توفي الأسبوع الفائت عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ عن عمر يناهز 76 عاماً، وكان هوكينغ يعاني من مرض التصلب الجانبي الضموري Amyotrophic Lateral Sclerosis منذ كان في الحادية والعشرين من عمره.

لم يمنع هذا المرض، الذي أصابه بشلل تام، هوكينغ من أن يصبح أحد أعظم علماء الفيزياء المعاصرين وأن يتحدى التوقعات التي لم تكن تمنحه سوى بضع سنوات من الحياة بعد إصابته بهذا المرض العضال، إذ كان هوكينغ لا يستطيع التكلم إلا بواسطة جهاز كمبيوتر بصوت اصطناعي تحول إلى سمة مميزة له. ولازم هوكينغ كرسياً متحركاً معظم سنوات حياته ودفعه المرض إلى العمل بجد أكبر. لكنه أدى لانهيار زيجتيه كما كتب في مذكراته (تاريخي المختصر) التي صدرت عام 2013.

اقرأ: د. وليد ابودهن: احذروا البيدوفيليا اطفالنا بخطر

أنّ التصلّب الجانبي الضموري WR – ALS هو مرض خطير وقاتل يسبّب ضموراً في الجهاز العصبي المركزي سرعان ما يدمّر ويتلف الأعصاب الحركية والخلايا العصبية التي تتحكّم في حركة العضلات الارادية. إثر موت العصبونات الحركية العلوية والسفلية وتوقّفها عن نقل الرسائل العصبية إلى العضلات، تبدأ الإعاقة الحركية تدريجياً.

تظهر الإعاقة بادئ الأمر في ساق واحد ويصبح المشي أو الركض غير طبيعي ويتعثر المريض في القيام ببعض المهام بواسطة يده فلا يعود يستطيع الكتابة أو فتح القفل بالمفتاح.

وهناك بعض المرضى يعجزون على الكلام ويفقدون القدرة على التنفس والقدرة على البلع، مما يؤدي إلى وفاتهم بسبب توقف عملية التنفس. علماً أنّ مرض التصلب الجانبي الضموري يصيب الأشخاص ما بين سن 40 و70 عاماً، ويتدهور الإنسان بسبب المرض حتى يصل إلى الوفاة خلال 2 أو 5 سنوات.

اقرأ: د. وليد ابودهن: فوائد اعراض ومخاطر القيلولة

المرض عادة يبدأ بارتعاش العضلات، والضعف في الذراع أو الساق، أو مع ادغام التعبير «تلعثم الكلام».

وفي نهاية المطاف، فالمرض يؤثر على قدرتك على السيطرة على العضلات اللازمة للتحرك، والتحدث وتناول الطعام والتنفس.

يعرف مرض التصلب الجانبي الضموري، بأنه شكل من أشكال أمراض الأعصاب الحركية، ويوصف بأنه مرض قاتل وسريع الانتشار، ويسبب ضمور الجهاز العصبي بسبب ضمور الأعصاب الحركية والخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي التي تتحكم في حركة العضلات الإرادية.

اقرأ: د. وليد ابودهن: التأثيرات الايجابية للضحك

أسباب المرض:

تبدأ الأعراض في البداية فنجد الخلايا العصبية التي تتحكم في حركة العضلات تموت تدريجياً، لذلك تضعف العضلات تدريجياً وتبدأ في التلاشي، والأسباب غير معروفة على وجه الدقة، فهناك ما يعرف بالطفرة الجينية، وحيث يمكن للطفرات الوراثية المختلفة أن تؤدي إلى أشكال موروثة من المرض، والتي تظهر متطابقة تقريبا مع الأشكال غير الموروثة.

اقرأ: د. وليد ابودهن: التأثيرات الايجابية للضحك

كذلك عدم التوازن الكيميائي، فالناس الذين لديهم المرض عادة ما يكون لديهم مستوى أعلى من المستويات العادية من الجلوتامات، الرسول الكيميائي في الدماغ، حول الخلايا العصبية في سائلها الشوكي. ومن المعروف جداً أن الجلوتامات تكون سامة لبعض الخلايا العصبية.

أيضاً هناك أمر يتعلق باستجابة مناعية غير منظمة، ففي بعض الأحيان نظام الشخص المناعي يبدأ بمهاجمة بعض من الخلايا الطبيعية للجسم سواء في الرجل أو المرأة، والعلماء يتكهنون بأن هذا قد يؤدي لتحفيز العملية التي تؤدي إلى المرض، وأخيراً هناك أدلة على أن البروتينات التي يساء التعامل معها داخل الخلايا العصبية يمكن أن تؤدي إلى تراكم تدريجي لأشكال شاذة من هذه البروتينات في الخلايا، مما يسبب في نهاية المطاف موت الخلايا العصبية.

اقرأ: د. وليد ابودهن: ما هو انحلال الربيدات Rhabdomyolysis؟

أعراض المرض

يبدأ في كثير من الأحيان في القدمين واليدين أو الأطراف، ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. وبينما يتقدم المرض، فعضلاتك تزداد ضعفاً تدريجياً حتى تصبح مشلولة.

إنه يؤثر في نهاية المطاف على المضغ والبلع والتحدث والتنفس. فعندما تضعف العضلات تدريجياً، ولا تقوى على أداء مهامها، ويحدث بها «رعشات غير مرئية» بسبب فقد الإمداد العصبي، وأحياناً ضمور هذه العضلات. وقد يفقد المريض القدرة على بدء أو السيطرة على كل الحركات الإرادية، بينما العضلات العاصرة للأمعاء والمثانة والعضلات المسؤولة عن حركة العين عادة لكن ليس دائماً ما تنجوا من هذا التأثير.

