للرجل هاجساً مهما في حياته، ويزداد انجذاب الرجل للمرأة كلما ازدادت مقومات أنوثتها، ومن أكثر ما يغري الرجل بالمرأة الصدر الجميل الممتلئ، ولذلك فغالباً ما يتهم الرجال بأنهم يتحدثون مع صدر المرأة وليس معها.
هل ينبع ذلك لمجرد شعور غريزي؟ أم لشعور طبيعي نابع من الرجل بالحاجة للمرأة؟
يعتبر الثدي رمزاً للأنوثة وللأمومة في آن معاً، وهو من أكثر المناطق إثارة في جسم المرأة ومحرّك أساسي للرغبة الجنسية، فقد أظهرت الأبحاث أن بعض النساء يصلن إلى النشوة بمجرّد مداعبة الثديين، ولكن بهدف أن تشعر الأنثى بالمتعة في هذه المنطقة بالتحديد، يجب عليها أن تحب وتتقبل صدرها كما هو، وعدم مقارنة جسمها بأجسام النجمات المثيرات اللواتي يظهرن على أغلفة المجلات أو الشاشات.
اقرأ: د. وليد ابودهن: النظارة الطبية تزيد من جاذبية الأنثى بنسبة 60% والرجل بنسبة 40%
ولكن نتيجة “الصناعات الإعلانية” التي تروج لمعايير جمالية معيّنة، والتي تعتبر أن الصدر الممتلئ هو “سلاح” فعال للإغراء الأنثوي، كما أنه يثير المخيّلة الشهوانية لدى الكثير من الرجال، قد تشعر بعض النساء بالقلق بشأن حجم الثدي لديهن، فيهرع بعضهن إلى طبيب التجميل لتكبيره وحشوه بالسيليكون، غافلات عن حقيقة أن الجمال يكمن في الاختلاف، وأن لكل شخص ميزاته الخاصة.
وفي المقابل، وفي الحديث تحديداً عن الشكل الخارجي، ففي حين أن بعض الرجال تجذبهم عيون المرأة أو شعرها أو ثغرها، والبعض الآخر تأسره ابتسامتها، هناك بعض الرجال الذين يعتبرون أن “أجمل ما في المرأة ثدييها”.
اقرأ: د. وليد ابودهن: أسباب وأعراض سرطان الثدي
ما الذي يجعل هذا الجزء من جسد المرأة يحظى بكل هذا الاهتمام؟
يبدو أن اهتمام الرجل بثدي المرأة يعود لأسباب علمية متعلقة بعملية التطور.فقد كشفت إحدى الدراسات أن هنالك سببين أساسيين وراء انجذاب العديد من الرجال نحو أثداء النساء:
التشابه بين الأثداء والأرداف: في أشكالها، تشبه أثداء النساء المؤخرات وذلك لسبب وجيه، بحسب ما يؤكده العلماء التطوريون.تقول هذه النظرية، إن هرمون الاستروجين الأنثوي يقوم بتجميع الدهون بالأرداف، وذلك لسبب تطوري تبيّن فيه المرأة للرجل أنها تتمتع بخصوبة عالية.
اقرأ: د. وليد ابودهن: كيف ومتى تحدث ضربة الشمس؟
رابط الرضاعة الطبيعية: بطبيعة الحال، تعتبر الوظيفة الأساسية للثديين هي تغذية الأطفال عن طريق الرضاعة، إلا أن بعض الباحثين يعتقدون أن الاهتمام الجنسي بالثديين يخترق دورة الرضاعة الطبيعية، بحيث يتم استخدامهما لغرض آخر.
فبحسب نظرية سيغموند فرويد، يمرّ الكائن البشري بعدّة مراحل في مسار تطوّر رغبته الجنسية، والتي تبدأ من فترة الرضاعة، حين يكتسب الطفل اللذة من بعض النشاطات التي يقوم بها عن طريق الفم/ مصدر الشهوة الجنسية. هذه المتعة تعود لتنعكس مع بلوغ الرجل مرحلة النضج، عندما يبدي اهتماماً أكبر بالثدي وبحجمه لدى المرأة، خصوصاً خلال الجماع.
