كتب محمد زكي ابراهيم: في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، تنبأ الشاعر الرحل نزار قباني بانتهاء عصر الشعر، وبدء عصر الاقتصاد.
وصرح بكل ثقة، أن الجيل الجديد من أبناء العرب سيهجر ديوان المتنبي ويستبدله بالإيكونومست والفايننشال تايمز. فالقرن الجديد ليس قرن الشعراء.
نبوءة عظيمة من شاعر عظيم. لكنها ويا للأسف لم تتحقق حتى الآن. فما زال الناس لدينا عاجزين عن إدراك أن التنمية هي السلاح الوحيد القادر على مواجهة الفاسدين والوصوليين والانتهازيين.
يتظاهر الناس في الغرب ضد الركود الاقتصادي، أما أصحابنا فيخرجون في تظاهرات استعراضية ضد الفساد. ولو كانوا يمتلكون الوعي لخرجوا من أجل تشغيل مصنع متوقف، أو بناء مزرعة ماشية، أو تقليل واردات غير ضرورية، أو غير ذلك من أمور.
أما الشعر فأرى أن نزار رحمه الله كان صادقاً غاية الصدق في دعواه، إذ لم يعد ثمة شعر حقيقي لدى العرب الآن.
وتفاعل المهتمون بآراء زكي ابراهيم فكتبت شهيناز النظامي: الشاعر نزار قباني شاعر كبير من أخمص قدميه حتى مفرق شعرهِ، ويمتلك الفراسة الشعرية الكبيرة والخبرة، وهو من كتب شعرًا مأجورا للشاعرة الكويتية سعاد الصباح، وهو ديبلوسي وشغل منصب وزير وسفير أكثر من مرة، ومن الطبقة البورجوازية، يعرف جيدًا أهمية دوران المصانع والاهتمام بالاقتصاد وثورة الجياع والعاطلين عن العمل والمتضررين من البيروقراطية، ومرحلة الفساد التي بدأت في أوروبا ولن تتوقف حتى سان فرنسيسكو. اكيد هو زمن الضحالة الأدبية وانخفاض مستوى وقيمة ودور الأدب في عالم الانترنت والتكنولوجيا والآلةوالتضخم الاقتصادي وتسارع قوة الرأسمال الجديد المطرد..
باسم السعدي كتب: رغم ان الشعر لم يتعارض مع التطور التكنولوجي لحياة الانسان وبدأ وازدهر ووصل إلى قمته بعد عصر النهضة والصناعة وحتى الشعراء العرب تألقوا في عصر النهضة الحضارية أيام الدولة العباسية وحتى فترات الانتكاسات العالمية بالحروب والصراعات وذاك زمن التحدي والابداع.. لكن الظروف الحالية صارت أصعب ثقافيا ووعيا.
يبقى الشعر ديوان العرب، وكم من دمعة ذرفت لسماع أذنها شعرًا بكل أصنافه.. مهما ضاقت بنا الطرق وتزاحمت علينا النوائب يبقى الشعر متنفسا لمشاعرنا بغض النظر عن أفكارنا وانتمائاتنا.