:كتب داني عبد الخالق التالي
بين ابن تيمية والقانون: فنجان قهوة مع قاضٍ أسترالي.
في أحد مقاهي ملبورن، جلستُ على فنجان قهوة مع صديق أسترالي يعمل في سلك القضاء. كعادتنا، دار الحديث عن شؤون الحياة، والاقتصاد، والسياسات العامة في أستراليا، ذلك البلد الذي بُنيت قوانينه على أساس احترام الكرامة الإنسانية، لا على الخوف من السلطة ولا على تمجيد رجال الدين.
وبينما كنت أتصفّح هاتفي، وقعت عيني على خبر مفاده أن الوزير اللبناني السابق “وئام وهاب” يواجه دعوى قضائية في لبنان بسبب تصريح انتقد فيه شيخ الإسلام “ابن تيمية”، أحد أكثر الشخصيات الدينية إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي، والمعروف بفتاويه المتطرفة في القتل والتكفير.
ابتسمت، وهززت رأسي،
سألني صديقي القاضي:
“ما الذي تقرأ؟”
أخبرته بالخبر، وسألني مباشرة:
“من هو ابن تيمية؟”
فشرحت له بعضاً من فكره، وتأثيره العميق في أدبيات الجماعات المتطرفة التي لم تكتفِ بقتل المختلف، بل شرّعت قتله باسم الله.
نظر إليّ صديقي بجدية وقال:
“لو كنت قاضياً في لبنان، لعلّقت المشنقة للقاضي الذي يجرؤ على قبول هذه القضية أصلاً.”
ضحكت… لكنها لم تكن ضحكة حقيقية.
كانت ضحكة حزينة، ممزوجة بخيبةٍ لا تُقال.
ففي بلدان مثل أستراليا، يُحاسَب المرء على أفعاله،
أما في بلداننا، فيُحاكَم على أفكاره… إن تجرّأ و مسّ “قداسة التراث”.
أخيراً أقول:
للأسف، بين دولة تحاكم الإرهابيين، ودولة تحاكم من انتقد ملهم الإرهابيين.
يفصلنا قرون… لا مسافات.
بعد قراءتي لهذه المقالة رحت ابحث عن ابن تيمية ويجب في هذه الحالة الذهاب الى المصريين وهم كثر الاسلام اعتدالا وفقهًا.. فوجدت مقالة في موقع الي،م السابع التابع للدولة المصرية وأجهزتها الأمنية يقول التالي نقلا عن القيادى الإخوانى المنشق والمفكر الإسلامى الدكتور ثروت الخرباوى:
“ابن تيمية.. الأب الروحى لشياطين الإرهاب” فإنه يمثل مرجعية كبرى بالنسبة لعموم المتطرفين، وقد تتلمذ على كتبه وأفكاره سيد قطب وأسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وأبو مصعب الزرقاوى وقتلة الرئيس الراحل السادات وشيوخ الجماعات السلفية مثل محمد حسان وأبو إسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب، وقادة وأعضاء تنظيمات الجهاد والقاعدة وداعش وأنصار بيت المقدس.
وعدد “الخرباوى” الفتاوى المتشددة للفقيه السلفى، حيث يرى أنه من يصلى الجمعة فقط يُقتل، من لا يصلى السنة الراتبة يُقتل، المعتقد بعدم وجوب الصلاة يُقتل، وإذا كنت فى دولة لا تطبق شريعة من شرائع الإسلام وفقًا لمنظور ابن تيمية وفقهه، كأن تكون قد سمحت ببيع الخمور لغير المسلمين مثلًا، أو الإقراض بالفائدة البنكية التى يرى البعض أنها ربا، أو لم تأخذ الجزية من غير المسلمين، فإنك يجب أن تُقاتل تلك الدولة.
كذلك يرى ابن تيمية أن قيام مجموعة من المسلمين بإقامة الحدود فى البلد الذى لا يطبق تلك الحدود هو من فرائض الإسلام، ولكنه يشترط لذلك ألا يعرض هؤلاء – منفذو الحدود- أنفسهم للخطر، فإن استطاعوا إقامة الحدود سرًا فبها ونعمت.
وبحسب الباحث محمد المحمود، يشيع في خطاب ابن تيمية، مقولة تكاد تكون ثيمة لخطابه الإفتائي: “يُسْتَتاب، فإن تاب؛ وإلا قُتِل”، مشيرا إلى أن جملة “يُسْتَتاب، فإن تاب؛ وإلا قُتِل” تتكرر كثيرا، حتى أحصى بعض الباحثين أكثر من 400 موضع تكررت فيه هذه الجملة نصا أو معنى. والغريب أنها تأتي في كثير من الأحيان في مسائل فرعية، كاستحلال أكل الحيات والعقارب، أو الجهر بالنية مع اعتقاد وجوبها، أو في مسائل لاهوتية تأويلية اختلفت فيها كثير من مذاهب الإسلام.
ويرى الباحثون أن بداية ظهور أثر ابن تيمية فى الأفكار المتشددة كان مع ظهور حركة محمد بن عبد الوهاب التى ظهرت فى القرن الثانى عشر الهجرى امتداداً لدعوة ابن تيمية، وقد تأثر محمد بن عبد الوهاب بابن تيمية تأثراً كبيراً وكان لابن عبد الوهاب، حيث بدأ فى تنفيذ الحدود بنفسه دون الرجوع لولىّ الأمر، مستعيناً بكثرة عدد أتباعه، فرجم الزانى والزانية، وقطع يد السارق، واقتص من القاتل، واستخدم القوة و”الجهاد” فى فرض دعوته على أبناء نجد، ثم باقى شبه الجزيرة العربية، فبدأ وأتباعه سلسلة حروب ضد المخالفين له أطلقوا عليها اسم الغزوات.
ووفقا للباحث هانى نسيرة فى مشاركته فى كتاب (بين السلفية وإرهاب التكفير.. أفكار فى التفسير) والتى جاءت تحت عنوان “فهم التراث ومشاكل الجهاديين: ابن تيمية والسلفية الجهادية نموذجا”، “فإن بداية تعرف الجهاديين إلى ابن تيمية كانت مصادفة، وليس تأسيسا عبر فتواه فى التتار وأهل ماردين، وهو ما يمكن التأريخ له حسب الرواية الأشهر بعام 1958 مع تأسيس أول مجموعة جهادية مصرية على يد شاب مصرى عشرينى يدعى نبيل البرعى سنة 1958، حين وجد على سور الأزبكية فى مصر كتيبا صغيرا يضم فتاوى جهادية لابن تيمية منها هذه الفتاوى، فرأى فى ابن تيمية جهاديا لا سلفيا فقط، كما ترى الدعوات السلفية التى كانت شائعة فى مصر حينها، وطار بها مؤسسا أولى هذه المجموعات، التى توالت وظلت مجموعات متفرقة لم تنتظم فى تنظيم واحد إلا مرتين، أولاهما سنة 1979 مع محمد عبد السلام فرج، وثانيهما مع أيمن الظواهرى وقيادته لتنظيم الجهاد منذ أواسط الثمانينيات حتى انضمامه إلى القاعدة سنة 1997”.
كما يحمل بعض الباحثين ابن تيمية المسئولية عن أفكار الجماعات الجهادية وممارساتها، فقد أشار أسامة بن لادن إلى ابن تيمية في بيانه الصادر سنة 1996 والذي أعلن فيه “الجهاد ضد الأمريكان” فقال: “المؤمنون الحقيقيون سيحرضون الأمة ضد أعدائها، تمامًا كما فعل أسلافهم العلماء مثل ابن تيمية”.