سياسة التجاهل والإنكار التي تمارسها السلطة إزاء الانهيار المستمر في سعر صرف الليرة، ستؤدي إلى كوارث اجتماعية غير مسبوقة، بسبب غياب المعالجات الجدية لوقف النزف في قيمة الليرة من جهة، مقابل هذا التفلت المريع في أسعار المواد الغذائية والحاجيات الضرورية، من دون أن يكلف وزير الاقتصاد نفسه عناء القيام بجولة على السوبرماركت، والتحقيق بمبررات هذا الغلاء الفاحش، عوض الاكتفاء بالاتصالات الهاتفية مع هذه المؤسسات لمعرفة أسماء المواد الأكثر استهلاكاً، بحجة السعي للحصول على «تسهيلات» من بلد المصدر!
من المفترض أن الوزير القادم من عالم المصارف وأسواق المال، يدرك أكثر من غيره، أنه كلما ارتفع سعر الدولار، كلما انخفضت القوة الشرائية لليرة اللبنانية، وما يوازي هذه العلاقة الجدلية بين العملة الوطنية والورقة الخضراء، من تراجع في مستوى معيشة ذوي الدخل المحدود، وأصحاب الرواتب في الأسلاك المدنية والعسكرية، إلى درجات تلامس خط الفقر حيناً، وتتجاوز معدلات هذا الخط أحياناً كثيرة.
كيف يمكن لرب عائلة يتقاضى الحد الأدنى للأجور، أن يعيش براتب لا يصل إلى ١٢٠ دولاراً شهرياً، أي ما يساوي أربعة دولارات يومياً، وأسعار المواد الغذائية الأساسية مشتعلة بنيران الغلاء والجشع.
كيف يمكن للموظفين، مدنيين وعسكريين، الذين يتقاضون رواتب لا تتجاوز المليون ونصف المليون ليرة، أن يعيشوا بأقل من أربعمائة دولار في الشهر، بعدما كانت رواتبهم تُقدر بألف دولار شهرياً؟
ماذا يفعل عشرات الآلاف من اللبنانيين، المرتبطين بقروض سكن، أو أقساط سيارات بالدولار، فضلاً عن الأقساط المدرسية والجامعية، المقررة بالدولار، بعدما فقدوا أكثر من ستين بالمئة من رواتبهم؟
الدول الأخرى التي عانت من أزمات مماثلة، بادرت إلى اتخاذ تدابير استثنائية، تُخفف من الضغوط المعيشية على الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، من خلال اعتماد البطاقة التموينية مثلاً، حتى لا يذهب الدعم لغير المستحقين، في حال بقيت الأمور سائرة على ما هي عليه حالياً في الكهرباء والقمح والدواء!
المصدر: جريدة اللواء