اقرأ: د. وليد ابودهن: أسباب العظمة الشوكية وطرق العلاج
بمعنى آخر تعتبر هذه النظرية أن سرّ انجذاب الرجل غرائزياً إلى ثدي المرأة يعود لمرحلة الطفولة.
والواقع أنه أثناء الرضاعة الطبيعية، يتم تحفيز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ”هرمون الحب”، ما يولد إحساساً جميلاً، كما أنه يقوي الروابط بين الأم وطفلها، وبالمثل، عند تحفيز الثديين أثناء ممارسة الجنس، يتم إطلاق أيضاً الأوكسيتوسين، الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بالسعادة والتقارب بين الثنائي، بالإضافة إلى الاسترخاء والرضا الجنسي.
تناول باحث في علم الأعصاب البشرية، الوقوف على الأسباب العاطفية والبيولوجية والثقافية التي تكمن وراء انجذاب الرجال لأثداء النساء.وتوصل البحث إلى القول بأن حب الرجال للأثداء يعود إلى ذكريات موجودة في اللاوعي، تتمحور حول تأثير تلاعب الأطفال بصدر أمهاتهم لجهة إطلاق الأوكسيتوسين: “عندما يتم إطلاقه، ينصب تركيز الأم على طفلها ويصبح الرضيع أهم شيء في العالم”.
اقرأ: د. وليد ابودهن: السلس البولي عند النساء
ولكن الأبحاث التي أجريت على مدار الأعوام القليلة الماضية، أظهرت أن هذه الدائرة ليست مخصصة للرضع فقط، إذ تبيّن أن تحفيز الحلمة يعزز الإثارة الجنسية لدى الغالبية العظمى من النساء، وينشط نفس مناطق المخ، مثل تحفيز المهبل والبظر.
وعليه، أُعتبر أن التطور البشري قد استغلّ دائرة عصبية قديمة قد تطورت في الأصل لتعزيز الرابطة بين الأم والرضيع أثناء الرضاعة الطبيعية، بشكل جعل هذه الدوائر في الدماغ تستخدم لتعزيز الروابط بين الأزواج، والنتيجة؟ الرجال مثل الأطفال، يحبون الأثداء.
عندما يلمس الرجل أو يدلّك ثدي شريكته، فإن هذا يؤدي إلى إطلاق الأوكسيتوسين في دماغ المرأة، تماماً مثل ما يحدث عند إرضاع طفل. ولكن في هذا السياق، يركز الأوكسيتوسين انتباه المرأة على شريكها الجنسي، ما يعزز رغبتها في الارتباط مع هذا الشخص”، مشيراً إلى أن الرجل في هذه الحالة يشعر بأنه مرغوب أكثر من قبل شريكته.
ومن الناحية البيولوجية، إن هوس الرجل بصدر المرأة هو غريب جداً، وأن “الرجال هم الثدييات الوحيدة المهووسة بصدر المرأة من الناحية الجنسية، والمرأة هي الوحيدة بين الثدييات التي يكبر حجم ثدييها عند البلوغ، ونحن أيضاً الفصيلة الوحيدة من الثدييات التي يقوم الذكور فيها بتدليك وتحفيز ثدي الأنثى باستخدام الفم، أثناء المداعبة والجماع”.
اقرأ: د. وليد ابودهن: أهم الإشارات التي تعكسها العين عن حالتك الصحية
ولكن السؤال الذي يبرز في هذا الشأن: لماذا حدث هذا التطور في البشر وليس في الثدييات الأخرى؟
بحسب لاري يونغ باحث، فإن ذلك يعود إلى حقيقة أن الإنسان في الغالب ينخرط في علاقات أحادية، بعكس 97% من الثدييات الأخرى، أما السبب الثاني فقد يكون متعلقاً بكوننا منتصبي القامة ونمارس الجنس وجهاً لوجه، ما يوفر فرصة أكبر لتحفيز الحلمتين أثناء العلاقة.هذا واعتبر يونغ أن انجذاب الرجل نحو ثدي النساء أمر نابع من الغريزة الإنسانية وليس وليد التنشئة الاجتماعية، قائلاً: “الصبيان لا يتعلمون في الملعب أنه يجب عليهم أن يهتموا بالأثداء، هذا الأمر بيولوجي ومتأصل بعمق في مخنا”.
