رغم إندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي، إلا أن المشهد الثقافي العربي كان ولا يزال مُشوَّهًا بسبب أيديولوجيات الحكم المكبلة للمدارك والعقول!؟
فللأسف ورغم كون ليبيا من أوائل الدول العربية التي شهدت نهضة ثقافية وصحفية وإعلامية وكانت باكورتها صحيفة (المنقب الإفريقي) عام 1827م الصادرة باللغة الفرنسية من قبل القناصل الأوربيين الجاثمين فوق أرض ليبيا الحبيبة، ثم توالت هذه النهضة الفكرية بصدور صحيفة (طرابلس الغرب) الصادرة باللغتين العربية والتركية والتي كانت بأمر من الوالي التركي الحاكم بأمر الباب العالي في أسطنبول العاشقة لرياض أرضنا وسمار خيراتها، وتوالت الإصدارات للصحف والمجلات وتطورت بحيث كانت تعبر عن الأفكار النمطية التي كانت نتيجة توالي السلطات وفقًا لإعادة تدوير الإرادة، إلى أن أصبح النمط يُمثل النفط و الثروات التي حباها الله لأرضنا الغالية.
وأصبحت الجرائد والصحف والمجلات والمنابر الإعلامية ماهي إلا بقايا لموارد بشرية مهدورة و مأجورة تجمع كل ناشط لا يعرف وجهته إلى أين ..؟ وكل كاتب كتب حرفين! أو سياسي صدَّقه أثنين! ولا تعبر إلا عن مُخيّلة صانعها، وأصبح الكاتب و الشاعر و الأديب والصحفي وما يسمى بالناشط يعملون بطرق وآليات حديثة منها (الدفع المسبق) و(الولاء والبراء) وأصبح هذين المعتقدين هما ديدن أغلب الصحفيين والإعلاميين والكتاب والشعراء في الوطن العربي، حتى بات وصفهم في مخيلتي لا يعدو كونهم غواني ماقبل الحروب.. وسبايا ما بعد الخراب وخير دليل على ذلك هو إزدواجية المعايير لديهم وإنسلاخهم المتتالي والمتوالي من جلودهم التي تحمل بصمات أرباب النعم والعطايا وأختام الذِلَّةِ والخنوع ، في حين أكتسب المشهد الثقافي في ليبيا وفي الوطن العربي تطورًا ملحوظًا وأصبح في أوج رقيه بدخول عصر الأنترنت وبفضل منصات التواصل الإجتماعي بعيدًا عن مماليك الثقافة والإعلام وقياصرة النِّخاسة و بطولاتهم الوهمية.
بقلم الكاتب الليبي: محمد علي أبورزيزة