لا شك في أن الإنسان يحتاج للنوم كحاجته للطعام والشراب، ورغم أن الإنسان يقضي نحو ثلث حياته نائمًا، إلا أن الأكثرية لا يعرفون الكثير عن النوم. هناك اعتقاد سائد أن النوم هو خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاج إليه الإنسان لتجديد نشاطه. والواقع المثبت علميًا خلاف ذلك تمامًا، حيث إنه يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة وليس كما يعتقد البعض. بل على العكس، فإن بعض الوظائف تكون أنشط خلال النوم، كما أن بعض الأمراض تحدث خلال النوم فقط وتختفي مع استيقاظ المريض.
النوم ليس فقدانًا للوعي أو غيبوبة وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، وتتم خلالها أنشطة معينة. عندما يكون الإنسان مستيقظًا فإن المخ يكون لديه نشاط كهربائي معين، ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط يتغير، ودراسة النوم تساعدنا على تحديد ذلك تحديدًا دقيقًا. فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منها دورها. فهناك المرحلتان الأولى والثانية، ويكون النوم خلالهما خفيفًا ويبدآن مع بداية النوم. بعد ذلك تبدأ المرحلتان الثالثة والرابعة، أو ما يعرف بالنوم العميق، وهاتان المرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، ونقص هاتين المرحلتين من النوم ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح والتعب والإجهاد خلال النهار. وبعد نحو التسعين دقيقة تبدأ مرحلة الأحلام أو ما يعرف بمرحلة حركة العينين السريعة، وتحدث الأحلام خلال هذه المرحلة، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه. والمرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة نوم كاملة. وخلال نوم الإنسان الطبيعي (6 إلى 8 ساعات) يمر الإنسان بنحو 4 إلى 6 دورات نوم كاملات.
ما عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان الطبيعي؟
هل سمعت من قبل أن معدل النوم الطبيعي 8 ساعات انس ذلك , يتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان الطبيعي تفاوتًا كبيرًا من شخص إلى آخر.
كان نابليون وأديسون من أصحاب النوم القصير. في حين أن العالم آينيشتين كان من أصحب النوم الطويل , بمعنى أن عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان إذا كان طبيعيًا ولا يعاني من أحد أمراض النوم لا تؤثر في إنتاجيته وإبداعه.
وخلاصة القول إن عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر , فالكثير يعتقدون أنهم يحتاجون إلى ثماني ساعات نوم يوميًا , وأنه كلما زادوا من ساعات النوم كان ذلك صحيًا أكثر , وهذا اعتقاد خاطئ .
هل تتغير الحاجة للنوم مع تقدم السن؟
مع نمو الأطفال فإن نومهم يتغير تدريجيًا.
ولكن ما إن يصل المرء إلى مرحلة البلوغ فإن عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الجسم لا تتغير مع تقدم العمر، لكن في المقابل فإن طبيعة وجودة النوم تتغير كلما تقدم بنا العمر، عند كبار السن يصبح النوم خفيفًا وأقل فاعلية وأقل راحة، ذلك كله رغم عدم تغير ساعات النوم .
هذا الجدول يبين متوسط حاجة الإنسان إلى النوم مع تقدم العمر:
الحاجة إلى النوم:
عمر ساعات
حديثي الولادة (0-2 أشهر) 12-18 ساعة
الرضع (3 أشهر إلى سنة 1) 14-15 ساعة
الأطفال الصغار (1-3 سنوات) 12-14 ساعة
مرحلة ما قبل المدرسة (3 إلى 5 سنوات) 11-13 ساعة
الأطفال في سن المدرسة (5-12 عاما). 10-11 ساعة
المراهقة وقبل المراهقة (12 إلى 18 عاما). 8.5- 10 ساعة
البالغين (18+) 7.5- 9 ساعة
عندما يبلغ الرجل نحو سن 50 سنة والسيدة نحو 60 سنة، فإن نسبة النوم العميق (المرحلتان الثالثة والرابعة) تكون قد وصلت عادة إلى نسبة بسيطة جدًا من وقت النوم، وعند البعض قد تختفي تمامًا. فتجد الأشخاص في هذه السن أسرع استيقاظًا نتيجة للضوضاء الخارجي مقارنة بصغار السن. فعلى الرغم من عدم التغيير الكبير في عدد ساعات النوم مع تقدم السن إلا أن طبيعة النوم تختلف، فيصبح النوم خفيفًا ومتقطعًا طوال الليل، وهذا أحد أسباب النعاس خلال النهار الذي يصيب الكثير من كبار السن.
كيف ننام بشكل جيد؟
وبالإضافة إلى الالتزام بقاعدة “لا هاتف في غرف النوم”، ثمة أمر آخر يجب أن نشير إليه، وهو التقسيم الصحيح لأنشطتنا داخل بيتنا، إن كانت هناك مساحة كافية طبعا. فيجدر بنا أن نعمل في المكتب، ونشاهد التلفاز في غرفة الجلوس، ونتناول الطعام في غرفة الطعام.. إلخ، فبهذه الطريقة، سوف نربط غرفة النوم بالنوم والراحة.
إن من ينامون في التوقيت نفسه دائما، حتى خلال نهاية الأسبوع والعطلة، يخلدون إلى النوم بسرعة وسهولة ويتمتعون بنوم هادئ. كما أن هدوء وعتمة غرفة النوم ودرجة الحرارة ما بين 15 و18 درجة مئوية مع وسادة وسرير مريح، من الأمور الضرورية والمساعدة جدا على التمتع بنوم هادئ وعميق، وبالتالي راحة الجسم.
أخيرا، إذا كنت تنام لمدة خمس ساعات فقط بالليل ( انا شخصيا تكفيني ٥ ساعات نوم فقط)، وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني أية مشكلة .
د.وليد أبودهن