كتبت حنان رحيمي:
(الكورونا مكانك راوح).. لا أمل يلوح في الأ فق، نحن في الحجر المنزليّ ومكانك راوح..
سجناء الخوف، سجناء الجوع والعوز، لا نملك سوى الانتظار.. وعابر القارّات في أوج الانتشار.
أمام أبواب منازلنا حرب كورونية تحمل الموت والفناء.. ونحن أمامها أضعف الضعفاء..
أقصى أحلامنا للدفاع عن وجودنا الحصول على سلاح لمن استطاع إليه سبيلاً: بندقية معقّم، وكمامة عازلة لشظايا قنابل “العطس” وكفوف مدرّعة مضادّة للمس.
من خلف قضبان الزنازين نحلم بالماضي الجميل.. نتذكّر حين كنّا نركض خلف الرّغيف، والرّغيف يهرب منّا، نقتفي أثره في بلادنا وخلف البحار والمحيطات.. وحين نمسك به بعد جهد جهيد ندفع ثمنه قهراً وغربة.
نتذكّر حين كنّا نركض خلف حبّة الدواء وهي تركض أمامنا، تمدّ لنا لسانها ساخرة: عجباً..أتريدون الشفاء؟..أما شبعتم من موت الحياة؟..
ما يسمّى بالدولة “مكانك راوح”.. سرقة وتقسيم حصص واستغلال حتى للوباء..
واثقين جدًّا من أنفسهم، وكأنّ هناك خيمة فوق رؤوسهم لا يطالها موت ولا فايروس.. أو ربما يعتقدون بأن قدرة إلهيّة حقنتهم بلقاح الخلود.. لهذا تضاعفت شهيّتهم لأكل لحم المواطن.. وغمرتهم الفرحة واعدين أنفسهم بأنّهم باقون في السلطة حتى موت آخر مواطن لبنانيّ جوعاً ووجعاً.
الأحزاب وبعض الجمعيّات “مكانك راوح” ذلٌّ للفقراء، واستغلال لحاجة الناس تحت عنوان “إغاثة الملهوف”..
“الكراتين” سيّدة الموقف.. الكلُّ “يُكرتن” على هواه.. كراتين حزبيّة ، كراتين طائفيّة، أصبح للكراتين هويّة..
غاب عن بالهم أن ليس بالكرتونة فقط يحيا الإنسان…
يستطيع الإنسان أن يعيش على الخبز الحاف، ولن يموت من الجوع.. لكنّه لا يستطيع أن يعيش بلا دواء.. خاصّة الأمراض المزمنة، وكبار السنّ والعجزة والمعوّقين، لهم احتياجاتهم الخاصّة والضروريّة..
وأن الأطفال الرّضّع لا يأكلون الرّزّ والبرغل بل يتغذّون بالحليب.
الغلاء “مكانك راوح” لم يعد فاحشاً كما يقال بل متوحشاً يغرز أنيابه بقلب المواطن المسكين في السوبر ماركت والصيدلة ومحل الخضار…يرافقه السيد دولار مصفقاً…
سيبقى كلّ شيء مراوحاً مكانه إلى أن تروح الكورونا من بلادنا.. بعدها سيخرج الشعب من مقبرة الأحياء التي دفن فيها من عمر أحزاب السلطة وزعماء الحرب، ليفتح دفاتر الحساب من جديد بعد أن أتقن دروس المحاسبة في سجن كورونا.