لا تنجب إلا نجمات العرب.. وكأنهنّ وحدهنّ من ينعم الله عليهنّ بالأطفال، وكلّ الكون يدور حولهنّ، لذا لا نراهنّ إلا يخفينّ وجوه أبنائهن عندما ينشرنّ صورهم، وكأنهم مجاهدون سيحررون فلسطين أو يصبحون علماء عظماء أو كبار رجال الأدب في العالم.
الفنانة العربية عندما تحبّ رجلًا تخفي الخبر وتتهم الصحافيين باختلاق الشائعات، ثمّ عندما ترتبط به تعلن علاقتهما، لتكذّب نفسها، ثم تحمل وتحاول إخفاء حملها وكأن بطنها مليء باحتياط الذهب العالمي، فتعود وتكذّب كلّ من يلاحظ زيادة وزنها، إلا أن تقرر وتتكرّم علينا وتعترف أنها ستنجب ولي العهد الذي سيقود البشرية!
أغلبية النجمات نراهنّ في الشهور الأخيرة يتفاخرن ببطوهنّ المنفوخة، وينشرن العديد من الصور لهنّ، وعند الإنجاب يبدأن ينشرن صورًا للطفل دون أن يظهرن وجهه، من الخلف والأمام واليسار واليمين، من كل إتجاه، يريننا جسمه كلّه ونجلس نراقب كم زاد ونقص وزنه بين كلّ صورة وأخرى، لكن دون أن نعرف ملامحه.
أولئك يطالبن الجمهور والصحافيين احترام خصوصيتهم وينظرّن أمام الجميع بحرصهنّ على ابعاد أبناءهن عن أجواء الشهرة، إذًا لمَ لا ينشرن تلك الصور من الأساس؟ لمَ الجسد مباح عندهنّ والوجه لا؟ ما الفارق؟
كنت أتمعّن صورة النجمة التركية فهرية أفجان التي قررت بعد إنجابها بعدة أسابيع، إظهار ملامح طفلها الجميل (كاران)، دون أن تطلب مصورًا يقبض آلاف الدولارات من أجل جلسة باذخة، أو تستعين بأحد المجلات لتحصل على عشرات آلاف الدولارات من أجل إطلالة على غلافها، فقط أعطت هاتفها لصديقتها ووضعت كاران على الكنبة، جلست جانبه والتُقطت الصورة!
- فهرية لمن لا يعرف تُصنّف واحدة من أعلى الممثلات أجرًا في تركيا، أي أنها تقبض أكثر من ٩٠٪ من نجمات العرب (مغنيات أم ممثلات)، وزوجها بوراك أوزجيفيت أيضًا يحصل على أجرًا مرتفعًا من المنتجين الذين يلاحقونه من أجل دورٍ لو طلب مئات آلاف الدولارات.
- النجمة التركية وزوجها من أشهر الثنائيات في الشرق العربي أيضًا، ويحققان سويًا تفاعلًا عاليًا كلّما كتبوا حرفًا.
- فهرية عكس العربيات اللاتي إن أشتُهرن قليلًا يتعالين ويشعرن وكأنهن أصبحن ملكات الأرض، أما التركية فتملك تصالحًا مع الذات وتواضعًا يجعلها أقرب منهنّ من العربي حتى!
- الممثلة الشهيرة لم تخف من الحسد على ابنها كما تبرر العربيات كلما سئُلن عن سبب عدم نشرهن ملامح أطفالهن، وفهرية أيضًا مسلمة مثلهنّ ومن أسرة تقليدية متمسكة بعاداتها وتقاليدها لكنها ليست ساذجة أو قليلة عقل لتروّج لهذه التفاهات.
ماذا يقول علم النفس؟
اتصلنا بالمحلل النفسي محمود يعقوب الذي شرح هذا التناقض الكبير: (الشهرة تصيب أحيانًا بالهوس، بعض الفنانين يعتقدون أنهم ملاحقون حتى عندما يكونون لوحدهم، لا يمتلكون القدرة على الفصل بين حياتهم الشخصية التي عليهم أن يعيشوها بعيدًا عن الفن، وكيف ينظر لهم الناس كنجوم).
تابع: (تقرر الفنانة نشر صورة لابنها دون أن تظهر ملامحه، لأنها عاجزة عن التفريق بين شخصيتيْن مزدوجتيْن تسكنان داخلها: الإنسانة والنجمة، تريد أن تصبح أمًا كما كلّ أمهات العالم اللواتي ينشرن صور أطفالهن دون قيود، لكنها تتذكر لوهلة أنها نجمة وعليها بالتالي أن تتصرف كما النجمات وإلا يصيبها هوس السقوط كونها باتت تظنّ ولو للحظة أنها أصبحت عادية ولم تعد تلك النجمة التي يلحقها العالم).
أضاف: (فهرية أفجان تجيد لعب الدوريْن في حياتها، لا تنظر لمهنتها إلا أنها مهنة عادية تمارسها وعند عودتها للبيت تعود إنسانة طبيعية كما كلّ النساء، لا تعنيها الشهرة بل النجومية أي النجاح، أن تكون ناجحة في عملها كما الموظفة في أي شركة، وفي البيت تعيش كما يحلو لها).
ما أجمل فهرية التي تليق بها النجومية لأنها لم تغيّرها، وما أتفه نجماتنا اللواتي ضربت النجومية عقولهنّ فأصبحن فارغات وتافهات ومدعيات!
عبدالله بعلبكي – بيروت