المخرج اللبناني فيليب أسمر حقق هذا العام إنجازًا في مسلسل (خمسة ونص) بمواجهة كبار الخبراء في إخراج الدراما التلفزيونية عربيًا، واستحق هذا الانتصار وقد بدأ في سن الـ 22 أي في العام 2009 مع مسلسل (خطوة حب)، الذي لم يلقَ الصدى المطلوب ثم بدأ يكرس حضورَه بمسلسلات عربية لبنانية مثل (عشق النساء، يا ريت، ثورة الفلاحين، أم البنات، حدوتة حب، اتهام، أجيال، جذور، كازانوفا وغلطة عمري)
تفوق فيليب أسمر هذا العام على جميع مخرجي رمضان 2019، بدراماه الكاملة، وأهم ما يميزه عن زملائه جمالية الصورة أولاً، إذ لا يعمل على التقنيات فقط، بل على الشخوص الذين يخرجون من بين يديه لوحات نظيفة نقية، وهذا ما لا يهتم له مخرجو العرب.
ومن ميزاته، حسن فن القيادة وانتقاء العناصر الأساسية معه، هذا إذا فهمنا أن مهمة المخرج قيادة العمل الفني، لأنه المسؤول الأول عن كل المسلسل، وبكل عناصرِه ومن ألفهِ إلى يائه.
المخرج لا يصور، لكنه يقرر شكل اللقطة، ولا يمنتج، لكنه يشرف على حركة المقص، ولا يؤلف الموسيقى التصويرية، لكنه يقبلها أو يرفضها، والأهم أين يوظفها ومتى وكيف؟ ولا يبني الديكور لكن يقرره فيرضى عنه أو يرفضه، ولا يوزع الإضاءة لكن يقرر يف يريدها، لذا هو الربان الذي يقود كافة العناصر ويرافق كافة المراحل ويقرر غالبية العناصر الفنية، من اللقطات والزوايا والمؤثرات البصرية والصوتية، والتكوين العام، وحركة الكاميرا والمونتاج، وكل هذا الفريق الضخم ينتظر رضاه، لأن جميعهم يعمل وفقًا لرؤيته، ويدير الممثلين فإن لم يعجبه أداءً يوقف التصوير ويأمر بإعادة المشهد وهكذا يكون المخرج “ريس على الأبطال”.
فيليب اختار أفضل العناصر الفنية البشرية، ولا أعرف كم تدخل في عملية إدارة الممثل، في مسلسل (خمسة ونص) ليحضر بثقل الكبار وليكمل مشروعه كمخرج دراما تلفزيونية من القِمة.
حسب فيلمه (السيدة الثانية) مع جمال سنان وماغي بو غصن، بان متأثرًا بالسينما البوليودية، وبانت في (خمسة ونص) لمسات من سحر بوليود، في مشهد العرس مثلاً، لكنه تفوق على المناخ الهندي، بالإيقاع الشرقي الساحر وبروحه اللبنانية غير الملتصقة إلا بجمال لبنان الذي لا يشبه أي بقعة على الأرض إلا بعض المناطق من مدينة لوس أنجلس الأميركية في ولاية كاليفورنيا حيث هوليود.
أعتقد أننا ذات يوم سنقول هذه (مدرسة فيليب أسمر) في الإخراج، لأنه لا يقلد أي من المدارس المحلية المنسوخة عن العالمية، ولا أقول أنه يخترع البارود، لكنه ليس نسخة عن أحد، ولا يستعين بأساليب الموجودين على الساحة، وتأثرِه بالمدرسة الهوليودية واضحًا، ولو وُجد المنتج الكريم، فسيقدم مسلسلاً عربيًا هوليوديًا، ولا أحد سواه يتمتع بمثل هذا المزاج والعلم والرؤيا، هو الذي لم يغرق في المدارس القديمة، ولا يزال شابًا في الـ 32 سنة، ما يعني أنه مخرج الحاضر الرائع ومخرج المستقبل الكبير ولا أستبعد وصوله إلى العالمية!
نضال الأحمدية Nidal AlbAhmadieh