بعيدًا عن أراء السوشال ميديا، وبعيدًا عن آراء النقاد والمتابعين، والأراء الصحفية المتناقضة، لا بد من التأمل بواقع الدراما اللبنانية بعين مراقب متجرد من أي أحكام عبر مسلسل يحمل اسم عشرين عشرين
قد نرى قصة بسيطة بأحداثها، لكن حبكة مشوقة بمضمونها، ونرى إبداعًا تمثيليًا لم يسبق ورأيناه سابقًا في عمل لبناني درامي، شهدنا ذلك في السينما اللبنانية، وخاصة سينما نادين_لبكي.
الممثلون اللبنانيون في مسلسل عشرين عشرين كانوا تحت إدارة مخرج سينمائي، يمتلك حاسة فنية عالية، وثقافة بصرية، وثقافة تقنية، نهضت بأحساس وجنون الممثل اللبناني الغائب عن المشهد الدرامي العربي منذ سنين مضت.
الآن رأيناه يلعب لعبته دون أن يفكر هو أين من تصنيفات النجومية والألقاب. نسي بأدائه تحت عين فيليب أسمر، كل واقع الدراما ومشكلاتها وماضيها وحتى حاضرها، ليسطع جنونًا حسيًا وشاعريًا ويحرق باحترافه وعيشه اللحظة المقدسة تلك من الإبداع، بانسياب، دون أن ينظر لمستقبل قد يقرره أنصاف المنتجين، وتضغط عليه أموال المحطات.
فيليب فكر بذكاء بصياغة واقع جديد للدراما الرمضانية، وبفطرة قل مثيلها بالتركيز على الحالة الشعورية لكبار الفنانين الذين كانوا ينتظرون المنقذ اللبناني وليس فقط المال، ليخرج منهم المارد الذي انهكته الحروب والنزاعات وجعلت منه بارد المشاعر في الحياة الواقعية حتى، وهذا تم من خلال بصمة جديدة تأخذه بالأداء لأبعد ما كنا ننتظر، وتبرهن بأن الممثل اللبناني ليس شكلاً وحضورًا وحسب وأن واللهجة ليست عائقًا كما يدعون.
الممثل إحساس وتراكم معرفي، وهذا موجود عند أغلب ممثلي الدراما اللبنانية الآن.
عشقنا الأبطال دون أن نلتفت للشارة وبوستر العمل. صرنا أمام لوحة نعشق أحداثها وشخصياتها ونحاكيها في عقولنا ونتمنى أن نرى شخوصها حقيقة عند باب مطار بيروت الدولي.
إلى متى سنبقى غير مؤمنين بالإبداع الدرامي اللبناني؟
إلى متى سنستمر بأطلاق الأحكام دون التأمل بالمشهدية الرائعة؟
إلى متى سنسمح للمبدعين الحقيقيين بالهروب بعيدًا عن واقعهم وبيئتهم وحقهم بالتجربة في بلادهم؟
إلى متى سنصمت على رغبة المحطات التلفزيونية بالتحكم بالممثل اللبناني وإبعاده بحجة أنه لا يبيع؟
فكرت كثيرًا ماذا يميز اللبناني عن غيره. ووجدت أن اللبناني تمثيليا يدرك تماما إيقاع العمل ولا يبالغ في الإداء ينقل لك شعوره ومخزونه الداخلي بغمضة عين ورفعة حاجب، وبدمعة قد لا تسقط أرضا من عينه لكنه يرغمنا على إعازته أعيننا لتذرف دموعه.
كنان شقير – سوريا