توفي العملاق الكبير أبو بكر سالم بعد صراع مع المرض دام لسنوات عدّة، وخلال تلك الفترة لم يقدّم لنا معاناته، بل أطربنا بصوته وبأغانيه التي كانت تحاكي صميم قلوبنا، وهو من جعل الأغنية الخليجية قريبة من مسامعنا عبر كل أغانيه الذي أدّاها على مر سنوات طويلة.

أبو بكر لم يكن مطرباً عادياً بل مدرسة في الغناء الشرقي لا السعودي أو الخليجي وحسب، كل أغانيه كانت تذكرنا بالزمن الذهبي الجميل الذي فقدناه منذ زمن بعيد جداً، حتى وصلنا إلى زمن فقدنا فيه الكلمات الراقية، فضاعت هويتنا ما بين الألحان التركية المسروقة أو الكلمات المقتسبة. وأصبحت الأغنية لا تتعدى الـ 3 دقاق بعد أن كانت تصل في عهد العمالقة إلى نصف ساعة وأكثر.

أحسد أجدادي لأنهم كانوا يعيشون في زمن الطرب الأصيل، وفي زمن الأغاني التي تحمل معان مهمة ان كان في الحب والعشق والحروب والكره.

وبتنا نخسر يوماً بعد يوم العمالقة ولا يبقى سوى “فرافير” الغناء وهم الأغلبية المطلقة مع وجود بعض النجوم الذين لا يزالون يقدرون الطرب العربي.

أبو بكر سالم مدرسة الغناء الشرقي
العملاق الخليجي أبو بكر سالم

وكما قال المخرج اللبناني الكبير وصانع النجوم سيمون أسمر، اليوم في برنامج (ديو المشاهير) بأنه لم يعد للغناء قيمة بوجود الدخلاء ولا يمكننا اعطاء صفة المطرب إلى الجميع ولكنهم أقلية وعلينا أن نبحث عليهم بين كومة قش.

في العام 2010 غنّى أبو بكر أغنية (أحب الفراق) واليوم ودّعنا تاركاً وراءه ارثاً فنياً كبيراً لا يُمكن تجاهله، وإن كان الجيل الجديد لا يعرفه كثيراً لأنه انصاع وراء “أغاني آخر زمن” أو النجوم الذين دخلوا عالم السوشيال ميديا وأثروا على المتابعين بشكل سيء عبر أغانيهم التي تكرّر نفسها دائماً والتي تحمل كلاماً تافهاً فأصبحت أذن الجيل الجديد غير نظيفة وباتوا يتقبّلون أي أغنية مهما كانت متدنيّة.

ولمن لا يعرف أبو بكر سالم؟

وُلد أبو بكر العام 1939 في اليمن، في العشرينات من عمره كان مولعاً بالأدب والثقافة والإنشاد، لذا عمل معلماً للغة العربية لمدة قاربت 3 أعوام، ولأن الفن يسكنه ويجري منه مجرى الدم، حزم حقائبه واتجه إلى عدن التي تعتبر في الخمسينات من القرن الماضي، وجهة الفن والفنانين، حيث شهدت البث الحي لثاني إذاعة في الوطن العربي، وذلك في عام 1954 بعد إذاعة القاهرة، إضافة إلى أحد أهم الأسباب التي دفعت أبو بكر الفتى العشريني لاختيار عدن هو ازدهار الحركة الفنية والثقافية فيها.

حصل الفنان أبوبكر سالم خلال مسيرته الفنية على عدّة أوسمة وجوائز وتكريمات فنية، منها الكاسيت الذهبي من إحدى شركات التوزيع الألمانية، وجائزة منظمة (اليونسكو) كثاني أحسن صوت في العالم، ووسام الثقافة في العام 2003، وتذكار صنعاء عاصمة الثقافة العربية العام 2004، وقلده الرئيس علي عبد الله صالح، الذي قتل مؤخراً على يد الحوثيين، وسام الفنون من الدرجة الأولى في العام 1989، ومنحته جامعة حضرموت درجة الدكتوراه الفخرية العام 2003 بالإضافة إلى عدّة تكريمات وجوائز أخرى.

لأبو بكر الكثير من الأعمال الغنائية وأهمّها كانت أغنية (أحتفل بالجرح) وهي من ألحانه التي تنقل معاناة العشاق الذين افترقوا عن بعضهم البعض.

سارة العسراوي – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار