كلّما حقّق أي برنامج بجودةٍ عاليّة نجاحًا كبيرًا، عادت الآمال للتلفزيون الذي يشكّل إحدى المؤشرات، التي تدلّ على المستوى الحضاري والثقافي للمجتمعات.
حتّى تُستعاد الثقة به، بظلّ ما نشاهده عبره، من برامجٍ أُخرى لا تغري العيّن، بمضامينٍ تافهة لا تفيد المشاهد ولا تثقّف عقله ولا ترفّه عنه.
هذا ما يفعله الإعلامي الكبير طوني_خليفة، الذي يثبت دائمًا تفوّقًا غير محدودٍ، على معظم من يلقّبون أنفسهم بالإعلاميين هذه الأيام، حسب تصنيفات ما عدنا نعرف أصولها ولا معاييرها!
إقرأ: الإعلامي المُخضرم طوني خليفة يعود إلى (LBC) بعد ١٣ عامًا!
(سؤال محرج) برنامج لطوني يستضيف عبره عددًا من مشاهير السياسة في لبنان، يطرح عليهم أسئلة محرجة، يضعهم أمام خيارات صعبة، ويخرج منهم الكثير من المواقف اللافتة.
بأسلوبِه الراقي المُعتاد لكنّ الجريء والأكثر تقبّلًا للضيف وإحراجًا له بآنٍ معًا، جعلني أتابعُ الحلقات بتواترٍ دون انقطاع عبر (اليوتيوب)، دون أن يغزوني الضجر، أو يمرّر لي طاقات سلبيّة تزعجني، كما يفعل الكثير من أبناء حقله.
علمًا أنّ (سؤال محرج) يُعرض على قناة (صوت بيروت انترناشينول) أسبوعيًا، وعلى شاشة (أل بي سي).
يحصد طوني نسبةً مُرتفعة من المشاهدات، دون أن يلجأ لسياسات الاعتداء على ضيوفه، أو ممارسة التجريح الشخصي بحقهم، دون التطفل على خصوصياتهم، أو رميهم دون رحمة في مستنقع الاتهامات.
إقرأ: هكذا يعتدي طوني خليفة على نضال الأحمدية – فيديو
يعي كيفية إخراج الأجوبة منهم بدهاءٍ وحرفيّةٍ لإعلامي تألّق منذ ظهوره الأول، وازداد وهجه كلّما أضافتْ السنوات لرصيده المزيد من الخبرات.
ما يجعل طوني متفرّدًا عن رفاقِه، سلسلة من العوامل التي يمكن دراستها عنه كإعلامي ينتمي للصفوف الأولى، وبشكلٍ دقيق، منها:
- رصانته وهدؤه اللذان يجعلانه الأكثر اتزانًا في الحقل الإعلامي، ولا يحوّلانه لمقدّمٍ يشعر مشاهديه بالرتابة، لأنّه يمارس سياسة التصعيد والتخفيف، أي يتنقل بتخطيطٍ، بين مستوى أعلى وأقل إثارةٍ أثناء تقديمه الفقرات.
- يتواصل بشكل حرفي مع المشاهدين، ونظراته نحو الكاميرا تظهر مدى قدرته على جذب أنظارهم لما يقوله.
- إتقانه إدارة أضخم الحلقات وأطولها لوحده، دون حاجته لمعينٍ.
- كيفية سيطرته على لغة جسده، التي غالبًا ما تتسّمُ بالانضباط، فلا يحرّك يديه كثيرًا أو يعتمد التغيير المفاجئ والسريع، بحركةِ جسمه أو تعابير وجهه، جاعلًا عنصر اندماج المشاهد ثابتًا طوال ظهوره على الشاشة.
- براعته بتقديّم سلسلة متنوّعة من البرامج مهما كانت تفرّعاتها: فنيّة، اجتماعيّة، اقتصاديّة، سياسيّة وغيرها..
- استمراريته، وثبات أسهمه في السوق الإعلامي، وقلّة سقطاته، وذكاء اختياراته.
- إدارته لبرامج الـ(Hard Talks) بإتقانٍ قلّ نظيره، لا بل أعدُّه سيّدها الأول دون منازع، مذ ما كان يُقدّم (زمن الأخوان) في مصر، وصولًا إلى (موقف محرج) اليوم الذي يشكّل عارمةً فارقة بمسيرته، كما في ميدان التلفزيون ككلّ.
عبدالله بعلبكي – بيروت