طارق الشناوي – مصري- من الكتاب العرب القلائل الذين يكتبون لنفهم، لا ليستعرضوا عضلات حبرية.. في نصه متعة المعلومة الجديدة دائمًا، وأدبٌ رفيع حين يرغب بالهجوم، وهذه تعتبر من الأعمال الكتابية الشاقة في هذا الزمن وكل زمن.
في مقالته البارحة عن اضطهاد المصريين للموسيقار فريد الأطرش، تحدث بلطف بالغ عن سهو وقعت فيه الجهات المعنية حين رفعت صور أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ في إحدى صالات المطار المصري واستثنت السوري فريد الأطرش.
وفي السياق يعترف طارق لأنه ومن معه من المسؤولين يعانون من شوفينية وقد لا يكون غياب فريد الأطرش سهوًا بل مقصودًا لأنه ليس مصريًا بل سوريًا.
طارق في مقالته الشهية يقول ما معناه: أننا أمام مأساة حقيقية أو متكاملة الأركان لأن موسيقى الأطرش مصرية بنسبة 90 بالمائة.
وقال: لا أتصور عند تقييم المطربات المصريات، نغفل ولنفس السبب ذكر اسم وردة بحجة أنها جزائرية، وحتى الآن لايزال البعض يضيف لاسمها لقب (الجزائرية) وأعتبره نوعا من إعلان الامتنان للدولة الشقيقة، بينما وردة، كحالة فنية، إبداعها الفنى كله لمصر.
وحين حاول رفع العتب عنه وعن المصريين انهم عشاق فريد الأطرش بالحساسين، دون أين يذكر السوريين واتهمهم بمعاناتهم من الاتهامات المسبقة للإعلام المصرى بتحيزه لعبدالحليم.
ولأنني عاشقة لفريد فإني لست حساسة جدًا ولا سورية أبدًا لكني أشهد حقًا على شوفينية المصري (الشوفينية تعني: إفراط في الوطنية ينتهي إلى معاداة الدول والثقافات الأخرى). وكنت شاهدت جملة من البرامج التي أحيت ذكرى عبد الحليم حافظ مع جملة من الوجوه واستوقفني قبل عام أو أكثر الحماس الذي كان يدب في صوت لميس الحديدي لصالح عبد الحليم، حين كانت تروي حكاية بين عبد الحليم وفريد، وضمور صوت سمير صبري حين كان يذكر فريد الأطرش.
وكتب الزميل المبدع طارق الشناوي: لماذا التفرقة بين عملاقى الغناء العربى عبدالحليم المصرى ابن قرية (الحلوات) في الشرقية، وفريد السورى ابن جبل (الدروز) فى السويداء، مثلما حدث فى دار الأوبرا المصرية عندما وضعت تماثيل أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم فقط عند الافتتاح، قبل أكثر من ربع قرن، ولم نتنبه إلا قبل ثلاثة أعوام فقط، وأزيح الستار، فى احتفال رسمى، عن تمثال فريد حضره وزير الثقافة السابق حلمى النمنم، ود. إيناس عبدالدايم باعتبارها رئيسة دار الأوبرا، الخطأ وارد والتصحيح واجب! كانت وصية فريد الأطرش قبل رحيله بساعات قليلة أن يدفن فى أرض مصر، وعندما تجمعت عشيرته من الدروز أمام المستشفى اللبنانى الذى توفى فيه يوم 26 ديسمبر 1974 لكى يدفنوه فى مسقط رأسه طبقا للطقوس الدرزية، قال لهم شقيقه الكبير فؤاد الأطرش إذا كنتم تحبون فريد فيجب أن تساعدونى على تنفيذ وصيته، وهى أن يدفن فى تراب مصر وطبقا لطقوسها، فكيف ينكر مطار القاهرة عليه مصريته؟!
ولطارق البارع الذي تمشى بين كلمات تكاد تنفجر بالعنصرية إن أخطأ بحرف، له أقول:
فريد ظلمتموه على المستوى الرسمي والأكاديمي فقط، ورغم أنه من أهل القربى (درزي) لكني لا استمع له، ولا يخطر ببالي، ولا يشكل جزءًا من وجداني، مقارنةً بأم كلثوم وعبد الحليم، وأساويه بمحمد عبد الوهاب الذي تقدسونه، ولا أرى فيه سوى مهندس موسيقي بلا روح! إلا في ما ندر من الأعمال التي “روحنتها” وردة وغيرها.
نضال الأحمدية – بيروت