اغتالت اسرائيل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يوم الجمعة، في غارات عنيفة على مقر قياد الحزب في الضاحية الجنوبية.
ولد حسن نصر الله في برج حمود، وتعود أصوله إلى بلدة البازورية حيث اضطر والده للنزوح إلى بيروت بحثًا عن فرصة للعمل.
إثر غزو إسرائيل للبنان في 1982، إحتلّت إسرائيل الجنوب بالتعاون مع جيش لبنان الجنوبي بقيادة أنطوان لحد. قاد الكثير من العمليات العسكرية ضدها بين 1985 و2000، ما دفعها في النهاية للانسحاب الكامل من الجنوب، بلا أي إتفاقية أو معاهدة مع لبنان. في الانتخابات النيابية 1992، دخل حزب الله لمجلس النواب لأول مرة، حيث نجح في الحصول على 12 مقعدًا في البرلمان.
اقرأ: تضارب أنباء بشأن مصير حسن نصر الله
في 2006، وقّع مذكرة تفاهم مع ميشال عون والتيار الوطني الحر، لينشئ تحالفًا مستمرًا حتى اليوم. خلال نفس السنة، شنّت إسرائيل هجومًا عسكريًا على حزب الله بعد قيامه بأسر جنديين إسرائيليين ضمن عملية الوعد الصادق. استمرت العمليات القتالية 34 يومًا وعرفت بحرب تموّز، وإنتهت بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. اعتبارًا من عام 2012، بات حزب الله طرفًا أساسيًا في الحرب الأهلية السورية كأحد حلفاء الحكومة السورية.
يعد نصر الله أحد قادة الشيعة في لبنان، ورمزًا من رموز محور المقاومة ومعارضة إسرائيل. تحت حكمه، أصبح حزب الله عنصرًا فعالًا في الحياة السياسية اللبنانية ويشارك في مختلف الحكومات اللبنانية واللجان النيابية. صنّف حزب الله كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى حليفة لها، إما بشكل كامل أو جزئي. ترفض روسيا هذه التوجهات وتعتبر الحزب منظمة سياسية اجتماعية شرعية، في حين يحظى بدعم إيراني دائم. تبقى الصين محايدة بهذا الخصوص، وتحافظ على علاقات عامّة مع الحزب.
تأسيس حزب الله
بعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، حصل إنقسام في صفوف حركة أمل وظهر تيارين، التيار الأول بقيادة نبيه بري، الذي كان مستعدًا للانضمام إلى هيئة الإنقاذ الوطني، وكانت تتألف إلى جانب بري كلًا من رئيس الجمهورية إلياس سركيس، رئيس الحكومة شفيق الوزان، فؤاد بطرس، نصري المعروف، وليد جنبلاط وبشير الجميل. التيار الآخر المعارض، بقيادة عباس الموسوي، رفض الانضمام للهيئة بسبب وجود بشير الجميل فيها.
مع تفاقم النزاع، إنشق التيار الثاني عن حركة أمل، وظهر حزب الله للمرة الأولى، ودعا أعضاؤه الجدد الحركيين إلى ترك أمل التي يقودها بري والانضمام إلى حزب الله.
وشارك نصر الله في تأسيس حزب الله وإنضم إليه عام 1982، عندما كان بعمر 22 سنة. إنحصرت مسؤولياته الأولى بالتعبئة وإنشاء الخلايا العسكرية. تولّى لاحقًا منصب نائب مسؤول منطقة بيروت، ثم أصبح مسؤولًا عليها. أستحدث لاحقًا منصب المسؤول التنفيذي العام، وقد شغله نصر الله أيضًا وأصبح بذلك عضوًا في مجلس الشورى، وهو أعلى هيئة قيادية ضمن حزب الله. في 1989، غادر من بيروت إلى قم في إيران، حيث تابع هناك دراساته الدينية.
في 1991، بعد التطورات في الساحة اللبنانية والنزاعات المسلحة بين حزب الله وحركة أمل عاد إلى لبنان، وأنتخب عندها عباس الموسوي أمينًا عامًا للحزب ونعيم قاسم نائبًا له، وإستلم نصر الله مسؤولياته التنفيذية السابقة.
قيادة حزب الله وتحرير جنوب لبنان
بعد اغتيال إسرائيل للأمين العام عباس الموسوي بضربة جوية، أنتخب نصر الله خلفًا له في 16 شباط 1992. خلال قيادته، حصل حزب الله على صواريخ ذات مدى طويل، ما سمح لهم بإستهداف شمال إسرائيل رغم إحتلالها لجنوب لبنان. في 1993، قامت إسرائيل بعملية تصفية الحساب (حرب الأيام السبعة)، ما تسبب بتدمير معظم البنى التحتية اللبنانية. اعتبرت إسرائيل العملية ناجحة، إلا أنها فشلت بتحقيق أهدافها المتمثلة بتدمير حزب الله وترسانة صواريخه. إنتهى القتال بإتفاق بين الطرفين، تتوقف بموجبه إسرائيل عن هجماتها في لبنان مقابل أن يتوقف حزب الله عن قصف شمال إسرائيل.
رغم التوقّف لفترة قصيرة، قامت إسرائيل بقصف أهداف قريبة من مواقع مدنية، ما دفع حزب الله للإستمرار في قصف شمال إسرائيل وإستهداف القوات المسلحة الإسرائيلية وجيش لبنان الجنوبي في 1996، أطلقت إسرائيل عملية عناقيد الغضب(حرب نيسان)، أدّت إلى عزل المدن الساحلية وتفجير قاعدة عسكرية سورية. بعد 16 يومًا من القتال، تفاهم الطرفان على وقف إطلاق النار. كما في 1993، لم يدم التفاهم طويلًا.
في إسرائيل، ظهر خلاف حول ضرورة وجود القوات المسلحة الإسرائيلية في جنوب لبنان. بعد خسائر إسرائيلية كبيرة في الجنوب، رأى بعض السياسيين الإسرائيليين أن الحل الوحيد لإنهاء الصراع هو انسحاب إسرائيل من لبنان. عام 2000، سحب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود باراك جميع القوات الإسرائيلية نهائيًا من لبنان.
بعد الانسحاب، إنهارت ميليشيا جيش لحد، هرب بعض أعضائها إلى إسرائيل، واعتقل حزب الله بعضهم وسلّمهم للسلطات القضائية لمحاكمتهم. بعد النجاح أمام إسرائيل، زادت شعبية حزب الله في لبنان والعالم الإسلامي.
في 2004، لعب نصر الله دورًا أساسيًا في عمليات تبادل الإسرى بين حزب الله وإسرائيل، ما أدى للإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين، بالإضافة إلى إعادة الكثير من الجثث بما فيها جئة إبنه هادي نصر الله الذي فقده عام 1997. مجددًا، حقق حزب الله نجاحًا ومدح نصر الله على مدى واسع لتحقيقه هذه الإنجازات.
في ديسمبر 2007، نشر تقرير في جريدة الشرق الأوسط، إدعت فيه أن قيادة الجناح العسكري في حزب الله إنتقل من نصر الله إلى نائبه نعيم قاسم في أغسطس من العام نفسه.
رفض حزب الله هذه التقارير، واعتبرها محاولة لإضعاف شعبية الحزب. في أكتوبر 2008، عيّن قريبه هاشم صافي الدين، لخلافة حسن نصر الله في منصب الأمانة العامة لحزب الله