من المقاييس التي يعتمدها البعض ليحدد أسهم الفنان وتصنيفه والمركز الذي يتبوأه، نسب المشاهدات التي يحصدها عبر (السوشيال ميديا) وتطبيقات الموسيقى التي تكاثر عددها بالآونة الأخيرة، لكن هل يمكن أن تظلم الكبار لصالح الصغار الذين يتابعهم المراهقون أكثر المستخدمين لمواقع التواصل؟
لا يخفو على أحد أن المنتجين يبدون اهتمامًا غير مسبوق بالأرقام التي يحققها الفنان، فنراهم يدعمونه أو يهملونه بالإعتماد عليها، وبعض منهم يراقب ما التقدم الذي يحصده ليقرر إن كان سينتج له أم لا.
المشاهدات نفسها كالمبيعات، إن لم تُشترى، كل مستمع اليوم يُحسب كمشاهد، أي يساوي الذي كان ينوي منذ سنوات طويلة أن يشتري ألبومًا لفنان أحبه، لذا يصح استخدامها كمؤشر رياضي لقياس نجومية الفنان وقدرته على جذب المستمعين وتحقيق الأرباح، لكنها غالبًا ما تكون ظالمة لأسباب عدة، أهمها:
- عملية الاستماع للأغنية غالبًا ما تكون مجانية مثلًا عبر (يوتيوب)، أو ضمن خدمة شهرية مدفوعة (أنغامي-ديزر-أبل مويزيك)، لذا من السهل حصد المشاهدات، بينما الألبوم في السابق كان يفرض على المستمع شرائه من أحد المراكز. لذا المبيعات للنسخ المدمجة السابقة كانت توضح أكثر مدى الإقبال على أعمال الفنان، بينما يمكن للمستمع الآن أن يستمع لأي أغنية ولا يكملها أو يعيد سماعها.
- شراء المشاهدات بات وسيلة يعتمدها الكثير من الفنانين لإثبات أنهم قادرون على استقطاب المستمعين، وليحظوا بفرص من شركات الإنتاج وبأجور مرتفعة من متعهدي الحفلات، بينما في سوق المبيعات كانت فرص خداع الناس قليلة، لأن حتى النسخ المقرصنة التي كانت تُباع في الأسواق الشعبية لم تكن تدخل في الحسابات التي تخوّل للجوائز العالمية مثل (World Music Award).
- توزّع المشاهدات بين التطبيقات لا يعطي فكرة صائبة وواضحة عن الأرقام التي تحققها الأعمال، فيمكن للمستمع أن يستمع للأغنية عبر عدة تطبيقات وعندها تُحسب مشاهدات أكثر، فيما المستمع منذ سنوات كان يشتري النسخة الأصلية (سي دي) وأحيانًا يسمعها مع عدة أشخاص!
- غالبية مستخدمي (السوشيال ميديا) من المراهقين بينما من كان يشتري نسخ (السيدي) الأصلية كانوا من فئة الشباب أو الكبار (ما فوق العشرين).
ما بين المبيعات والمشاهدات، سقط العديد من الفنانين الذين كانوا ينالون مبيعات مرتفعة في بداية الألفية الثالثة وتسعينات وثمانينات القرن الفائت بينما يعجزون الآن عن تحقيق مليون مشاهدة مثلًا لأسباب ذكرنا بعضها في الأعلى.
بالمقابل، من يحصد المشاهدات المرتفعة الآن من بعض نجوم المغرب المبتدئين والمصري محمد رمضان والمغربي سعد المجرد والسوري ناصيف زيتون وغيرهم ربما كانوا ليخفقوا في حصد المبيعات لو ظهروا في زمن يفقد السوشيال ميديا.
القلائل حافظوا على ثباتهم بين زمنيْ المبيعات والمشاهدات وأبرزهم:
- عمرو دياب الذي فاز عدة مرات بجوائز عالمية وحققت ألبوماته مبيعات مرتفعة في مراكز (الفيرجن ميغا ستورز)، والآن لا يزال ناجحًا ويحصد عشرات الملايين من المشاهدات عن أعماله الحديثة.
- إليسا التي كانت تقارع عمرو في المبيعات واستطاعت أن تكون النجمة العربية الأكثر مبيعًا في الأسواق، لا تزال تتفوق على الجميع وتتصدر الإحصائيات.
- شيرين عبد الوهاب وكانت تنال أرقامًا جيدة في سوق المبيعات، والآن الملايين في رصيدها من المشاهدات.
- نانسي عجرم وحازت على جائزة (World Music Award) عن مبيعات ألبومها واحتلت مراكز متقدمة، والآن تحصد نجاحًا كبيرًا في مؤشر المشاهدات.
- تامر حسني الذي لمع اسمه وحقق مبيعات مرتفعة، نراه يحافظ على نجوميته في عالم السوشيال ميديا.
- أنغام بدأت في التسعينيات وواكبت عصر المشاهدات، وحقق ألبومها (حالة خاصة جدًا) أرقامًا غير مسبوقة.
- أصالة نصري التي لمعت في العصريْن، ولولا سقطاتها الشخصية وخلافاتها لكان الجميع احترمها على ما تحصده من أرقام عالية.
عبدالله بعلبكي – بيروت