يمكن القول إننا كناشطين قد تمكنا من تسجيل نقطة في مباراة الملاكمة المستمرة مع السلطة الحاكمة، عبر القرار الأخير للبنك الدولي بإلغاء ما تبقى من تمويل لسد بسري. وهذا بحد ذاته إنجاز يمكن لمن يرغب أن يحتفل به، إلا أن ذلك يرفع لدي مجموعة من الأسئلة التي حقيقة أحتاج إلى أجوبة عنها، أتمنى على الجميع سواء من كان من مؤيدي السد أو من معارضيه أن يساعدني في إيجاد أجوبة عنها، لأني أعترف أني غير متخصص في السدود والإنشاءات العملاقة، ولا بدراسة الأثر البيئي، ولا يجب أن أكون، فلست ممن يدعي معرفة كل شيء، بل إن أقصى معرفتي في هذا المجال هو أني قد درّست بعض المواد غير الهندسية في بعض كليات الهندسة في لبنان وخارجه، ولدي طلاب وطالبات مهندسون ومهندسات أفتخر بهم وبهن، لذلك لن أخوض في جدال جدوى السد أو عدمه الذي لا ينتهي، لأني صراحة لا أعلم، وأنا من مدرسة من إذا سئل عن شيء وكان لا يعلمه،قال لا أعلم، فاعذروني على صراحتي، لا أعلم إن كان هذا السد حاجة أو كما وصفه أحد الزملاء بالتنفيعة، علما أني أعلم أنه كان أحد أحلام الشهيد كمال جنبلاط، آخذاً في الإعتبار أني إذا قرأت دراسة تقرّض هذا السد، أستطيع بالمقابل قراءة عشرات الدراسات التي تلعنه والعكس بالعكس. لذلك كتبت لأستعرض هواجسي، وليس هواجزي، بالإذن من الرئيس السابق سعد الحريري.
أولاً: ما مصير التمويل المتبقي، حوالي 244 مليون دولار، هل يمكن تحويلها للتعويض على ضحايا التفجير المروع في المرفأ؟ إذا كان هذا الحال، فممتاز، علما أن آلية تحويل قرض أو إلغاءه معقدة جداً وتفترض إتفاقيات وبنود جزائية، أم أنه سيتبخر في جيوب المسؤولين اللا مسؤولين؟ لا تنسوا، هذا قرض بالعملة الصعبة من البنك الدولي محكوم بإتفاقية طرفيها البنك الدولي والدولة اللبنانية، التي هي بالمبدأ، نحن…
ثانيًا: ما مصير ما تم دفعه حتى اليوم من إستملاكات وخوات وتخمينات ودراسات، علما أن بعض المصادر رجحت أن كلفة تنفيعات الزعماء وأزلامهم ومن حولهم بلغت عشرات الملايين من الدولارات، دفعت جميعها، وقد لعب سماسرة الزعماء أكبر لعبة في عملية صرف النفوذ للطلب من الأهالي بيع أراضيهم في السهل ومناطق مجرى المياه وسواها، فهل سيتحرك ما يسمى بالمدعي العام المالي علي ابراهيم لحماية المال العام، ولإعادة هذه الأموال المغصوبة؟ وماذا عمن باع الدولة أملاكه في بسري، ثم نزل يطالب بوقف مشروع السد؟ هل يشكل هذا عيبا في شرط “الرضا والقبول” الحاكم لقانون الموجبات والعقود، وبالتالي، يتعين فسخ العقد معه وإعادة ما قبضه من الدولة اللبنانية “يعني من مال الناس”؟ لا أعلم، ربما يجيبنا الأصدقاء نزار صاغية أو بول مرقص. Legal Agenda المفكرة القانونية
ثالثًا: ما مصير العقد مع المتعهد داني خوري، هل سندفع له البند الجزائي؟ باعتبار أن الدولة أخلت بشروطها وامتنعت عن الدفع بعد أن فقدت التمويل له؟ نحن نتكلم عن عشرات ملايين الدولارات!
رابعا: إذا سلمنا جدلا بأن مشروع السد سيء وضار، ومرة جديدة أنا لا أتكلم كخبير بل في السياسة، هل من المعقول أنه قد “مرّ” على كل الخبراء في البنك الدولي، الحريص جداً على الأثر البيئي، وكذلك على UNDP و SDATL، وسواها من الوكالات والجهات التي لا أعتقد أنها حينما يطلب البنك الدولي منها تقريرا، تتصل بأي من الزعماء السياسيين أو أزلامهم.
لذلك، أنا مغتبط بتسجيل النقاط، ولكن بحذر… للتاريخ
غسان أبو ذياب