فالرجل الذي يميل إلى اختيار امرأة ممتلئة الصدر، ينظر إليها، من دون أن يعي ذلك، كخيار أفضل وأكثر فاعلية لإرضاع أطفالهما، كما أنه يراها قوية أكثر من الناحية الجسدية، لتحمل مشقّة الولادة وتربية الأولاد.
وفي هذا الصدد، قال عالم الأنثروبولوجيا لاري يونغ الباحث في علم الأعصاب البشرية من جامعة إيموري في ولاية أتلانتا الأميركية، إن المؤخرات المدوّرة “تطورت في سياق تنافس الإناث لجذب انتباه الذكور، ومن أجل الالتزامات الأمومية، حيث تمثل مصدر قوة للسيطرة على الذكور، على اعتبار أنها تمثل عرضاً صادقاً للدهون الاحتياطية”.
اقرأ: د. وليد ابودهن: كيفية علاج التهابات الركبة
الاختلافات الثقافية
على غرار أي تفسير تطوري للثدي، تواجه نظرية لاري يونغ الكثير من الانتقادات، بخاصة في الشق الثقافي، فقد قال احدالمتخصصين في علم الإنسان، إنه عندما يطرح علماء أحياء تطوريون سبباً عالمياً للسلوك والعاطفة، فإنه من المهم دوماً طرح السؤال التالي: ماذا عن الاختلافات الثقافية؟
فعلى الرغم من تفضيل أغلب الرجال الثديين وانجذابهم لهما، إلا أنه ليس من الواضح إذا كان هناك “اهتمام” عالمي تجاه الثديين، بحيث هناك ثقافات عديدة يختلف رجالها في انجذابهم عن باقي الثقافات.
اقرأ: د. وليد ابودهن: مخاطر النوم أمام المراوح
ففي دراسة أجريت في العام 1951 على 191 ثقافة، وجد عالم الأنثروبولوجيا كليلان فورد، وعالم الأخلاق فرانك بيتش، أن ثديي المرأة مهمان جنسياً للرجال في 13 ثقافة. ومن بينها 9 ثقافات يفضل رجالها الأثداء الكبيرة، وثقافتان ينجذب رجالها للثدي الطويل والمتدلي، وهما الماساي في أفريقيا ومانوس في جنوب المحيط الهادئ، كما وأن هناك 13 ثقافة أخرى ركز رجالها على الثديين أثناء ممارسة الجنس.
كما أنه من الناحية الأنثروبولوجية، هناك نظرية تشير إلى أن انجذاب الرجل لصدر المرأة يعود إلى الرمزية التي يحملها الثدي لجهة الدلالة على الخصوبة والرضاعة.
وأن حجم الصدر يلعب دوراً مهماً بنظر العديد من الرجال، ينجذب الكثير من الرجال للصدر الممتلئ، بحيث أن البعض يعتبر أنه كلما كان حجم الصدر أكبر، كلما كان ذلك دليلاً على أن المرأة تتمتع بصحة أفضل، مع العلم أن هذا الأمر ليس دقيقاً، هناك الكثير من الأمور التي لا نزال نجهلها حتى الساعة، خاصة لناحية إعطاء أجوبة شافية حول الأسباب الكامنة وراء تفضيلات معيّنة.
اقرأ: د. وليد ابودهن: الدورة الشهرية عند الرجال
الإضافة إلى كل ما ذكر يساهم الاعلام والدعايات في انجذاب الرجل إلى الصدور الكبيرة بلا وعي، حيث تستغل المجلات النسائية، ومصممو الأزياء، ومخرجو الفيديو كليب، والعديد من المخرجين والمغنيين، نقطة ضعف الرجال اتجاه الصدور الكبيرة، لتسويق مجلاتها وأغانيهم، وأفلامهم، حيث يقومون بعرض آخر الموديلات التي تكاد تكشف وتكشف أحياناً تدوير الثدي وشكله وحجمه. وبالتالي تركز على جمال الصدور الكبيرة الأمر الذي يزيد من اهتمام وشغف الرجال بها، وبالتالي المساهمة في تنمية هذه المشاعر الغريزية.
في الختام يبقى جسد الإنسان، وبخاصة جسد المرأة، لغزاً غامضاً وعرضة للكثير من التكهنات الفلسفية والنفسية.
د. وليد ابودهن