الوظائف المعرفية والإدراكية عموماً لا تتأثر إلا في حالات معينة، عندما يرتبط هذا المرض مع خرف الفصل الأمامي الجانبي، حيث إن بعض التقارير أوضحت أن هناك تغيرات معرفية في كثير من المرضى ترى عند إخضاعهم لبعض اختبارات النفسية العصبية.

اقرأ: د. وليد ابودهن: نصائح للتخلص من رائحة الإبطين

كيف يتم التشخيص:

إن هناك علامات تأثر الأعصاب الحركية العليا والسفلى في طرف واحد يرجح بقوة وجود المرض.

لذلك يعتمد التشخيص في المقام الأول على الأعراض والعلامات وعدد من الاختبارات لاستبعاد الأمراض الأخرى، بعد دراسة التاريخ المرضى الكامل، وعادة ما يجرون فحص الأعصاب على فترات منتظمة لتقييم ما إذا كانت الأعراض مثل ضعف العضلات وضمور العضلات، والمبالغة في رد الفعل والشلل التشنجي تزداد سوءاً بشكل تدريجي.

ولأن أعراض هذا المرض تتشابه مع أعراض الكثير من الأمراض الأخرى التي يمكن معالجتها، لذلك يجب إجراء الفحوصات اللازمة لاستبعاد الأمراض الأخرى. وهناك رسم العضلات الكهربي، وعمل الرنين المغناطيسي، وبعض الاختبارات على عينات الدم والبول، بالإضافة إلى الفحوصات المخبرية الروتينية لاستبعاد احتمالية وجود الأمراض الأخرى.

اقرأ: د. وليد ابودهن: أسباب السمنة المفرطة لدى الأطفال

والتأكد من عدم وجود بعض الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية، فيروس سرطان الدم الذي يصيب الخلايا الليمفاوية تي، أو الزهري، أو فيروسات التهاب المخ المنقولة أو وجود علة ترتبط بالأعصاب الحركية متعدد النقط العصبي وضمور العضلات بسبب العمود الفقري.

مدى الانتشار

نسبة انتشاره ما بين شخص واحد إلى ثلاثة أشخاص من كل 100 ألف شخص، والغالبية العظمى من الحالات – من 90 إلى 95 في المئة – لا يعرف الأطباء حتى الآن أسباب حدوث المرض، وحوالي من 5 إلى 10 في المئة من حالات المرض هى حالات موروثة. إن الشباب يمكن أيضاً أن يصاب به، كما أن الرجال يتأثرون أكثر من النساء قليلاً. ومرض تصلب العضلات العائلي يمثل نحو 5% إلى 10% من مجموع الحالات المصابة وينتج عن عوامل وراثية. ومن المهم أن نذكر أن بعض المرضى الذين يعانون من هذا المرض قد يقف تقدم المرض عند حد معين مع المتابعة الجيدة.

اقرأ: د. وليد ابودهن: مزايا المشي الحافي

هذا النمط ينطبق بصفة خاصة على الشباب الذكور مع الغالب فيهم ضعف الأطرافهم العليا وخاصة على جانب واحد يسمى أحادي الطرف.

إن الأشخاص المصابين بمرض تصلب العضلات الجانبي لن يكونوا قادرين على الوقوف أو المشي، الاسترخاء في أو النهوض من السرير، أو استعمال اليدين والذراعين. في مراحل المتأخرة يعانى المرضى من صعوبة التنفس نتيجة لضعف عضلات الجهاز التنفسي.

على الرغم من أن التنفس الصناعي يمكن أن يخفف من مشاكل في التنفس وإطالة البقاء على قيد الحياة، فإنه لا يؤثر على تطور المرض.

معظم المرضى يموتون من فشل في التنفس، عادة في خلال ما بين 3 و5 سنوات من بداية ظهور الأعراض. على الرغم من ذلك ولكن، حوالي 10- 20 في المائة من هؤلاء الأفراد يبقون على قيد الحياة لمدة 10 سنوات أو أكثر.

اقرأ: د. وليد ابودهن: ما علاقة الفيتامينات بالجنس

الجهود العلمية والأسباب المحتملة

إن الجهود العلمية لم تقل كلمة الفصل في مسببات المرض على وجه اليقين، فليس هناك سبب محدد لمرض التصلب العضلي الجانبي، وبدايته ترتبط بعوامل عديدة منها ما هو فيروسي، أو التعرض لسم عصبي أو للمعادن الثقيلة، أو وجود عيوب في الحامض النووي، أو عيوب في جهاز المناعة، أو عوامل مهنية مثل ما يحدث للنخبة الرياضية، كذلك عيوب في الأنزيمات، أو العمليات الجراحية التي تشمل الحبل الشوكي يعتقد أن تلعب دوراً في ظهور المرض بسبب اضطراب عمل الألياف العصبية.

أما العوامل الوراثية، فتكون واضحة في النوع العائلي من المرض، إلا أنه لا يوجد أي عنصر وراثي واضح في 90 – 95% من الحالات والتي تشخص على أنها حالات فردية.

هناك خلل جيني موروث على الكروموسوم 21 موجود في حوالي 20% من الحالات العائلية للمرض وهذا التحور يعتقد أن يكون تحوراً قاهراً على الجين.

أما المرضى الذين يعانون النوع العائلي للمرض، أطفالهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض، بينما أقارب المرضى الذين أصيبوا بالنوع الفردي من المرض ليست لديهم عوامل خطورة لاكتساب لمرض أكثر من عموم الناس. وقد تبين في عدة دراسات، أن إضافة الأحماض الدهنية غير المشبعة للطعام تقلل من مخاطر الإصابة بالمرض.

د. وليد أبودهن

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار